الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أعاني من القلق، فكيف أتعامل معه؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله
أشكركم على ما تقدمونه في هذا الموقع، جزاكم الله كل خير.

أنا شاب أبلغ من العمر 24 عاماً، أعزب، مشكلتي أني أعاني من القلق والتوتر عند مواجهة مشكلة في الحياة وأعاني من تضخيم الأمور والتفكير الكثير في الأحداث التي لم تقع بعد، مما يؤثر على شعوري بطعم السعادة.

أعاني أيضاً من ضعف الشخصية، وقلة تقدير الذات، والخجل الشديد مما يسبب في ضياعي حقوقي.

كلما واجهتني مشكلة توترت وسيطر علي القلق حتى أني أبكي وأتمنى الموت والتفكير في الانتحار.

عندما تحل يذهب عني ما أحس به من القلق، والإحساس بالحزن يصاحبني كثيراً في الفترة الصباحية بعد الاستيقاظ، وهذا ما يسبب لي فقدان للحافزية نحو العمل والقيام بواجباتي.

أرجو منكم أن تدلوني على علاج يكون في طاقتي علماً أني لا أستطيع الآن زيارة طبيب مختص ولدي تخوف من الأدوية.

أرجو إن كان هناك أعشاب أو أطعمة تفي بالغرض أن تدلوني عليها جزاكم الله خيراً.

أنا بعمر ٢٤ سنة، مشكلتي أني عندما أواجه مشكلة في حياتي أصاب بقلق وتوتر يمنعني من التفكير في حلها، وأفقد الحافز وتسيطر علي الأفكار السلبية التشاؤمية، وأفقد الأمل، وقد كان هذا ملازماً لي أيام الدراسة الجامعية، وأنا الآن أشتغل مدرساً وهذا مجال مليء بالضغوطات والمشاكل وكلما وقعت لي مشكلة وإن بدت لغيري بسيطة أصبت بالقلق وذهبت عني شهية الأكل وأخذت في البكاء، وتمنيت الموت وربما راودتني أفكار انتحارية.

كما أني أعاني من الخجل وربما ظلمت وذهب حقي فأسكت خجلاً، ولا أستطيع المطالبة به، والذي أرجو منكم أن تدلوني علاج يقيني من كثرة التفكير وتضخيم المشاكل والقلق.

علماً بأن زيارة الطبيب ليست متيسرة لي حالياً، وإن كانت هناك أطعمة أو أعشاب قد تفي بالغرض فدلوني عليها جزاكم الله خيراً، أنا أمر بظروف عصيبة.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عبد الرحمن حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أرحب بك في الشبكة الإسلامية.

من الواضح أنه لديك قلق عام، وهذا القلق مثَّل طاقة سلبية كبيرة لديك، جعلك دائمًا تُفكّر بصورة تشاؤمية، وهذا قطعًا أنساك إيجابياتك في الحياة والأشياء الطيبة والجميلة التي كان من المفترض أن تستمتع بها وأنت في هذا العمر الجميل، أنت في بدايات الشباب، والله تعالى حباك بالطاقات والمقدرات الكبيرة التي يجب أن توظفها توظيفًا إيجابيًا.

أيها الفاضل الكريم: أول ما أنصحك به هو أن تُغيّر مفاهيمك حول نفسك، ولا تجعل هذه الصورة السلبية تتمكّن منك لدرجة الإعاقة النفسية. أنت لديك طاقات، أنت يمكن أن تُغيّر نفسك، أن تغير طريقة تفكيرك، نظّم وقتك، ضع لنفسك مشاريع في الحياة، طوّر نفسك مهنيًا، احرص على القيام بالواجبات الاجتماعية، عليك بالالتزام بالصلاة في وقتها والدعاء والأذكار وتلاوة القرآن، مارس الرياضة، الرياضة مهمّة جدًّا، رفّه عن نفسك بالأشياء الطيبة والجميلة.

إذًا أنت مطالب بالنظرة الإيجابية والشعور الإيجابي والأفعال الإيجابية، هذه هي المتطلبات الثلاثة التي سوف تنقلك نقلة ممتازة جدًّا، وتوصد باب السلبيات هذا إلى الأبد إن شاء الله تعالى.

أحزنني كثيرًا قولك والتفكير في الانتحار، لماذا الانتحار؟ الانتحار شقاء ما بعده شقاء، الانتحار خلود في النار، لماذا يتمنى الإنسان الموت؟ المسلم لا يتمنى الموت لضرٍّ أصابه، إنما يصبر ويحتسب ويسأل الله أن يصلح دنياه التي فيها معاشه، ويصلح آخرته التي إليها معاده، ويصلح دينه الذي هو عصمة أمره، ويُصلح شأنه كله.

أستغربُ تمامًا، أنت رجلٌ في هذا العمر وفي هذا السن، وأنت رجل مسلم، ولديك طاقات، ما الذي يجعلك تفكّر بهذه الكيفية؟ تفكير في الموت وتفكير في الانتحار؟! الموت أصلاً قادم ولا شك في ذلك، لكن الإنسان دائمًا يعيش حياته بقوة وبأمل وبرجاء، ويسأل الله تعالى حسن الخاتمة.

حقيقة التفكير السلبي هو إشكاليتك الأساسية، لا تُقدم أبدًا على مثل هذه الخطيئة أبدًا، ولو تكالبت عليك الهموم والمشاكل، وإذا جاءك هذا التفكير – التفكير في الانتحار – استعذ بالله تعالى، واستعن به وتوكل عليه، لأن من توكل على الله فهو حسبه، واسأله العون (اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك، اللهم أعني على هذه الحياة، اللهم أني اجعل خير عمري آخره، وخير عملي خواتمه، وخير أيامي يوم ألقاك فيه، واجعل الحياة زيادة في كل خير، واجعل الموت راحة لي من كل شر، اللهم أسألك عشية هنية وميتة سوية ومردًا خير مخزٍ ولا فاضح)، هذا هو الذي تحتاجه.

بالنسبة للعلاج الدوائي: أنا أعتقد أنك أصلاً لا تحتاج لأدوية كثيرة. الأدوية العُشبية لا أعتقد أنها تفيدك، وفعاليتها مشكوك فيها، يمكن أن تجرِّب دواء عُشبي يُسمَى (عشبة عصبة القلب) أو (عشبة القديس جون)، يمكن أن تبدأ في تناولها بجرعة مائة وخمسة وثمانين مليجرامًا، (حبة واحدة) يوميًا لمدة ثلاثة أشهر، ثم تتوقف عن تناولها، هي طيبة وممتازة، بعض الناس يستفيدون منها، والبعض لا يرى أنها ذات فعالية.

إذا لم تستفد منها بعد شهر أعتقد أنه يجب أن تتوقف منها، أمَّا إذا تحسّنت عليها فاستمر في تناولها حتى ثلاثة أشهر، وفي حالة عدم التحسُّن – كما ذكرتُ لك – توقف منها واستبدلها بدواء طبي، أفضل عقار أراه جيدًا بالنسبة لك هو الدواء الذي يُسمَّى تجاريًا (دوجماتيل) واسمه العلمي (سولبرايد)، دواء بسيط جدًّا، ورخيص الثمن، وجيد الفعالية، وقليل الآثار الجانبية، ولا يُسبب الإدمان.

جرعة الدوجماتيل هي: تبدأ بخمسين مليجرامًا صباحًا ومساءً، وهذه هي الجرعة الكلية التي تحتاجها، تستمر عليها لمدة شهر، ثم تجعلها خمسين مليجرامًا صباحًا لمدة شهرين، ثم تتوقف عن تناول الدواء.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً