الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

زوجي يسيء لي ويضربني، فكيف أتعامل معه؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أنا فتاة متزوجة، عمري 24 سنة، عندي طفل واحد، وحامل بطفل آخر، مشكلتي هي أن زوجي لا يحترمني، ودائما ما يحاول انتقادي، والتقليل من شأني أمام أمه وأخته، أشعر بالسعادة مع ابني، ولكن عند عودته إلى المنزل يتحول كل شيء إلى نكد وبكاء، فهو عصبي على أتفه الأمور، ومزاجي، أحاول التقرب منه والتماشي معه، وأن ألتزم الصمت، ولكني أتعب من داخلي، وأستمر بالبكاء كثيرا، لأنه يتحول إلى مجنون، ويحاول ضربي، وأنا أخاف على طفلي، كيف سأستمر معه وهو كذلك؟

كان في بداية زواجي يضربني، وأذهب إلى أهلي ولكن دون جدوى، الآن يضربني ولكن ليس كالسابق، فأنا أتجنبه كثيرا، وأحاول أن أتفاهم معه، ولكن هو دائما يرى نفسه على حق وأن المشكلة بي.

أحيانا أفكر بالطلاق والابتعاد عن جو البكاء، ولكن أنا لست قوية، لدرجة أني أتخيل أطفالي بدون والدهم أو بدوني، ماذا أفعل؟ وما هو الأفضل للأطفال في جو لا يوجد فيه احترام ولا حب؟

شكرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أم عبد الله حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أهلاً وسهلاً بك.

بداية: أنا أقدر المعاناة التي تعيشين بها، وكم هو مؤلم أن تتعرض الزوجة إلى العنف الجسدي والنفسي؛ فالمرأة بطبيعتها مشاعرها جياشة، ودموعها سخية، بخلاف الرجل الذي تسبقه خشونته وجفاء الكلام، وهدفي من جوابي على استشارتك هو أن أنصحك وأرشدك إلى التصرف الصحيح، وأن لا تجعلي هذا العيب الذي يعاني منه زوجك يفقدك أجر الصبر على البلاء، وعليك أن تتذكري إيجابيات زوجك الذي لم تخبرينا عنها، فمن المؤكد أن لديه محاسن كثيرة، ولكنك غفلت عن ذكرها بسبب ما تعانين من إهانات وصراخ وضرب وعصبية زوجك.

هل تعلمين يا غاليتي أنّ بعد الزواج تتكشف اختلاف الطبائع والأمزجة بين الزوجين وخاصة في السنوات الخمس الأولى من الزواج، ونجاح الزواج يقع على عاتق الزوجين، ومن الضروري أن يعلما أن التنازل عن بعض الطباع لكسب مزيد من التآلف والانسجام، وإلا لن يستطيع قطار العمر أن يعبر بالزوجين للوصول إلى محطة الاستراحة الزوجية السعيدة.

ومما يبدو لي أنَّ زوجك إنسان متقلب المزاج وجاف عاطفيًا بطبعه وهذا يعود سببه نتيجة البيئة التي تربى فيها والمسؤولية الواقعة على عاتقه، ربما يعاقبك عند عودته من العمل بسبب كلمات تطلقيها في لحظات الغضب وربما تمس رجولته.. وأنا هنا لا أجد له عذرًا أو مبررًا لهذا الفعل المكروه شرعًا، ولكني أحاول أن أشير عليك لبعض المسببات التي تخرجه عن طوعه؛ لتراجعي نفسك وتحاولي التخفيف منها.

وهل هذه العصبية في التعامل معك وحدك، أم هو مع أهله ومعارفه هكذا؟! وإذا كان عصبيًا معك؛ فمن المؤكد أنك بعد هذه السنوات من الزواج عرفت ما الذي يغضبه وما الذي يرضيه.

نصيحتي لك -أيتها العزيزة- في نقاط واضحة، وأرجو أن تعملي بها من أجل استكمال مشروع العمر مع زوجك وشريك عمرك:
- أن ترضي بما قسم الله لك، وتشكري نعمته بما أنعم عليك من نعم: زوج وولد، وحمل مبارك، جعله الله قرة عين والديه.

- ابدئي من الآن بالحوار الإيجابي معه واجلسي معه جلسة هادئة، واختاري الوقت المناسب، وأخبريه أن معاملته لك تؤثر سلباُ عليك وعلى صحتك الجسدية والنفسية، واسأليه ماذا يحب وما لا يحب فيك من تصرفات.

-وابتعدي عن أسلوب اللوم والنقد الجارح، ولا تذكريه بأخطائه وعيوبه، بل أظهري له الاحترام في بيته وأمام أهله والناس، ونصيحتي لك هي: ترميم ما انكسر بينك وبين زوجك، وتجنبي أي حوار قد يثير الخلاف ويشعل الغضب.

-اجعلي حوارك مع زوجك حوارًا عاطفيًا يسوده الكلام المؤثر على القلب والروح والعقل، وكوني قريبة منه، وأشبعيه حبًا ومعاشرة، ودعيه يشعر بحبك له، وكيف تكون السعادة الزوجية التي تترجمها العلاقة الجنسية من حين إلى آخر، ويُعتبر عدم الإشباع الجنسي سبب سوء الحياة الزوجية، والأصل المخفي وراء العديد من المشاكل الزوجية والخلافات، والحقوق والواجبات لكلا الزوجين، وما لهم وما عليهم.

-عليك أن تتغيري حتى يتغير زوجك، ولا عيب ولا حرج إن بدأت أنت في الإصلاح والصلح مع زوجك، وكل هذا من أجل الحفاظ على بيتك وحياتك الزوجية، ولتكن صفحة جديدة لكما معًا كي لا تبقى المعاناة بينكما إلى ما لا نهاية وتحرمين نفسك من التمتع بحياة زوجية طبيعية، وهو كذلك الأمر؛ مما ينعكس سلبًا على نفسية طفلك ومستقلبه.

-وإن كرهت من زوجك خلقًا فاصبري، وابحثي عن الشيء الإيجابي لديه؛ فالرجل يكون سعيدًا عندما تخبره زوجته بأنّه إنسان مهم في حياتها وأنّها بحاجة إليه، واسترجعي معه الذكريات الجميلة التي مرت بينكما؛ فهذه الأمور تليّن القلوب مهما كانت جافة وقاسية؛ فبالنهاية هو رجل ويحتاج إلى الحنان.

-اقتربي من أهل زوجك، وأكرميهم بالكلمة الطيبة إكرامًا لزوجك؛ لأنَّ جفاء أهله يولّد المشاكل التي تهدد حياتك الزوجية؛ فالمرأة الذكية تظهر حبها واحترامها لزوجها من خلال تقديرها لأهل زوجها.

-حافظي على مملكتك الزوجية، وبادري بالتعامل الإيجابي، وثقي أنك سوف تصلين إلى نتيجة ممتازة مع زوجك في المستقبل القريب -إن شاء الله تعالى ،الصبر ثم الصبر على البلاء، ثم الدعاء أن يصلح الله حال زوجك، وأن تستقيم أخلاقه، وأن يعم الاحترام بينك وبينه. يقول الباري: (وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان...).

-أعود وأوصيك: فكري بطفلك، وانشغلي به، ولا تثقلي على نفسك أكثر مما تحتمل، ولا تحزني كثيرًا؛ حتى لا تصابي بالإحباط والاكتئاب، فأنت أم حامل ومسؤولة عن طفل، وهو في سن بحاجة إليك، واستعيني بكثرة العبادة، والزمي الاستغفار، وثقي بأن الفرج قريب بإذن الله تعالى.

-اهتمي بنفسك وبصحتك وبنظامك الغذائي، فهذه الأمور من شأنها أنّ تؤثر سلباً على صحة الحمل والجنين..تذكري أن الجنين أمانة في رحم الأم.

وإن تغير أسلوبك معه ولم يتوقف عن ممارسة العنف ضدك لا مانع من أن تتوسطي من خلال أحد محارمك، وأن تخبري قصتك لإمام المسجد في منطقتكم، وهو بدوره يتحدث إلى زوجك وبطريقته الخاصة ويخبره عن حقوق الزوجة الشرعية.

وفقك الله لكل خير، وأسعدك في الدارين.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً