الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أخشى أن أفقد نفسي من الوسواس، أرجوكم دلوني على طريق العلاج.

السؤال

السلام عليكم.

والله إني لفي ضيق شديد، إن قلت قولا حسنا شككت فيه، وإن عملت عملا حسنا شككت فيه ونادرا ما أحس بالأمان، وإن أحسست به فسرعان ما يتبخر هذا الشعور.

أصبحت أشك في نيتي، وأدقق في أقوالي، وأفعالي، وإيماني، وكلما دققت أخاف أن أجد شيئا خطيرا في نفسي، علما أني كما ذكرت سابقا في الاستشارة رقم: (2448225) شخصية عصبية جدا ووسواسية شديدة، وشديدة التفكير، وكثيرة الخواطر والهواجس لأتفه الأشياء، عندما أسمع كلمات طائشة أو بالصدفة كمنافق أو نفاق، أو مخادع، أو كذاب أشعر كأنها موجهة لي، وأشك أنها صدفة، والكارثة أني في صراع شديد مع تلك الخواطر لكي لا أصدق ذلك وأمضي، ولكن أمضي مجروحا، وأحس بوخز صريح في قلبي (عضوي)، ويضيق علي صدري ضيقا شديدا، وأحس بنبض في مخي، وأتوتر توتر شديد، وأحس كأن جوفي فارغا، ومشاعري باردة ومبخرة، وهذا يقلقني ويجعلني في حالة فزع وعصبية شديدان يفسدان علي نهاري كله وليلي.

تلك الخواطر قوية جدا، وتأتيني في عدة مناحي (دينية وعقدية، شخصية، اجتماعية، الخ...) وخصوصا تلك المتعلقة بي كمسلم مؤمن)، أصبحت في حالة أرق يرثى لها، وإن نمت، فإني أنام نوما متقطعا وليس بالجيد، أصبحت أخاف أن أفقد نفسي وأفقد ما يميزني كمسلم مؤمن، والخطير أنه في ظل هذا كله، شهوتي لا تتركني ونفسي تحدثني بما لا يليق مما يزيد في الطين بلة، وأقول: هل هذا نابع مني أم هو مجرد وسواس؟ وإن كان مني فهل أنا مؤاخذ عليه؟ وأريد حقا الخلاص من هذا الشر، فهل هناك حل جذري بلا دواء كميائي؟

وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أيوب حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أرحب بك في الشبكة الإسلامية.

قد اطلعت على رسالتك بكل تفاصيلها، وحقيقة أتعاطف معك جدًّا، لأني أعرف الآلام التي يمكن أن يُسقطها الوسواس على الإنسان، وقد قمنا بالإجابة على استشارتك التي رقمها (2448225) وذلك بتاريخ 11 من هذا الشهر، أي قبل عشرة أيام، وقد تفضّل الشيخ أحمد الفودعي – حفظه الله – بإفادتك بجانب مما ذكرتُه لك.

أنا حقيقة أودًّ أن أقول لك بوضوح وبصراحة أن حالتك لن تتحسَّن تحسُّنًا معقولاً بدون تناول الأدوية، هذه الحدة الوسواسية والهيمنة الوسواسية ناتجة من الفورة الكيميائية الداخلية، مادة السيروتونين من الواضح أنها لديك في وضعٍ غير متوازن، وهذه المواد لا يمكن أن تُقاس في أثناء الحياة، فالتطبيقات السلوكية سوف تفيدك، لكن أعتقد أنك لن تستطيع أن تُطبق التعليمات السلوكية الإرشادية وتحقّر الوسواس دون أن يحدث شيئًا من الهدوء الداخلي في نفسك، وهذا يتم عن طريق الدواء.

هذا هو الذي أنصحك به – أيها الفاضل الكريم – وأنا حقيقة أفضّل وأحبِّذ أن تذهب الآن وتقابل طبيبًا نفسيًّا، أنت محتاج للعلاج، والعلاج موجود، فأنا من وجهة نظري أن العلاج في حالتك يظهر لدرجة الواجب، أنت مكلَّفٌ به، لأن الحكمة ضالة المؤمن، وما جعل الله من داءٍ إلَّا جعل له دواء، والأمر بالتداوي دلت عليه النصوص الشرعية، منها قوله صلى الله عليه وسلم: (فتداووا عباد الله)، والدواء علمه من علمه وجهله من جهله، ومَن دُلَّ عليه فقد علمه، ومن ترك التداوي والدواء فقد جهله، وها نحن ننصحك – أخي الكريم – وندلّك على الدواء، ونؤكد لك أن العلاج متوفر والعلاج المناسب لحالتك هو في الدواء، لكن العلاج يجب ألَّا يكون على الطريقة التي تُريدها أنت، اترك الأمر للخبير، اترك الأمر للطبيب، {يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم}، وولي الأمر إذا كان طبيبًا ثقة فيجب أن تأخذ بما يقوله لك أيها الفاضل الكريم.

أنا لا أريد أن تحاور الوسواس حتى يصرعك، لا، الوسواس مرض خبيث جدًّا، يقنع صاحبه حتى لوسيلة علاجية معينة ويجعله يتجنب الوسائل الفعّالة. فخذها مني، واذهب إلى الطبيب، وأسأل الله تعالى أن ييسر أمرك، وبارك الله فيك.

وبخصوص سؤالك عن المحاسبة على الوساوس راجع: (2170974 - 2216664 - 2306102 - 2132287).

وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً