الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيف أعالج مشكلة الكسل والبعد عن الله؟

السؤال

السلام عليكم.

أعاني منذ فترة من القلق، خاصة صباحا عند الاستيقاظ من النوم، أشعر بضيق في الصدر وقلق، ويختفي عند انشغالي بمهام البيت والأبناء.

وأعاني طول اليوم من الكسل، وعدم الرغبة في عمل أي شيء مفيد، وأقضي أغلب وقتي مع وسائل التواصل الاجتماعي، وكنت ملتزمة بالأذكار وقراءة القرآن، ولكن الفترة الأخيرة بدأت أنساها، فكيف أرجع إلى ربي مرة أخرى؟ وما علاج القلق والكسل؟

أحيانا أبكي على أتفه الأسباب، وأريد أن أستفيد من وقتي في التقرب إلى الله تعالى، خاصة أني لست عاملة، وأفكر أن أستثمر وقتي في حفظ القرآن، ولكن كلما قررت فعل شيء من هذا القبيل، شعرت بكسل وفتور، فلا أنفذ شيئا مما أريد، أرجو الرد، والدعاء لي بالثبات وصلاح الحال.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ آية حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نسأل الله لك العافية والشفاء والتوفيق والسداد، وأشكرك على الثقة في إسلام ويب.

(اللهم إني أعوذ بك من الهمِّ والحزن، والعجز والكسل، والجبن والبخل، وأعوذ بك من غلبة الدين وقهر الرجال) هذا – يا أختي الكريمة – من الأذكار ومن أدعية النبي -صلى الله عليه وسلم- العظيمة التي تُفرج الهم -بإذن الله- والتي يجب أن تتدبَّريها وتسألي الله تعالى أن يعينك، وتجتهدي في بقية الأذكار، وقطعًا الصلاة في وقتها، والورد القرآني.

موضوع افتقاد الدافعية ونقص الطاقات النفسية والوجدانية والجسدية له أسباب كثيرة، نحن نحرص تمامًا أن تكون الرعاية الطبية متكاملة، ففي حالتك هذه أنا أنصحك بأن تجري بعض الفحوصات الطبية، لا أعتقد أنه لديك علّة رئيسية جسدية، لكن نعرف أن فقر الدم مثلاً – ضعف الدم – قد يؤدي إلى نوع من الشعور بالإجهاد النفسي والجسدي الشديد، ضُعف إفراز الغدة الدرقية أيضًا معروف بأنه يؤدي إلى الكسل، وإلى الاكتئاب، وإلى الشعور بالإحباط، وافتقاد الطاقات، نقص الفيتامينات، مثل: فيتامين (د)، وفيتامين (ب12)، أيضًا قد يؤدي إلى مثل هذه الظواهر.

فيا أيتها الفاضلة الكريمة: أوّل خطوة طبية سليمة صحيحة هو أن تجري هذه الفحوصات العامة، اذهبي إلى طبيب الأسرة – إلى طبيب عمومي، إلى طبيب الباطنة – ودائمًا هذه الفحوصات الدورية مفيدة للإنسان، مرة كل ستة أشهر مثلاً، أو كل أربعة أشهر، غير مكلِّفة، وفي ذات الوقت تُفيد الإنسان كثيرًا.

فإذًا أرجو أن تتأكدي من وضعك الصحي الجسدي، بعد ذلك نفكّر في الحالات النفسية، وبالفعل الاكتئاب النفسي يعطي نفس هذه الصورة الإكلينيكية التي وصفتِها، والنساء في مثل عمرك قد يظهر عندهنَّ الاكتئاب، فإن كان بالإمكان أيضًا أن تزوري طبيبًا نفسيًا فهذا أمر جيد، وإن لم يكن ذلك ممكنًا فسوف -إن شاء الله تعالى- نُسدي لك بكل النصائح المهمة.

أولًا: الإنسان هو عبارة عن (أفكار، ومشاعر، وأفعال)، الإحباط يأتينا من الفكر السلبي ومن الأفعال السلبية، لذا الإنسان يجب أن يسعى أن يُغيّر أفكاره، يجب أن يتمسّك بالأفكار الإيجابية، ويتخلص من الأفكار السلبية، ومن رحمة الله بنا أن نكلِّ فكرةٍ سلبية أو كلَّ شعور سلبي أو كل عملٍ سلبي يُوجد ما يُقابله من الأفكار والمشاعر والأفعال الإيجابية، الإنسان إذا تذكّر الحزن يجب أن يتذكّر الفرح، والانشراح والمسرَّة والسعادة، إذا تذكّر المرض يتذكّر الصحة، إذا تذكّر الشر يتذكّر الخير، وهكذا، إذًا عملية الإبدال الفكري هذه مهمّة.

الأمر الثاني هو: الإنسان الذي يُحسن إدارة وقته يُحسن إدارة حياته، أنت مثلاً مُطالبة بأن تنامي ليلاً، النوم المبكِّر، وهذا يُجدد طاقاتك في الصباح.

أنت مطالبة أن تمارسي رياضة، الرياضة مهمّة جدًّا، أيُّ رياضةٍ تُفيد المرأة المسلمة يجب أن تمارسيها.

التواصل الاجتماعي، أن تصلي أرحامك، وألَّا تتخلفي عن واجبٍ اجتماعي، الترفيه عن النفس، هذا أيضًا مهمٌّ جدًّا، فاحرصي على هذه الأدوات العلاجية، وعليك بالدعاء وبالذكر، ولا تفتحي ثغرة للشيطان ليدخل منها أبدًا، ولا تعطي للفراغ فرصة، الصلاة في وقتها، الصلاة عماد الدين، الصلاة أول ما يحاسب عليه العبد يوم القيامة، الصلاة من ضيعها فقد ضيع كل شيء وهو لما سواها أضيع، الصلاة هي الفلاح وهي النجاح في الدنيا وفي الآخرة، الصلاة تُفرّجُ الكربات، الصلاة كانت على المؤمنين كتابًا موقوتًا، فاحرصي على الصلاة وحافظي عليها وكوني ممَّن أثنى عليهم الله تعالى بقوله: {إلَّا المصلين} مَن هم: {الذين هم على صلاتهم دائمون} ومن صفاته: {والذين هم على صلاتهم يحافظون}.

أنا أيضًا سأصف لك دواءً بسيطًا جدًّا يُسمَّى (فلوكستين) واسمه التجاري (بروزاك) وربما تجدينه تحت مسميات أخرى، تبدئين في تناوله بجرعة كبسولة واحدة يوميًا لمدة أسبوعين، ثم تجعلينها كبسولتين لمدة شهرين، ثم كبسولة واحدة لمدة ثلاثة أشهر، ثم كبسولة واحدة يومًا بعد يومٍ لمدة شهرٍ، ثم تتوقفين عن العلاج، الدواء دواء سليم جدًّا، وذو فعالية عالية، ولا يؤثر على الهرمونات النسائية، ولا يؤدي إلى الإدمان، فقط ربما يؤدي إلى زيادة في الوزن وجفاف في الفم، أسأل الله أن ينفعك به.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً