الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أعاني من وسواس الموت، ساعدوني للتخلص منه.

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله بركاته

عمري 39 سنة، أصبت منذ فترة بجرثومة المعدة ووسواس الموت، كيف أتخلص من هذا الوسواس؟

أشعر بالتعب والإرهاق، ولا أستطيع النوم أبدا.

أفيدوني.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ عذاري حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أسأل الله لك العافية والتوفيق والسداد.

جرثومة المعدة (هيليكوباكتر Helicobacter) جرثومة منتشرة جدًّا، وعلاجها سهل. يظهر لي أنه أصلاً لديك قابلية للقلق وللوسوسة، لذا ظهرت لديك هذه المخاوف الوسواسية حول الموت.

هذا نوع من الوسواس السخيف، على الإنسان أن يُحقّره، وأن يتجاهله، ونحن نرى أن الخوف من الموت حين يكون خوفًا وسواسيًّا يجب أن يرفضه الإنسان، ويتوكل على الله، ويستعن به ولا يعجز، الخوف من الموت حين يكون خوفًا شرعيًّا يكون خوفًا محمودًا، بمعنى أن الإنسان يكون على قناعة مطلقة أن الآجال بيد الله، وأن كل نفس ذائقة الموت، وأن أجل الله إذا جاء لا يؤخر، والإنسان يسعى في دنياه من أجل آخرته، ويستمتع بحياته، ويسأل الله تعالى أن يحفظه وأن يُطيل عمره في عمل الصالحات.

هذا خوف محمود، أمَّا الخوف الذي يأتي للإنسان ويكون متلبِّسًا بالذنوب والآثام ولا يحثُّه ذلك الخوف على الإقلاع عن الذنوب والآثام والتوبة والرجوع إلى الله فهذا يؤدي إلى مزيد من الخوف، يؤدي إلى مزيد من عدم الاستقرار، ولا ينفعه في شيء.

هذا الخوف يجب أن نحقره، ويجب أن نتجاهله، ويجب أن نستفيد من الخوف المحمود الذي تحدَّثنا عنه، وكلنا نخاف من الموت، وكلنا سيذوق الموت، لكن من أحب لقاء الله أحب الله لقائه، ومن كره لقاء الله كره الله لقائه.

الأمر الآخر -أيتها الفاضلة الكريمة-: الوسواس يجب أن يُحقّر دائمًا، وأنت الحمد لله تعالى في سِنٍّ، لديك نضوج نفسي كامل، لديك فكر، لديك -أنا متأكد- صِلاتٍ اجتماعية، وصِلاتٍ أُسرية، يجب أن تستثمريها بصورة صحيحة وتُحسني إدارة وقتك.

ممارسة الرياضة مهمة جدًّا، خاصة في مثل عمرك، رياضة المشي على وجه الخصوص، الحرص على الصلاة في وقتها، الدخول مثلاً في برنامج لتجويد القرآن، أو لحفظ شيء من القرآن، هذا أيضًا يُعتبر مشروع حياة جميل وعظيم جدًّا، يبعث في الإنسان الطمأنينة، والخيرية في أهل القرآن، الذين هم أهل الله وخاصته، حيث قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((خيركم من تعلم القرآن وعلَّمه)).

المشاركات الأسرية الإيجابية، برّ الوالدين، هذا كلّه مطلوب، وهذا كله علاج، نحن الآن في الصحة النفسية لا نتحدث عن الأدوية أو المسكنات والمهدئات وخلافه، نعم نستعملها، لكن الأساس دائمًا هو تغيير نمط الحياة الإيجابي: التفكير الإيجابي، المشاعر الإيجابية، الأفعال الإيجابية، هذا هو الذي يجعل الإنسان يعيش حياة صحية نفسية إيجابية.

هنالك أيضًا أمرٌ آخر بالنسبة للنوم: النوم حاجة بيولوجية، لابد أن يأتي للإنسان، فحسّني صحتك النومية من خلال تجنب النوم النهاري، وممارسة الرياضة، لا تتناولي الشاي والقهوة بعد الساعة الخامسة مساءً، ثبتي وقت الفراش، لا تُساهري أبدًا، اقرئي شيئًا جميلاً قبل النوم، طبقي تمارين استرخائية كتمارين التنفس المتدرج، واحرصي على أذكارك، سوف يأتي النوم، ولا شك في ذلك.

حتى تكتمل الصورة العلاجية بصورة جيدة وتتخلصي إن شاء الله تعالى من هذه المخاوف والمتاعب يمكن أن تتناولي عقار يُسمَّى (سبرالكس) ويُسمَّى علميًا (استالوبرام)، هو في الأصل مضاد للاكتئاب، لكنه أيضًا يُحسن المزاج، ويزيل الوسوسة والقلق، وهو سليم جدًّا خاصة بالنسبة للنساء، لا يضرُّ أبدًا بالهرمونات النسائية. فإن استعملته أعتقد أنه سوف يُعجّل باختفاء هذه الوساوس والقلق، والمهم بجانب الدواء هو التطبيقات التي ذكرتُها لك.

جرعة السبرالكس: هنالك حبة تحتوي على عشرة مليجرام وأخرى تحتوي على عشرين مليجرامًا، أنت لست في حاجة للحبة التي تحتوي على عشرين مليجرامًا، تحصلي على الحبة عشرة مليجرام، ابدئي بخمسة مليجرام -أي نصف حبة- يوميًا لمدة عشرة أيام، ثم اجعلي الجرعة حبة كاملة، يوميًا لمدة ثلاثة أشهر، ثم اجعليها خمسة مليجرام يوميًا لمدة أسبوعين، ثم خمسة مليجرام يومًا بعد يومٍ لمدة أسبوعين، ثم توقفي عن تناول الدواء.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً