الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أفكاري مشوشة تماماً ولا أعرف ماذا أريد!

السؤال

السلام عليكم

أنا فتاة بعمر 27، منذ شهر ظهرت لي نوبة قلق وهلع وشعرت أنها نوبة قلبية وأحسست بالموت بكل لحظة، وذهبت للأطباء والحمد لله أن كل فحوصاتي بخير، حاولت التغلب على الشعور ومواجهة خوفي من الموت، وتحسنت لكن للآن لا أشعر بالراحة ابدا وأشعر بالموت وبالاختناق والبكاء بدون سبب.

للعلم، خلال ال 4 سنين الماضية وبدون سبب، فقدت الاهتمام بنفسي تماما وفقدت الشغف وحب الحياة وأعتزلت الناس وأصدقائي وأكره نفسي كثيرا وكنت أشعر بأن الموت قريب لي أو على عائلتي، كنتُ أخاف دائما أن يحدث لهم شيء أنا أثق بربي لكن الموت حق وأخاف كثيرا عليهم لكن رغم كل هذا لم أشعر بأعراض النوبة المخيفة الحالية ولم أكن أخاف من أي مرض وكنت أقول المرض ما هو الا تكفير ذنوب فقط.

دائماً ما كنت أريد التعالج نفسياً عن هذا التفكير لكن اؤجله، لكن الآن الافكار تقتلني، لا أستطيع الاستمرار بحياتي هكذا، أشعر بصراع وتضارب أفكار.

أنا حياتي -والحمد لله- شبه كامله محبوبة جداً من عائلتي وأصدقائي والناس لكن أكره نفسي وأقول لماذا أنا هكذا وأنا أملك نِعم لا تعد ولا تحصى والحمد لله.

لماذا أنا ضعيفة؟! لم أكن هكذا أبداً، لا أعرف ما الذي أوصلني لهذا الحال، الآن تقربت من ربي كثيراً، وأستحيي من ربي إذا ذهبت للطب النفسي وأنا عندي ربي والقرآن وقيام الليل، وهم أقوى العلاجات، لا أعرف هل أنا لا أدعو الله جيداً وطريقتي خاطئة؟

لا أعرف ماذا أريد بالضبط؟ أكملت الهندسة لكنني لا أحبها ولا أريد العمل بها، ولا بغيرها حتى، ضائعة جداً، وجزاكم الله كل خير.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ نور حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نرحب بك في الشبكة الإسلامية، وجزاك الله خيرًا على ثقتك في هذا الموقع.

النوبات التي تعرضت لها تُسمَّى بنوبات الفزع أو الهلع، وهو نوع من القلق النفسي الحاد والمخيف، أؤكد لك أن الحالة بالرغم من أنها مُزعجة لكنها ليست خطيرة أبدًا، الشعور بالموت ودنو الأجل والوسوسة حوله هي من السمات الرئيسية لنوبات الهلع.

العلاج يكون بتجاهل هذه الأفكار، وعدم الاهتمام بها، وممارسة تمارين استرخائية بدقة، وإن ذهبت إلى طبيب نفسي سيُدربك عليها، أو يمكن أن تستعيني بأحد البرامج الموجودة على اليوتيوب لتعلُّم كيفية ممارسة هذه التمارين.

التعبير عن النفس مهمٌّ جدًّا، لأن الكتمان يؤدي إلى احتقانات نفسية سلبية كثيرة، ممارسة الرياضة – أي رياضة تناسب الفتاة المسلمة – هي علاج أصيل جدًّا.

الهواجس التي تأتيكِ بأنك تتشككين حول دعائك لله تعالى، وأن طريقته قد تكون خاطئة: هذه مجرد وسوسة – أيتها الفاضلة الكريمة – احرصي على صلاتك، احرصي على الأذكار، على الدعاء، على الورد القرآني، وأيضًا يجب أن تكون لك مشاركات أسرية.

الحمد لله قد أكملت تخصص الهندسة، وهو تخصصٍ راقي جدًّا، على العكس تمامًا يجب أن تشرعي في تطوير نفسك مهنيًّا، عن طريق العمل، عن طريق دراسة الماجستير مثلاً.

أنا أعتقد أن المخاوف والقلق والعُسْر المزاجي (الاكتئاب البسيط) هو الذي أفقدك بوصلة تحديد ما تودين القيام به، وقلَّت الرغبة لديك للأشياء الطيبة والجميلة. لا أعتقد أنه لديك اكتئاب نفسي حقيقي، أعتقد أنه مجرد نوع من (عُسر المزاج).

إذًا العلاج يكون من خلال التفكير الإيجابي، والمشاعر الإيجابية، والأفعال الإيجابية، ونمط الحياة الإيجابي، واعرفي أنك صغيرة في السِّنِّ، وأن الله تعالى حباك وأنعم عليك بمقدرات ومهارات كثيرة جدًّا، عليك أن تُوجهيها التوجيه الصحيح لتعيشي حياة طيبة وهانئة.

بالنسبة لموضوع العلاج النفسي: العلاج النفسي علاج مشروع وطيب، (وما جعل الله من داءٍ إلَّا جعل له دواء، فتداووا عباد الله)، فلا تظلمي نفسك أن تعتقدي أن الذهاب للعلاج النفسي هو ضعف في شخصيتك أو اضطراب في إيمانك، لا، العلاج أصلاً أنت لا تحتاجين له كثيرًا، لكن يجب أن تُغيري مفاهيمك حوله، هو أمرٌ مشروع، وأمرٌ ليس فيه وصمة اجتماعية ولا خجل اجتماعي ولا شيء من هذا القبيل.

طبقي ما ذكرته لك من إرشادات، وأنا أريدك أيضًا أن تتناولي أحد الأدوية المضادة لقلق المخاوف الوسواسي ومن مُحسِّنات المزاج، الدواء يُسمَّى (سبرالكس) هذا اسمه التجاري، واسمه العلمي (استالوبرام)، تحتاجين له بجرعة صغيرة، تبدئي بخمسة مليجرام يوميًا لمدة عشرة أيام، بعد ذلك اجعليها عشرة مليجرام يوميًا لمدة أربعة أشهر، ثم خمسة مليجرام يوميًا لمدة أسبوعين، ثم خمسة مليجرام يومًا بعد يومٍ لمدة أسبوعين آخرين، ثم تتوقفي عن تناول الدواء.

البروزاك دواء غير إدماني، وسليم جدًّا، وليس من وراء تناوله إدمان، ولا يؤثّر على الهرمونات النسائية، وإنْ أردتِّ أن تذهبي إلى طبيب نفسي فهذا أيضًا أمرًا جيدًا، وسوف يكون إضافة إيجابية، لكن عمومًا حالتك حالة بسيطة، والإرشادات التي ذكرتُها لك أرجو اتباعها وتناول الدواء حسب ما هو موصوف.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأكثر مشاهدة

الأعلى تقيماً