الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

نوبات هلع خارجة عن السيطرة تكاد أن تقودني إلى الجنون.

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أنا منذ ٣ سنوات مررت بحالة صحية قلبية مؤقتة وتم علاجها، وقمت بعمل جميع الفحوصات، وكانت جميعها سليمة، ولم أحتاج إلى علاج دائم بل وتم توصيتي بالرياضة.

لكن المشكلة لم تنته هنا بل وبدأت مشكلة أخرى، بدأت أشعر مرة أو مرتين ومرات أكثر في الأسبوع  بتوقف القلب، وأشعر أن قلبي يتوقف عن الخفقان لمدة ثانية أو ثانيتين، وأصبح هذا الأمر يخيفني ويدخلني إلى حالة هلع وخفقان قلب سريع، وبدأت تتعطل حياتي، وتوقفت عن العمل بعد ذلك.

وأصبحت أزور المستشفى كثيرا، وعملت فحوصات كثيرة وكلها سليمة، توجهت إلى مستشفى نفسي، وشخصوني بنوبات هلع، وأوصوني بعلاج (السيبرالكس) استعملته مدة ٣ أشهر فقط، ولم أشعر بارتياح وتوقفت عنه، واستمررت على حالي أعاني تأتيني نوبات هلع بين فترة وأخرى وأحاول التعايش معها، إلى أن زاد الأمر عن حده، ومنذ شهر استيقظت ليلا بشعور رهيب ومخيف، شعرت قلبي توقف عن النبض، وبشلل في كامل جسمي مما أدخلني في حالة هلع ليلية.

الموضوع خارج عن السيطرة ونوبات الهلع زادت، عدت لأزور المستشفيات بشكل متكرر إلا أنني قررت مجددا العودة لاستشارة طبيب نفسي قبل أسبوعين، الطبيب النفسي والذي أشك في قدراته شخصني أنني أعاني من حالة (OCD)، ووصف لي دواء يدعى (Sertraline)، منذ أسبوعين وأنا أتناول هذا الدواء، وبالإضافة إلى (كلونكس) مرتين في اليوم حسب الحاجة، ولكن حتى هذه اللحظة ما زلت أعاني وبشدة، وكل يوم أشعر بأنني سأموت أو سيجن جنوني، وأن رأسي سينفجر، وأصبحت أعاني من فقدان للذاكرة، ولشهية الأكل، ولا أخرج.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أرحب بك في الشبكة الإسلامية، وأسأل الله لك العافية والشفاء.

رسالتك واضحة جدًّا، والذي بك هو نوع من قلق المخاوف، وبالفعل أتتك نوبة هلع أو فزع، وطبعًا نوبات الهلع هذه مزعجة لصاحبها، حتى إن البعض يأتيهم شعور بقُرب المنية حين تكون النوبة شديدة. هو نوع من القلق النفسي الحاد، المصحوب بالمخاوف، وغالبًا لا يُعرف له سبب.

وطبعًا الإنسان حين تنتابه هذه النوبات يدخل في نوع من الوسوسة حول الحالة وخطورتها وتبعاتها، وإن كانت سوف تتكرر أم لا، وهذه الوسوسة ربما هي التي دفعت الطبيب لأن يشخص أنه لديك وسواس قهري، مع احترامي الشديد أنا لا أعتقد أنك تعاني من وسواس قهري بمعناه الإكلينيكي المعياري التشخيصي المعروف، لديك بعض الدوافع الوسواسية البسيطة كجزء من قلق المخاوف التي نتج من نوبات الهرع.

هناك ملاحظة مهمّة وهي ما تُلاحظه من شعور يأتيك بأن قلبك كأنه يتوقف عن الخفقان لمدة قصيرة، وهذه الظاهرة معروفة، هو نوع ممَّا يُسمَّى بالخوارج الانقباضية للقلب، هو نوع من الضربات القلبية غير الناضجة، غير المكتملة، لذا تعطي هذا الشعور، وهذه الحالات غالبًا حالات فسيولوجية، لا تدلُّ أبدًا على وجود مرض في القلب.

فيا أخي الكريم: اطمئن تمامًا، ويمكن أن تذهب إلى طبيب قلب ويقوم بفحص يُسمَّى (هولتر) ومن خلال الهولتر يتم رصد نبضات القلب لمدة أربع وعشرين ساعة أو ثمانية وأربعين ساعة، وهذا فحص دقيق جدًّا ليُحدد نوعية خوارج الانقباض هذه التي تعاني منها، لكن لا أقول لك أن هذا الفحص فحص حتمي وضروري، يعني: لا تُجهد نفسك لأن تقوم به، إذا كان الأمر مكلفٌ بالنسبة لك، أنا ذكرته لك كحقيقة علمية، لكن في جميع الحالات هذه النوبات أصلاً هي نوبات حميدة ولا شك في ذلك.

طبعًا ممارسة الرياضة من العلاجات الرئيسية لنوبات الهلع والفزع، رياضة المشي، رياضة الجري مفيدة جدًّا، وهي تُعالج تمامًا الخوارج الانقباضية التي تصدر من القلب.

وأيضًا تمارين الاسترخاء تمارين مهمّة، تمارين التنفس المتدرجة، تمارين قبض العضلات وشدِّها ثم استرخائها، تمارين ما يُسمَّى بتمارين التأمُّل الذهني والاستغراق الذهني، هذه كلها مهمّة، ربما يقوم أخصائي نفسي بتدريبك عليها، أو يمكن أن تطلع على الإنترنت، توجد برامج كثيرة جدًّا على اليوتيوب توضح كيفية ممارسة التمارين الاسترخائية.

هذه كلها آليات علاجية مهمة، وحاول أيضًا أن تتجنب الإجهاد النفسي والإجهاد الجسدي، ونظم وقتك، النوم الليلي المبكّر مهمٌّ جدًّا، تستيقظ مبكِّرًا إن شاء الله، وتصلي الفجر، وتستقبل يومك بكل رحابة وانشراح، هذا في حد ذاته يعطي راحة نفسية كبيرة، وشعور بالطاقة النفسية والجسدية الإيجابية.

لابد – أخي الكريم – أن تبحث عن عمل، لأن العمل مهمٌّ بالنسبة للإنسان.

السيرترالين دواء مهم ودواء رائع جدًّا، اصبر عليه حفظك الله، ويمكن أن ترفع الجرعة حتى مائة وخمسين مليجرامًا في اليوم لمدة ثلاثة أشهر، ثم تخفضها إلى حبتين – أي مائة مليجرام – يوميًا لمدة ثلاثة أشهر أخرى، ثم حبة يوميًا لمدة ثلاثة أشهرٍ، ثم نصف حبة لمدة شهرٍ، ثم نصف حبة يومًا بعد يومٍ لمدة شهر آخر، ثم تتوقف عن تناوله.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً