الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

شيء عجيب يحيرني وهو عدم التوفيق في حياتي!

السؤال

السلام عليكم.

أحمد الله على أن مدنا بالروح والصحة وخلقنا لعباده.

قد تعتري الإنسان بعض المشكلات والمنغصات "الغريبة " في حياته ولا يجد لها السبب الوجيه، فيلجأ لاستشارة ذوي العلم والحكمة، قد لا يجد بعضنا التوفيق في حياته ربما بسبب الذنوب، فكل بني آدم خطاء وخير الخطائين \"التوابون\".

فنحن المسلمون نترجح ما بين الذنب \"والتوبة\" نسأل الله الثبات، وللذنوب أثر على سير الحياة والتوفيق، آمنا بذلك.

أما استشارتي وسؤالي الذي حيرني طوال حياتي وبعد تجارب عديدة مريرة هو: أنني لا أجد التوفيق في شيء، أن حصلت على وظيفة فلا يمكن أن أستمر فيها أبدا، وهذه حقيقة ولست بواهم، لدرجة أنني إن حصلت على أي فرصة أصبحت متيقن بأن يأتي ذاك الشيء المنغص اللذي يكدر علي (ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم).

لا أجد التوفيق في حياتي، أنا إنسان مصلي وأحب الصلاة وربي -والحمد لله-، ومؤمن بالله وتدبيره ولست بمتشائم أو خاضع، ولكن هناك شيء عجيب غريب محير ملا زمني منذ الصغر، وتستمر الحياة رغم الصعاب.

تحياتي.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عصي الدمع حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك – ولدنا الحبيب في استشارات إسلام ويب، نسأل الله تعالى لك التوفيق والنجاح.

لقد وُفقت – أيها الحبيب – حين أدركت أن الإنسان قد يُحرم بعض الخيرات في هذه الحياة بسبب ذنوبه ومعاصيه، وهذا حق، فإن النبي -صلى الله عليه وسلم- يقول: ((إن العبد ليُحرم الرزق بالذنب يُصيبه))، والواجب على الإنسان أن يتوب دائمًا إلى الله تعالى، والتوبة أمر الله تعالى بها عباده جميعًا، فقال سبحانه: {وتوبوا إلى الله جميعًا أيها المؤمنون لعلكم تفلحون}، فما من أحدٍ مِنَّا إلَّا وله ذنوب وسيئات، يحتاج معها إلى تجديد التوبة على الدوام.

وبقي شيءٌ آخر – أيها الحبيب – وراء حرمان العبد من بعض ما يأمله ويرجوه من المطلوبات واللذائذ، وهذا الأمر هو ما اقتضته حكمة الله تعالى من الابتلاء لهذا الإنسان في هذه الحياة، فإن هذه الدار التي نحن فيها دار الابتلاء والاختبار، والله عز وجل يختبر العبد ليرى صبره، ويمتحن إيمانه، فيُعطي الكافر ويُحرم المؤمن، ويبسط الرزق للجاهل ويُضيّقُه على العالِم، وهكذا... والمشاهد التي تشهد لهذا كثيرةٌ لا تُحصى، والسِّرُّ وراء هذا امتحان الله تعالى لعباده، فإن الله تعالى يريد أن يرى من العبد الصبر، فإذا ابتلاك الله تعالى بأن حرمك بعض ما تتمنَّاه من المباحات فإنما يريد سبحانه وتعالى أن يرى صبرك، فأرهِ صبرك الجميل.

وثمَّ أمرٌ ثالث – أيها الحبيب – وهو أن الله سبحانه وتعالى أعلم بمصالح عبده، وهو أرحم بهذا العبد من نفسه، ومن ثمَّ فإنه يُدبِّر أمر العبد بمقتضى المصلحة والرفق واللطف، فهو لطيفٌ بعباده. ولهذا قال بعض السلف: (عُدَّ مَنع الله تعالى لك عطاءً منه لك)، وذلك أن الله سبحانه وتعالى لا يمنعك شيئًا بُخلاً، إنما يمنعك لُطفًا، فكم من شيءٍ يهواه الإنسان ويحرص عليه ولكنَّ الله تعالى يمنعه لأنه يعلم أن الخير له في منعه، إذ لو أعطاه ذلك لانشغل قلبه عن الله، وانصرف إلى الاشتغال بدنياه، فالله تعالى يريد منه أن يبقى معلَّق القلب بالله، كثير التضرُّع إليه، كثير الإقبال عليه بالدعاء والذّكر، فيحرمه ما يشتهيه ليبقى متعلِّقًا بالله تعالى، فالله لطيفٌ بعباده.

هذه بعض الحِكَم – أيها الحبيب – وراء حرمان الله تعالى لهذا الإنسان، فينبغي أن نُحسن الظنَّ بالله تعالى، فإن الله تعالى أهلٌ لكلِّ ظنٍّ جميل، نُحسن الظنَّ به ونتوجَّه إليه تائبين من ذنوبنا وسيئاتنا، داعين له بصدق واضطرار أن يسوق إلينا الخيرات، راضين بقضائه وتدبيره، فهو سبحانه وتعالى أرحم بنا من أنفسنا.

نسأل الله تعالى أن يأخذ بيدك إلى كل خير.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً