الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أريد أن أعيش طبيعياً بدون آثار جانبية لمضادات الاكتئاب

السؤال

السلام عليكم..

تم تشخيصي منذ سنة ونصف بقلق نفسي حاد، ونوبات هلع شديدة ومتكررة، ووسواس مرضي، وكانت أعراضي كثيرة جداً، تتمثل في ثقل بالرأس وضغط دم منخفض وضعف عام، ثم تنميل ودوخة، ثم ضربات قلب سريعة، مع عدم السيطرة على الموقف، والإحساس بالإغماء، وانقطاع النفس عند محاولة النوم، وهبة من الحرارة بمناطق في الجسم، وتنميل بالأطراف، والشعور بالانقطاع عن العالم.

تم عمل تحليل غدة درقية وهيمغلوبين وسكر، والتحاليل سليمة، وبدأت علاجي بنوديب وبريجافاليكس، واندرال، ونايت كالم، وزولام، ولم أكن مقتنعاً بتشخيصي، لأن الأعراض جسمانية بحتة، وانتقلت لطبيب آخر شخصني بنفس التشخيص، وأعطاني سيروكسات وأخذته بجرعة ٣٧.٥ لمدة سنة بدون متابعة مع الطبيب.

تحسنت بشكل تدريجي، ولكن كنت أشعر بالتبلد وعدم المسؤولية، والتعرق الزائد والكسل والخمول والتبلد، ثم انقطعت عن الدواء منذ ١٠ أيام، ورجعت لي أعراض كالقلق والتوتر والدوخة وتنميل وتخديل وزنة بالرأس، وغثيان وإسهال طول اليوم.

ذهبت منذ ٤ أيام لطبيب آخر ووصف لي (نوديبراين وميني اي سي واميبريد ٥٠ملج) وأشعة رنين علي المخ، ولكن لم أتمكن من عمل الأشعة حتى الآن، ولم أتحسن حتى الآن.

بماذا تنصحونني؟ وهل تعاملت مع مرضي بشكل خاطئ؟ وهل تشخيصي صحيح؟ وهل أتابع مع الطبيب الجديد أم أرجع لاستخدام السيروكسات؟ وهل الأعراض الموجودة هي أعراض التوقف المفاجئ؟

أريد أن أعيش طبيعياً، بدون آثار جانبية لمضادات الاكتئاب، فأنا أشك بأن المشكلة عضوية حتى الآن، علماً بأني أشعر بها منذ ١٠ أيام ولا أستطيع العيش، ولم أتحسن نهائياً حتى بعد أخذ العلاج الجديد. آسف للإطالة.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عمير حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أرحب بك في الشبكة الإسلامية، وأشكرك على ثقتك في هذا الموقع، وأسأل الله لك العافية والشفاء.

من الواضح أن أعراضك نفسوجسدية (سيكوسوماتية Psychosomatic) هكذا تسمى، أحيانًا القلق والتوترات النفسية الداخلية تؤدي إلى أعراض مثل الأعراض التي تشتكي منها، وذلك من خلال التأثير على الجهاز العصبي اللاإرادي، فالتوتر النفسي حتى وإن كان توتُّرًا داخليًا أو توترًا مُقنَّعًا – كما نسميه – ينعكس على أعضاء كثيرة في الجسد، يظهر في شكل دوخة، يظهر في شكل آلام هنا وهناك، يظهر في شكل إغماء وانقطاع النفس. هذا كله وارد – أخي الكريم – والذي يظهر لي أيضًا أنك قد تعرضت لشيء من نوبات الهلع، ونوبات الهلع مزعجة جدًّا ومخيفة وإن كانت ليست خطيرة.

أخي الفاضل: أنا أرى أن أفضل علاج في حالتك هو أن تعيش نمط حياة إيجابي، نمط الحياة الإيجابي يرتقي بالصحة النفسية والصحة الجسدية عند الإنسان، ونمط الحياة الإيجابي يتطلب: تجنب السهر، هذا أمرٌ مهمٌّ جدًّا، لأن الكيمائيات الدماغية الأساسية الإيجابية تُفرز من خلال النوم الليلي المبكّر، والاستفادة من الصباح. فهذه خطوة أولى – أخي الكريم – تجنب السهر، نم مبكّرًا، استيقظ مبكّرًا، صلِّ صلاتك (الفجر)، تبدأ يومك بكل أريحية وكل انفتاح وكل راحة نفسية إن شاء الله تعالى.

الأمر الثاني في نمط الحياة هو: ممارسة الرياضة، الرياضة قطعًا تقوي النفوس كما تقوّي الأجسام، وهذا الأمر الآن أصبح ثباتًا علميًّا وبدون أي مجالٍ للشك حوله.

شيء آخر مهم هو: أن تُحسن إدارة الوقت، الذين يُحسنون إدارة وقتهم يُحسنون إدارة حياتهم. هذه الأعراض القلقية والنفسية والنفسوجسدية (سيكوسوماتية) تتصيد الناس من خلال الفراغ الذهني والزمني، وعدم التمسُّك بنمط حياتي إيجابي، فإذًا إدارة الوقت مهمّة جدًّا.

نقطة أخرى وهي: أهمية التطوير المهني، أنت ذكرت أنه ليس لديك وظيفة، هذا – أخي الكريم – أمرٌ يتعارض تمامًا مع الصحة النفسية والجسدية والاجتماعية، العمل فيه خير، العمل يطور مهارات الإنسان، وقيمة الرجل في العمل، فيا أخي الكريم: لا تجلس بدون عمل، مهما كانت الظروف، مهما كانت فرص العمل ضيقة، ابحث وابحث، وسوف يفتح الله تعالى لك من خزائنه وتجد عملاً مناسبًا.

التواصل الاجتماعي: لا تتخلف عن واجب اجتماعي، دائمًا كن في مقدمة الناس، تلبية دعوات الأفراح والأعراس، المشي في الجنائز، زيارة المرضى، الترفيه عن النفس بالجلوس والتسامر مع مجموعة من الأصدقاء. الصلاة مع الجماعة – يا أخي – وهذه اللقاءات الجميلة التي تحدث بعد الصلوات والتعارف والتعرُّف على الصالحين والخيرين. برَّ الوالدين، هذا هو العلاج في حالتك. النقلة الكاملة لأن يكون نمط حياتك إيجابيًّا.

بعد ذلك يأتي الدواء، الدواء يُساعد، لكنّه لا يُساهم بأكثر من خمسة وعشرين بالمائة من المجموع الكلي للعلاج، خمسة وسبعين بالمائة تعتمد على الآليات التي ذكرتُها لك.

الأدوية: أنا أعتقد أن عقار (أميبريد Ampiride) وهو الـ (أميسولبرايد Amisulpiride) جيد، وأنت لا تحتاج حقيقة لدواء مثل الـ (سيروكسات Seroxat) مع احترامي الشديد، نعم كانت لديك نوبات الهلع هذه، لكن من خلال ممارسة الرياضة، ومن خلال حسن إدارة الوقت، وممارسة بعض التمارين الاسترخائية سوف تختفي تمامًا هذه النوبات.

أنا أنصحك بجانب الـ (إميسولبرايد) خمسين مليجرامًا يوميًا؛ تتناول عقار (ترازودون Trazodone) والذي يُعرف (تريتيكو Trittico) خمسين مليجرامًا ليلاً، يُحسِّنُ نومك، مضادٌ للقلق، مضادٌ للفزع، ليس إدمانيًّا، لا يؤثّر أبدًا على المعاشرة الزوجية والأداء الجنسي، فيه خير كثير لك إن شاء الله تعالى.

هذا هو الذي أودُّ أن أنصح به، وأسأل الله لك العافية والتوفيق والسداد، وبارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً