الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أريد علاجا مفيدا للوسواس القهري والاكتئاب.

السؤال

السلام عليكم.

أعاني من أفكار وسواسية شديدة، أدت إلى اكتئاب وضيق، وتعطلت كل حياتي، وأنا الآن جالس في البيت بسببه أتناول الريميرون 30 كبسولة ليلا ، والسيسرين 50 كبسولتين، والزولام 25 يوميا منذ سنتين ونصف، ومؤخرا الحالة اشتدت جدا، انصحوني بدواء مختلف، علما أن الريميرون يريحني.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عبدالله حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أرحب بك في الشبكة الإسلامية، وأسأل الله لك العافية.

أخي الكريم: الأدوية التي تتناولها هي من أفضل الأدوية، فالـ (ريميرون Remeron) وهو الـ (ميرتازبين Mirtazapine) – كما تفضلت – هو دواء مُحسِّنٌ للمزاج، محسِّنٌ للنوم، فقط يُعاب عليه أنه ربما يفتح الشهية نحو الطعام. أمَّا بالنسبة للـ (سيسرين Seserine) وهو الـ (سيرترالين Sertraline) أيضًا نعتبره الدواء الذهبي –كما نقول– في علاج القلق والوساوس والمخاوف والاكتئاب النفسي.

أنا أعتقد أنك من ناحية الأدوية أنت تتناول أدوية ممتازة حقيقة بكل المقاييس والمعايير العلمية.

طبعًا بالنسبة للـ (زولام Zolam) أنت تقصد أنك تتناوله بجرعة ربع مليجرام يوميًا. أنا لا أقول لك إنها جرعة خطيرة، لكن أرجو ألَّا ترفعها أبدًا. ولا تتناوله كذلك بصورة نمطية، يعني: حاول في بعض الأحيان أن تتوقف عنه، تجعلها مثلاً يومًا بعد يومٍ، لأن النمطية حول تناول الـ (زاناكس xanax) – أي الزولام - والذي يُعرف علميًا (البرازولام Alprazolam) قد تؤدي إلى التعود عليه، أو تؤدي إلى رفع الجرعة.

أخي: الذي يتضح لي أنك لست محتاجًا للمزيد من الأدوية أو تغييرها، أنت محتاج لتغيير نمط الحياة، الأدوية تمثّل خمسة وعشرين إلى ثلاثين بالمائة من العلاج، أمَّا تغيير نمط الحياة فهو الذي يُمثل ستين إلى خمسة وسبعين بالمائة من الآليات العلاجية، هذا الآن الطب النفسي الحديث كلُّه يتجه نحو ذلك.

ويا أخي الكريم: الإنسان هو عبارة عن مشاعر وأفكار وسلوك أو أفعال، الاكتئاب والوسوسة تجعل الفكر فكرا سلبيا، تجعل المشاعر سلبية، وتجعل الأفعال سلبية. علماء السلوك وجدوا أننا يجب أن نسعى لتغيير أفكارنا، كل شيء سلبي في هذه الدنيا هنالك ما يُقابله من إيجابيات. الفكر التشاؤمي يوجد ما يُقابله من الفكر الانشراحي، والفكر الإيجابي.
فيا أخي الكريم: أريدك أن تشتغل على أفكارك، تستبدلها، وهذا ليس خداعًا للنفس، انتقل من فكرة سلبية إلى فكرة إيجابية، وكذلك المشاعر، وكذلك الأفعال وهي الأهم، مهما كانت درجة الكدر والكرب يجب أن يكون الإنسان فعّالاً، تجبر نفسك على القيام بالواجبات الضرورية في الحياة: صلاتك في وقتها، الذهاب إلى عملك، القيام بالواجبات الاجتماعية، الاهتمام بالأسرة، أن تمارس الرياضة، أن ترفه عن نفسك بشيء طيب وجميل؛ هذا هو الذي يقضي على الوسواس وعلى الاكتئاب وعلى كل شيء سلبي وحقير.

فإذًا: نمط الحياة الإيجابي هو الذي يجب أن تنتهجه. أنت ذكرت أن حياتك قد تعطّلت، نعم الاكتئاب يُعطّل الحياة إذا استكنَّا له، كلُّ علماء السلوك وعلى رأسهم (آرون بك) يرون أن تغيير نمط الحياة الآن هو العلاج، الرياضة وُجد أنها تُحرِّك وتزيد وتنظم إفراز المواد الكيميائية الدماغية التي تُعرف بالموصِّلات العصبية – وعلى رأسها مادة السيروتونين والنورأدرينالين – الرياضة تُحسّن من إفرازها، أفضل ممَّا تقوم بذلك الأدوية، واطلعتُ أيضًا على دراسة حديثة من أوروبا تقول إن الصيام المتقطع أيضًا يُحسِّن من كيمياء الدماغ، شيءٌ عجيبٌ سبحان الله العظيم.

فيا أخي الكريم: أرجو أن يكون هذا هو منهجك، ولا تيأس أبدًا، والإنسان يتغيّر، والإنسان يتطور، والإنسان يُحسِّن من ذاته إذا أراد ذلك.

هذه هي نصائحي لك، وأسأل الله لك العافية والتوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً