الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

لست راضية عن حياتي وأقارن نفسي بالآخرين كثيرا!

السؤال

السلام عليكم

أرجو مساعدتكم، أنا في حالة لا يعلم بها إلا الله:

أشعر بحزن شديد جدا، كنت على عكس ذلك، كنت أنا مصدر الإيجابية والتفاؤل، أنا الآن لا أشعر بطعم الحياة، لا أشعر بطعم العبادة، كنت حين أدعو الله أدعوه بيقين وفرح، أتلو القرآن بكثرة وسورة البقرة يوميا، وأذكر الله بكثرة، كنت أشعر برضا تام بحياتي، ولله الحمد.

أما الآن انقلبت حياتي رأسا على عقب، أبكي كثيرا، أشعر بأني لست راضية عن حياتي، أقارن نفسي بالآخرين كثيرا، آه آه كم أتألم، لا أشعر بنجاح في حياتي، ولا أحد يتقدم لخطبتي، أو أحد يتكلم علي، الجانب هذا يؤلمني كثيرا.

أخواتي تزوجن، وهن بعيدات علينا، أيضا هذا جانب يؤلمني كثيرا، خطبنا لأخي فتاة على خلق، ولكن لا أشعر برضا تجاهها، وأتمنى لأخي فتاة أخرى أعرفها وأحببتها.

أرجوكم أنا في دائرة مغلقة، لا أعرف كيف أخرج منها، أشعر بنفسي بأني مليئة بالسلبية التي تكاد تدمرني وتقتلني.

آسفة على الإطالة.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الابنة الفاضلة/ نور الإيمان حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نرحب بك ابنتنا الكريمة في استشارات إسلام ويب، ونسأل الله تعالى أن يرزقك حلاوة الإيمان ويُعينك على طاعته وذكره، ويرزقك الزوج الصالح الذي تَقَرُّ به عينُك وتسكنُ إليه نفسُك.

لا شك ابنتنا الكريمة أن الإنسان يتقلَّبُ ويتغيَّر حالُه، وهذه طبيعة الحياة، فهي ميدان للابتلاء، وعلى المؤمن أن يدفع أقدار الله بأقدار الله، فيفرُّ من قدر الله تعالى إلى قدر الله، وأن يعلم أن الشيطان قاعدٌ له في طُرق الخيرات، يُريدُ أن يصدَّه عنها ما أمكنه ذلك، والرسول صلى الله عليه وسلم قد أخبر بهذه الحقيقة، كما نطقت بها آياتُ الكتاب العزيز، فقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم: ((إن الشيطان قعد لابن آدم بأطرقه))، فهو يحاول أن يُثبّطك عن الطاعات وصرفك عنها إذا لم يقدر على أن يَجُرَّك للوقوع في المعاصي والسيئات.

وهذا يحتاج منك إلى شيء من المجاهدة والصبر، فإذا جاهدتِ نفسك وصبرت على ذلك فإنك ستصلين بإذن الله تعالى إلى طعم الحياة الحلوة في ظلال الطاعة مرة أخرى.

فنصيحتُنا لك أولاً أن تُكثري من ذكر الله تعالى، فذكر الله يشرح الصدر ويطمئنُّ به القلب، ولو تجدي هذه الثمرة في أول الطريق فإنك ستجدينها بعد الدوام والاستمرار، فأكثري من ذكر الله ومن قراءة القرآن، واحرصي على تدبُّر وتفهُّم آيات القرآن التي تقرئينها.

ثانيًا: نصيحتُنا لك بأن تتعرفي على النساء الصالحات والفتيات الطيبات، وتحاولي قضاء أوقاتٍ معهنَّ فيما ينفعك من أمر دينٍ أو دُنيا، فإن هذا يكسر حاجز العزلة ويُقدّم لك مهارات ومنافع.

ثالثًا: أكثري من دعاء الله تعالى بأن يثبت قلبك، فالنبي صلى الله عليه وسلم كان يدعو بهؤلاء الدعوات وهو نبيّ، كان يقول: ((يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك))، فأكثري من دعاء الله تعالى، واللجوء إليه، وأحسني ظنَّك بالله أنه سيُقدّر لك الخير ويتقبّل منك العمل ويُثيبُك عليه.

رابعًا: عليك بتقوى الله تعالى فإنه مفتاح للخيرات، فقد الله تعالى: {ومن يتق الله يجعل له مخرجًا ويرزقه من حيث لا يحتسب}، وعليك بكثرة الاستغفار فإنه يجلب الخيرات، {فقلت استغفروا ربكم إنه كان غفارًا يرسل السماء عليكم مدارًا ويمددكم بأموال وبنين ويجعل لكم جنات ويجعل لكم أنهارًا}، وعليك بالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم؛ لأنه قال: ((إذًا تُكفى همك ويُغفر لك ذنبك)).

وتذكّري ما أعدَّه الله تعالى للمؤمنين الصابرين من الأجور العظيمة والجوائز الكبيرة في جنّات عدن، وليس بيننا وبين هذه الأجور إلَّا الموت، والموت قد يكونُ قريبًا من حيث لا نشعر.

لا تُقارني نفسك بالآخرين إلَّا في خصال الخير، ليكون ذلك باعثًا لك وحاثًّا على أن تفعلي من الخيرات ما تُدركينهم به، أمَّا ما أتاهم الله تعالى من الدنيا والأرزاق، فينبغي أن تنظري إلى مَن هم أقلَّ منكِ، وتتفكري وتنظري إلى أحوال المصابين بأنواع المصائب لتعرفي نعمة الله تعالى عليك، فهذه هي الوصية النبوية: ((انْظُرُوا إِلَى مَنْ هُوَ أَسْفَلَ مِنْكُمْ، وَلَا تَنْظُرُوا إِلَى مَنْ هُوَ فَوْقَكُمْ، فَإِنَّهُ أَجْدَرُ أَنْ لَا تَزْدَرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ)).

إذا اتبعت هذه الخطوات والنصائح، فإنك ستمتلئين إيجابيًا من جديد، وستجدين الحياة حلوة، وفيها ما ينبغي أن تفعليه، وهو كثير.

خذي بالأسباب للحصول على الزوج الصالح، من ذلك: التعرُّف على النساء وطلب مساعدتهنَّ، ومن ذلك: دعاء الله تعالى، ومن ذلك: الاستعانة بالرجال المحارم كالإخوان والأخوال والأعمام، وعلِّقي أملك بالله تعالى، فإنه أرحم بك من نفسك، وسيُقدّرْ لك الخير، وإذا تأخّر عنك هذا فاعلمي أنه الخير، فإن الله يعلم وأنت لا تعلمين، وقد قال سبحانه وتعالى: {وعسى أن تكرهوا شيئًا وهو خيرٌ لكم وعسى أن تحبوا شيئًا وهو شرٌّ لكم والله يعلم وأنتم لا تعلمون}.

نسأل الله تعالى أن يوفقك لكل خير، وييسر الخير لك حيث كان.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً