الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أدعو الله أن يجمعني بشاب أحبه، فهل الدعاء صحيح؟

السؤال

السلام عليكم.

كنت على علاقة مع شاب -غفر الله لي وله-، ثم انفصلنا، كنت أدعو الله كثيرا أن يجمعني به، وأن يسهل لنا الأمور كي نتزوج، قمت الليل والعشر الأواخر من رمضان، وما زلت أقوم حتى الآن، وأدعو في كل وقت مستحب بين الأذان والإقامة، يوم الجمعة، الثلث الأخير من الليل، عند الغيث، فرجع لي، لكن ليس رسميا، ومرة أخرى انفصلنا.

عائلتي نصحتني بعدم الدعاء بالزواج به، قلبي وعقلي يريدانه وبشدة، ففيه الاحترام والصلاح والصلاة والصيام، في نظري هو زوج صالح، لا أعلم إن كنت مخطئة في دعائي، أعلم أن الأمور بيد الله، وما هو إلا عبد مسير، علما أنه سيخطب قريبا، أريده وبشدة، أدعو الله أن يعوضني خيرا ويرضني به، وأن يرفع ما بيننا من البلاء، ويجعل بيننا مودة ورحمة، لا أعلم ما هو الدعاء الصحيح، أرجوكم أفيدوني، ولا تبخلوا علي بالدعاء.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ جنة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك – ابنتنا الكريمة – في استشارات إسلام ويب.
أولاً: نسأل الله تعالى بأسمائه وصفاته أن يرزقك الزوج الصالح الذي تقرُّ به عينُك وتسكنُ إليه نفسك.

وثانيًا: نصيحتُنا لك - ابنتنا الكريمة – أن تفوضي الاختيار لله سبحانه وتعالى، وأن تُعلِّقي قلبك بالله، فهو سبحانه أعلم بما يُصلحك، وهو مع هذا العلم أرحم بك من نفسك ومن أُمّك وأبيك، وربما يحرص الإنسان على شيء أشد الحرص لأنه يظنّه الخير، ولكنّ الله تعالى يعلم أن الخير في سواه؛ فيصرفه عنه، وإن تألَّم هذا الإنسان، لكن هذا التألُّم سبب لوقوع ما يسعد به ويفرح بعد ذلك، وأنت لا تدرين ما تحمله الأيام، ولا تدرين حقيقة هذا الإنسان، وكيف سيكون في المستقبل، فكلُّ هذا غيب لا يعلمه إلَّا الله، فالخير كل الخير أن تفوضي أمورك إلى الله تعالى، وأن تسأليه أن يُقدّر لك الخير ويُرضّيك به، وهذا ما قد فعلته أنت في بعض أحوالك، ونحن نؤكد هذا ونقوّيه، فينبغي أن تلجئي إليه، وأن يكون هو طريقك.

وكوني مع ذلك حسنة الظنّ بالله تعالى، أنه لن يُقدّر لك إلَّا ما فيه الخير، فإنه سبحانه وتعالى عند ظنّ عبده، كما قال في الحديث القدسي: ((أنا عند ظنّ عبدي بي)).

ولهذا فالأفضل أن تكون أدعيتُك وطلبُك من ربّك بأن يُقدّر لك الزوج الصالح، فذاك الدعاء أنفع لك عاجلاً وآجلاً، أمَّا آجلاً فلأنه إذا استجاب الله تعالى لك هذا الدعاء سيأتيك بالزوج الذي يصلح معه دينك وتصلح دنياك. وأمَّا العاجل فلأن هذا الدعاء يُساعد ويُعين على قطع تعلُّق قلبك بهذا الإنسان المُعيَّن، الذي ربما قد قدّر الله ألَّا يكون زوجًا لك.

فاسلكي هذا الطريق وثابري عليه، وحاولي قدر استطاعتك نسيان هذا الإنسان، وممَّا يُعينك على نسيانه: اليأس، فإن النفس إذا يئست من الشيء نسيته.

وبقي شيء مهمٌّ – أيتها البنت الكريمة – ينبغي أن تلتفتي إليه وتعتني به، وهو مؤثِّرٌ في دعائك، ومُؤثِّرٌ فيما يُساق إليك من الأرزاق، ألا وهو حُسن حالك مع الله تعالى، حسِّني حالك مع الله بالتوبة من جميع ذنوبك، وبالقيام بالفرائض التي كلَّفك الله تعالى بها، وباجتناب ما حرَّمه الله تعالى عليك، فإذا سلكت هذا الطريق فأنت في كنف الله تعالى ورعايته، لن يصلك إلَّا الخير، وقد قال سبحانه: {ومن يتق الله يجعل له مخرجًا ويرزقه من حيث لا يحتسب}، وإذا رزقك فإنه يرزقك الرزق الطيب الذي تصلح به الحياة وتسعدين في الدنيا والآخرة.

فتوبي إلى الله تعالى من جميع التقصير والسيئات، والزمي الفرائض واجتنبي المحرمات، وكلُّنا صاحب ذنب وتقصير، واعلمي جيدًا أن الإنسان قد يُحرم الأرزاق بسبب ذنوبه، وقد قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: ((إن العبد ليُحرم الرزق بالذنب يُصيبُه))، فأكثري من التوبة والاستغفار ومن ذكر الله تعالى، وأكثري من دعائه، وأقنعي نفسك بأن ما يسوقه الله تعالى إليك من رزق الزواج ينبغي أن تقبلي به، وألَّا تُعلقي قلبك بهذا الشخص المُعيّن، فربما كان الخير في الانصراف عنه.

نسأل الله أن يُقدر لك الخير حيث كان.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً