الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أشعر بأنني غير طبيعية؛ لأنني لست منفتحة كالآخرين.. أرشدوني

السؤال

أنا فتاة عمري16 سنة، بدأت معي هذه المشاكل النفسية منذ سنة، أصبحت منغلقة على نفسي، وأخجل كثيرا، وتنتابني وساوس شديدة في كل شيء، والتي تتعبني كثيرا، هي مثل أفكار وصوت في داخلي، فعندما أريد أن أتحدث مثلا مع صديقتي أقول في نفسي أنا لا أعرف أن أتكلم، ولا أن أتواصل مع الناس، وأشعر أن صديقتي لن يعجبها كلامي، وستبتعد عني بعد وقت قصير، وأنها لا تحبني، ولن يحبني أحد.

أصبح هذا الأمر يتكرر مع كل شخص ألتقي به، ومثلا في دراستي نادرا ما أشارك في القسم، حتى إذا أردت أن أشارك يجب أن أكون مهيئة للدرس تهيئة تامة ومتأكدة من كل شيء، وعندما أبدأ مثلا في حفظ درس تأتيني تلك الأفكار والأصوات الداخلية التي تقول إنني لن أتذكر شيئا، وسأنسى كل ما حفظته.

في يوم أحسست أنني سأصبح مجنونة، وبدأت بالبكاء، الآن أنا أقاوم وأصارع نفسي، صارحت أمي بالحقيقة، ولكنها لم تفهمني وقالت إنني أحرجها أمام الناس؛ لأنها لاحظت في مرة حيث كنا مجتمعين مع العائلة بنات عمي يمرحون ويتحدثون، وأنا كنت بعيدة عنهم أحمل الهاتف لكي أبدو مشغولة، ولا يظنون أنني لا أريد أن أشاركهم الكلام والمرح، فأنا فعلا أريد أن أمرح وأتحدث معهم، لكن تلك الوساوس والأفكار التي تأتيني وقت الحديث تمنعني، حيث أصبحت أتوتر كثيرا، وتزداد نبضات قلبي، أصبحت أحتقر نفسي، ولا أثق بنفسي، أيضا أصبحت أتأثر بسرعة وأبكي من أبسط الأشياء، أشعر بأنني غير طبيعية؛ لأنني لست منفتحة كالآخرين، أحس بضيق في صدري لا يفارقني، معظم الأوقات أظل صامتة وأبكي بدون سبب.

أرجوكم ساعدوني، مستقبلي سيضيع.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ فاطمة الزهراء حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

ابنتي العزيزة: أنتِ في سن تتكون فيه شخصية الانسان، وفي هذه المرحلة تحدث العديد من التغيرات الهرمونية، والتغيرات في التفكير، والحكم على الأشياء، وتبدأ ملامح "كيفية" تعاملنا مع الآخرين تظهر بشكل أوضح، وعند بعض الشخصيات التي تعاني من (الحساسية النفسية الزائدة) كل ما ذكر يكون بدرجة مبالغ بها، فترينه يفسر الأحداث والكلام والتصرفات بشكل أكثر حساسية، وهذا الأمر يصبح متعباً له وللآخرين.

أما بالنسبة للأصوات الداخلية، قد يكون سببها أحياناً الإصابة بنوع من أنواع الهلوسة السمعية التي تتصف بإدراك الصوت من دون منبه صوتي، وهنالك ثلاثة صور رئيسة تحدث فيها غالباً حالات الهلوسة السمعية: أن يسمع الشخص صوتاً يحكي عن أفكاره، أو أن يسمع أصواتاً تتجادل فيما بينها، أو أن يسمع صوتاً يروي عليه أفعاله، ولا تقتصر هذه الأنواع الثلاثة على كل أنواع الهلوسة السمعية، ولكنها الحالات الشائعة.

بناء على ما ورد في سرد المشكلة، نقترح عليك اتباع الإرشادات التالية:

- عليك أولاً "التخطيط" لما تريدين أن تقوليه أو تفعليه، وأن تنظمي آلية التنفيذ، مثال: إذا أردتِ المناقشة في الحصة عليك التحضير المسبق للدرس، وعندما يُسمح لك بالمناقشة، عليك سلسلة أفكارك في طرح الموضوع بحيث لا يشعر المتلقي بالملل أو بسخافة الطرح، فينتابه النفور والانسحاب من الإصغاء إليك، وهذا ينسحب أيضاً على تفاعلك الاجتماعي داخل وخارج المدرسة.

- الأصوات الداخلية التي تأتيك، على الأغلب مصدرها عدم الراحة، والتفكير المكثف بأمر ما، مما يُشعرك بضجيج في رأسك، والحل هو: صفاء الذهن، وأخذ قسط وافر من النوم، وممارسة الرياضة بشكل يومي خلال هذه الفترة حتى لو كانت رياضة المشي لمدة نصف ساعة يومياً، وعليك بتنظيم أولوياتك من المهمة إلى الأقل أهمية.

- طبقي طريقة التجاهل: والتي تكمن في عدم الاهتمام لكل كبيرة وصغيرة، فأحيانا التركيز المفرط يجعلنا أكثر حساسية للكلمة والنظرة والحركة، وبذلك وكأننا نسلم أنفسنا للمعاناة النفسية المتمثلة في التفكير في فلان وفلانة وماذا قلت أنا؟ وكيف أجابني؟، وكان علي أن أقول كذا وكذا.

- تواصلي اجتماعياً مع الناس على اختلاف تفكيرهم، وليس بالضرورة أن تتبني هذا الفكر أو ذاك فإذا جلست مع مجموعة "لا تشبهك" من حيث الصفات، فهذا يجعلك أكثر اطلاعاً وخبرة في شخصيات الآخرين وطباعهم، وعندما تشعرين أنه من الصعوبة البالغة مشاركة زميلاتك أو قريباتك في فعالية ما أو جلسة عائلية، فاجلسي واكتبي إجابة للسؤال التالي: لماذا لا أستطيع أن أشاركهم جلساتهم والتفاعل معهم؟ إذا لم تستطيعين التعبير في المرة الأولى، انتظري قليلا لساعات أو ليوم كامل وارجعي مرة أخرى وحاولي الكتابة، حددي النقاط، وابدئي بالحل.

- حددي جميع المواقف ذات الأولوية التي يرتفع فيها مستوى القلق وتزداد فيها نبضات قلبك، ورتبيها من الأكثر تأثيراً إلى الأقل تأثيراً.

- ابدئي الآن باختيار مشكلة واحدة وابدئي بتطبيق استراتيجية "لإزالة الحساسية الزائدة" وصولاً إلى المواجهة ، من خلال:

(أ‌) استرخِي على سرير في مكان هادئ.

(ب‌) تخيلي المشكلة التي ستواجهك، وسَتُحدث فيك القلق والتوتر.

(ت‌) أغمضي عينيك وتخيلي الموقف الذي تصفينه.

(ث‌) تصوري الموقف يحدث وتخيلي أنك هناك فعلاً.

(ج‌) عندما تفعلين الخطوة (ث) فأنت ستشعرين ببعض القلق.

(ح‌) إذا حدث ذلك أوقفي المشهد التخيُّلي حالاً.

(خ‌) استرخي وأريحي عضلات جسمك.

(د‌) ارجعي وتخيلي المشهد ثانية، وإذا شعرت بالتوتر والقلق، أريحي ذهنك.

(ذ‌) كرري الخطوات السابقة للمستوى الذي تستطيعين فيه تخيُّل المشهد دون أن تشعري بالقلق.

بذلك الأسلوب تستطيعين -إن شاء الله- أن تُخفضي من مستوى القلق، وفقك الله لكل خير.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً