الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أشعر باكتئاب شديد وعدم القدرة على اتخاذ القرار.. ساعدوني.

السؤال

السلام عليكم.

أعتذر عن طول الموضوع.

مشكلتي تكمن في أنني قبل فترة كنت مقبلا على السفر وعند وصولي للحظة التي أريد أن أسافر فيها أصابني نوع من الهلع الشديد، وأجلت الموضوع بهدف التفكير بشكل أكبر فيه.

المرة الثانية: حدث معي الشيء ذاته هلع أيضا وأجلت الموضوع، فأحد الأسباب كانت المصاريف العالية التي سأصرفها في سفري خصوصا أنني معتاد على العمل، بالإضافة إلى موضوع الأهل.

بعد فترة بدأت أحس بفشل شديد خصوصا أنني لم أسافر وليس لدي عمل، ثم تفاقمت الأمور؛ لأنني بدأت أفكر في كل شيء بسلبية، وغير قادر على أخذ القرار بأن أبقى في بلدي بين أهلي أو أسافر.

حصلت على فرصة عمل مؤقت براتب بسيط جدا في بلادي مما جعلني أفكر في الموضوع بشكل أعمق، ولكن للأسف لاحظت أن عندي حالة اكتئاب شديدة ولا أستطيع التفكير بشكل صحيح، ولا أعرف أي خيار أنسب، فهل أبقى في بلدي أم أسافر؟ وصار عندي كره شديد لنفسي، هل يوجد حل لحالتي؟

أخاف من المستقبل بشكل كبير، وهذا الكلام يجعلني أحتار كثيرا باختياراتي خصوصا أن الذي بعمري صاروا مستقرين أما بعمل معين أو بمشروعهم الخاص، وأنا إلى الآن أبحث عن هدفي الذي لا أستطيع إيجاده وأنا بهذه الحالة، أخشى أن تزداد عندي الحالة بشكل ضخم إذا قررت أن أسافر، أو ترجع لي نفس الحالة ثالث مرة، فأنا أريد السفر، أتمنى منك المساعدة.

وشكرا جزيلا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ Anonymous حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أخي الكريم: لا يوجد حدث بدون سبب، عدم سفرك له سبب أنت تعلمه جيداً، وإذا قلت أنك خائف، عليك أن تُحدد خوفك من ماذا؟ معظم الشباب تسافر وتفتح أمامها آفاق أوسع، ويتحسن وضعهم المادي خلال فترة قصيرة، ويختصرون سنوات عمرهم، أنت تريد أن تبقى في بلدك وبين أهلك وأقربائك وبنفس الوقت تريد أن تسافر لتحسين وضعك المادي، هذا هو الصراع الأساسي الذي عليك أن تحسم قرارك بشأنه.

شعورك بالاكتئاب نابع من شعورك بالعجز عن القيام بأي شيء، ولكن وفي اللحظة التي تنهض فيها وتصمم وتتخذ قرارك الصائب، سوف تزول جميع هذه المشاعر السلبية التي تعاني منها، لأن وصفنا لأنفسنا أننا مكتئبون هو وصف عام نستخدمه عندما نحزن أو نصاب بالإحباط أو الفشل أو الانطوائية وفقد الشهية للأكل، ومواجهة صعوبة في التفكير بأبسط الأمور، ويقل اهتمامنا بالأسرة والأصدقاء والعالم الخارجي، ويسيطر علينا شعور بأننا عاجزون ولا قيمة لنا، (ولكن جميع هذه الأعراض قد تكون مرتبطة بسبب محدد وتزول بزوال هذا السبب)، وإذا طالت مدتها وتأثيرها وجب على الشخص الذي يعاني منها مراجعة طبيب نفسي.

أخي العزيز: فيما يلي مجموعة من الأفكار لحل مشكلتك، نأمل منك تطبيق ما يمكن منها:
- بالنسبة لاتخاذ القرار: اكتب سلبيات وإيجابيات السفر خارج بلدك أو البقاء عند أهلك، ويجب أن تضع محاور رئيسية للمقارنة، منها: الجانب المادي، والنفسي، والاجتماعي، والصحي.

- لا تتخذ قرارك بشكل منفرد، بل استعن بذوي الخبرة في ذلك من أصدقاء وأقارب، واستشر ذوي التخصص، ولا تقارن نفسك بالآخرين الذين تغربوا أو الذين بقوا في بلدهم، فلكل شخص ظروفه الخاصة والتي تختلف عن شخص آخر.

- فكر، خطط، اتخذ القرار، وهنا عليك بالحكمة وعدم التسرع، وتقييم قدراتك بشكل جيد، ليكون القرار يتناسب مع ما تملك من إمكانيات.

- عليك التفكير بإيجابية، فنحن نصاب بالاكتئاب والإحباط لأننا نرهق أنفسنا بكيفية تفسير وتحليل المشكلة إلى الحد الذي لا يستطيع الدماغ معه تحمل هذا الكم الهائل من الأفكار السلبية، فالناقلات العصبية - وهي مواد كيميائية متواجدة بشكل طبيعي في الدماغ - من المرجح أنها تؤدي دورًا في الإصابة بالاكتئاب، إذ أن التغيُّرات في وظيفة هذه الناقلات العصبية وتأثيرها، وكيفية تفاعلها مع الدوائر العصبية المشاركة في الحفاظ على استقرار الحالة المزاجية؛ قد تلعب دورًا مهمًا في الاكتئاب وعلاجه.

أخي العزيز: تفكر كثيراً مما يجعلك تعمل ألف حساب لكل خطوة سوف تخطوها، بينما غيرك لا يحمل الأمر أكثر مما يحتمل، ويتخذ قراره ويتوكل على الله، وتسير أموره بشكل أسهل، لذا حاول أن لا تركز فقط على سلبيات الشيء بل أنظر إلى إيجابياته أيضاً.

- المواجهة: يقال: (الأمر الذي يخيفك واجهه ولا تهرب منه)، وأنا أقول لك واجه واقعك بنفسك ولا تعتمد على أحد، وإن معاناتك أثناء المواجهة أقل وطأة عليك من معاناتك من الاكتئاب، إضافة إلى أنك سوف تعاني قليلاً ولكن ستنتهي جميع المشاعر السلبية، وتبدأ حياة صحية جديدة، بنظرة إيجابية تفاؤلية.

- بالنسبة للتفكير والخوف من المستقبل، يا أخي أن علم الغيب بيد الله وحده، قال الله تعالى: (قُلْ لَا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ) النمل/65، وقال سبحانه: (وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُهَا وَلَا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الْأَرْضِ وَلَا رَطْبٍ وَلَا يَابِسٍ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ) الأنعام/59.

وفقك الله لكل خير.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً