الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

فترة حظر كورونا سببت لي أفكارا وسواسية مزعجة!

السؤال

السلام عليكم.

عملت في البيت خلال فترة حظر كورونا 9 ساعات في الغرفة يوميا، ولم أخرج من البيت لمدة 5 أشهر، وكنت مبسوطا، ولكن بدأت أواجه صعوبة في النوم وبدأت التفكير في النوم، وأصابني هلع لمدة أسبوع، وتخلصت من هذا الأرق أسبوعا، ورجعت الحالة وبدأت الوساوس، لماذا أنا أفكر وأحاول التخلص منها؟

وبدأت الأفكار تأتيني أني بحاجة لطبيب نفسي، وبعدها لم أفكر في الموضوع، ولكن يوميا عندما أكون مبسوطا أقول في نفسي: أنا الآن مبسوط يا رب لا أرجع للأفكار الغريبة. لا يوجد تركيز أبدا، وتأتيني أفكار مخيفة، مثلا لماذا أنا عايش؟ لماذا نعمل ونتزوج؟ والمشكلة أحس أني مقتنع بالأفكار، وأحاول أن أقنع نفسي أنه مجرد تفكير، ولكن بلا فائدة.

تركت عملي وبدأت أذهب إلى أصدقائي، وتتحسن نفسيتي، ولما أعود للبيت تعود لي الحالة، وعندما يأتيني عمل مثلا في شركة، أفكر أني عاجز عن العمل في أي شيء، وآخر شيء بدأت أفكر أني أتحدث مع نفسي كثيرا وأنظر لنفسي من الداخل، وهو شعور مخيف، وأقول لماذا هكذا شكل الإنسان؟ وهل أنا موجود فعلا في الدنيا؟ أو مثلا ما الفائدة إذا أنام اليوم وأصحو غدا وأذهب للعمل وأعود للبيت لأنام من جديد؟ وأخاف من هذا التفكير، وأحاول التخلص منه، وهذه الحالة منذ 3 أشهر وأول مرة تحدث لي، وكأني في حلم اليقظة، أخاف من التحدث مع نفسي، والتفكير الغريب عندما أكون لوحدي، ولكن عندما أكون مع أشخاص أنسى هذه الأفكار، وأحيانا أنظر لهم وأفكر كيف يتكلمون! ما الحل؟ لقد تعبت.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

هذه التساؤلات التي تطرح نفسها عليك وتسبب لك القلق والتوتر هي أفكار وسواسية، ومثل هذا الفكر أنا أعتقد يجب ألَّا تخوض فيه، يجب أن تحقره، ودائمًا الفكرة يقاومها الإنسان في بداياتها قبل أن تتجسد وتكتمل وتصبح صورة ذهنية كاملة.

مثل هذه التساؤلات التخلص منها ليس صعبًا – أخي الكريم – وبالنسبة لفترة الكورونا والعمل لمدة تسع ساعات: هذا لا تنظر إليه نظرة سلبية أبدًا، هذا إنجاز كبير، فأنت قد تكيفت مع الوضع وقد أنتجت، والحمد لله لم تُصب بضجر أو باكتئاب في هذه الفترة، فانظر إلى إنجازاتك هذه نظرة إيجابية، وابدأ الآن صفحة جديدة، ولا بد أن تبحث عن عمل، ليس هنالك ما يمنعك عن العمل أبدًا، المهم هو حسن إدارة الوقت، كيف يوفق الإنسان بين عمله وبين راحته، وبين عبادته، وبين الترفيه عن نفسه، والتواصل الاجتماعي؟ الأمر يتعلق بحسن إدارة الوقت وليس بأي شيء آخر، فيجب أن تنتهج هذا المنهج.

أعتقد أنك أيضًا لو تناولت دواء بسيطًا ليساعدك في القلق والتوتر ويُحسّن من نومك ويُقلل من الوسوسة، أعتقد أن ذلك سيكون أيضًا أمرًا مفيدًا لك، لأن الفكر الوسواسي يستجيب بصورة رائعة جدًّا للأدوية، وهناك دواء قديم يُسمَّى (أنفرانيل/كلوإمبرامين) ربما يكون هو الأنسب في حالتك، لأنه يُحسّن النوم، قد يُسبب آثارا جانبية بسيطة، مثل الشعور بالجفاف في الفم في الأيام الأولى للعلاج، بخلاف ذلك فهو جيد، والجرعة هي أن تبدأ بخمسة وعشرين مليجرامًا يوميًا لمدة عشرة أيام، بعد ذلك اجعلها خمسين مليجرامًا يوميًا، ويفضل تناولها ليلاً، لمدة شهرٍ، ثم اجعلها خمسة وعشرين مليجرامًا ليلاً لمدة شهرين، ثم خمسة وعشرين مليجرامًا يومًا بعد يومٍ لمدة عشرة أيام، ثم توقف عن تناول الدواء.

توجد قطعًا أدوية أخرى كثيرة جدًّا، كلها تفيد في علاج القلق والوساوس، لكن هذا دواء بسيط وقد يكون هو الأنسب في حالتك.

لا تنزعج، الحالة بسيطة جدًّا، قلق وسواسي وليس أكثر من ذلك، وكما ذكرتُ لك: هذا الفكر يجب أن تحقّره وتتجاهله وتقاومه، وأن لا تخوض فيه، وتستبدله بفكر آخر. حاول أن تنظم وقتك، وارجع للعمل، وحافظ على التوازن الزمني بالنسبة للوقت وإدارته على أفضل ما يكون.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً