الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

ابن يعق أمه وأبوه لا يوجهه!

السؤال

السلام عليكم.

الابن عمره 13 عاما، يعق أمه بشدة وبقسوة جداً، العلاقات لا تكون بخير دائما بين أبيه وأمه فهم في نزاعات غالباً، الأم شخصيتها ضعيفة، لا تمكنها من معاقبته ولا حتى إرشاده، فهو لا يستمع إليها، ولا يعتبرها شخصاً يُعتد به.

في حين أن أباه صاحب شخصية قوية ويستطيع التأثير عليه، ولكنه لا يعاقبه على عقوقه لأمه، ففي إحدى المرات طلبت الأم (أمام بعض الغرباء) من هذا الابن جلب طلب لها، ولكنه لم يلبِ لها طلبها، وخذلها أمام الغرباء، وعندما شكته لأبيه قال لها: "أنت تعلمين أنه لا يستمع لكلامك لِمَ طلبتِ منه، وجعلها هي المُخطئة"، (كان رده قاسياً حقاَ).

سؤالي هو: هل عدم معاقبة الأب لابنه على ذلك ذنباَ يُحاسب عليه يوم الدين؟

كل الشكر والاحترام لكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الابنة الفاضلة/ إيناس حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك -ابنتنا الكريمة- في استشارات إسلام ويب.

لا شك أن عقوق الأم من كبائر الذنوب وعظائم الموبقات، وهذا الولد إن كان قد بلغ -يعني قد احتلم مثلاً- فإنه بالغ، يجري عليه قلم التكليف، ويُحاسبُه الله تعالى على عمله، فهو أحوج ما يكون إلى وعظٍ ونُصحٍ وتوجيهٍ وتذكيرٍ بالله تعالى وبعقابه، فالنبي -صلى الله عليه وسلم- حذّر من العقوق في أحاديث كثيرة، والقرآن أمر بالبر بالوالدين في آياتٍ كثيرة، وخاصة الأم بمزيد عناية واهتمام، فقال سبحانه: {ووصينا الإنسان بوالديه إحسانًا حملته أمه كرهًا ووضعته كُرهًا وحمله وفصاله ثلاثون شهرًا}، وقال: {ووصينا الإنسان بوالديه حملته أمُّه وهنًا على وهنٍ وفصاله في عامين أنِ اشكر لي ولوالديك إلي المصير}، وقال: {وقضى ربك ألَّا تعبدوا إلَّا إياه وبالوالدين إحسانًا}.

فهذا الولد بحاجة إلى توجيه، هذا أولاً.

أمَّا إذا كان غير بالغ فإنه لا يأثم، ولكن يأثم مَن لا ينصحه ومَن لا يأمره بالمعروف، وأوّلُ أولئك الأب، فالأب يجب عليه أن يُعلِّم ولده الواجبات الشرعية، والحديث ورد بإيجاب الصلاة، والعلماء يقولون: تُقاس الواجبات الأخرى على الصلاة، يعني: يجب على الأب أن يأمر ولده بالصيام حين يُطيق الصيام، ويجب عليه أن يُجنّبه المحرمات، ويجب عليه أن ينهاه عن عقوق أُمِّه؛ لأنه من المحرمات، فيجب على الأب أن يعوّد ولده فعل الواجبات والانكفاف عن المحرمات، حتى إذا بلغ بلغ وهو متمرِّسٌ على ذلك.

فممَّا لا شك فيه إذًا أن الأب مُقصّر في تربية ولده والقيام بحق هذا الولد، وعلى الأب أن يتوب إلى الله تعالى من هذا التقصير، ويقوم بما أوجب الله تعالى عليه من حُسن التربية والتعليم لولده، وإلَّا فإنه متعرِّضٌ لعقاب الله تعالى في الآخرة، لكنَّا لا نستطيع أن نجزم بالعقاب؛ لأن العقاب على المعاصي تحت مشيئة الله تعالى.

هذا، وينبغي أن يُنصح الوالدان بأن يجعلا حالة خلافهما وما قد يكون بينهما من شجار وخصام بعيدة عن الأبناء والبنات، فإن هذه المشاهد ربما تؤثر قسوة في نفس الأبناء والبنات، ممَّا يدفعهم إلى التحيُّز إلى أحد الوالدين أو التأثُّر به والتقصير في حق الآخر، والصورة المفترضة المثالية أن يعيش الوالدان دون نزاع ولا خصام، ولكن إن حصل بينهم شيءٌ من ذلك فينبغي أن يُجنب الأبناء والبنات رؤية ذلك بقدر الاستطاعة.

نسأل الله تعالى أن يهدي هذا الولد، وأن يهدي أباه أيضًا للقيام بما أوجب الله تعالى.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً