الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أشعر بالخوف والرهاب أمام الجمهور، فما العلاج؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

مشكلتي في الوقوف أمام الجمهور، أنا مقبل على تقديم جملة من العروض والدروس أمام زملائي في العمل في الأسبوع القادم.

أشعر هذه الأيام بعدم الارتياح، تارة أحس بخفقان في قلبي وتارة بمغص في معدتي، وتارة أخرى بألم في فخدي وركبتي، حتى إني أصبحت لا أتكلم مع عائلتي إلا نادراً.

للعلم فأنا اجتماعي، وحياتي طبيعية جداً، والكل يقول لي: إن شخصيتك قوية وكارزماتية، كما أني أتحدث طبيعياً مع 4 أو 3 أشخاص في وضعية حياتية واعتباطية، ولكن الأمر يختلف عندي عندما أقف أمام الناس في وضعية رسمية هم جالسون، وأنا واقف أمام السبورة أو في منصة حيث أحس بخفقان في القلب، وجفاف في الريق، وتلعثم في الكلام.

يحدث ذلك أيضاً عندما أصلي بشخص أو أكثر صلاة جهرية، أخبركم أني عندما كنت صغيراً في المدرسة كنت أتجنب القراءة أمام التلاميذ للأعراض نفسها، كما حدثت لي واقعة عانيت منها مدة طويلة، حيث أشار لي صديق وحلف علي أن أؤمهم لصلاة التراويح، منذ 18 سنة، فحدثت لي الأعراض، ولاحظوا تقطع صوتي، ومنهم من بدأ يضحك ولكني أكملت الركعتين، وفي كل ركعة ثمن حزب وأصررت على إكمالها ثم سلمت وتقدم آخر.

غير أني بعدها أصررت على أن أعالج الأمر فصليت إماماً منذ ذلك الحين عدة مرات أقول أكثر من مئة مرة، ولا زالت تأتيني الأعراض في الركعة الأولى، ولا أتحكم فيها إلا بصعوبة.

ذهبت عند طبيب نفسي وأخبرته أني أريد تقديم دروس لأصدقائي الأسبوع المقبل، فكتب لي الدوائين التاليين، وأشار لي بتناولهما لشهرين: نوديب 50مغ و ألبراز0.5.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عبده حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أرحب بك في الشبكة الإسلامية، وأسأل الله لك العافية والشفاء والتوفيق والسداد.

أخي: إن شاء الله حالتك بسيطة جدًّا، الذي تعاني منه نسميه بـ (قلق الأداء) أو (رهاب الأداء) وهو نوع من القلق الاجتماعي لكنّه بسيط جدًّا، وهو ظرفي حقيقة.

الأعراض التي تحس بها عند المواجهات أنا أؤكد لك أنه مبالغ فيها، هي ليست وهمية، هي موجودة، لكنها تتضخم وتتجسم في مشاعرك، وأنا أؤكد لك أمرًا آخر: أن الآخرين لا يحسون بهذه الأعراض ولا يشعرون بها، هذا أمرٌ مؤكد تمامًا، حتى موضوع التلعثم الذي ظهر عليك أثناء الصلاة وبعد ذلك أصبحت تقدم شخصًا آخر، أعتقد أنك لو صبرت على هذا الأمر وواصلت سوف يحدث لك التواؤم والتكيف مع هذا الوضع، لأن الأصل في علاج المخاوف هو المواجهة وليست التجنُّب.

أخي الكريم: الأدوية التي وصفها لك الطبيب أدوية ممتازة جدًّا وفاعلة جدًّا، فقط أريد أن أضيف لها عقارا آخر ممتازا يُسمَّى (إندرال) هذا اسمه التجاري، واسمه العلمي (بروبرالانول)، هذا دواء ينتمي لمجموعة من الأدوية تُسمَّى (كوابح البيتا)، وهذه حقيقة تُساعد في التحكم في الأعراض الجسدية لمخاوف المواجهات، يعني: الإنسان حين يحس بضربات القلب أو شيء من التلعثم أو حتى الرجفة، ميزة الإندرال أنه يُجهض هذه الأعراض تمامًا، وهو دواء بسيط جدًّا وسريع الفعالية.

أريد أن تبدأ في تناول الإندرال بجرعة عشرة مليجرام صباحًا ومساءً لمدة شهرٍ، ثم عشرة مليجرام صباحًا لمدة شهرٍ آخر، ثم تتوقف عن تناوله. ويمكنك أن تتناوله بجرعة عشرين مليجرامًا ساعتين قبل البرزنتيشن (Presentation)، هو دواء إسعافي ممتاز.

أمَّا الأدوية التي كتبها لك الطبيب، فدواء (نوديب) والذي يُسمَّى علميًا (سيرترالين) هو من أفضل الأدوية التي تُعالج الرهاب والخوف والقلق والتوترات والوسوسة، وهو في الأصل أحد مضادات الاكتئاب.

طريقة تناول النوديب هي: أن تبدأ بجرعة نصف حبة (خمسة وعشرون مليجرامًا) يوميًا، تتناولها مثلاً لمدة أسبوع، بعد ذلك تجعل الجرعة حبة واحدة يوميًا لمدة شهرٍ، ثم تجعلها حبتين يوميًا – أي مائة مليجرام – تستمر عليها لمدة ثلاثة أشهر، ثم تخفضها إلى حبة واحدة يوميًا لمدة ثلاثة أشهر أخرى، ثم تجعلها نصف حبة يوميًا لمدة أسبوعين، ثم نصف حبة يومًا بعد يومٍ لمدة أسبوعين، ثم تتوقف عن تناول النوديب.

هذه هي الجرعة الوسطية، لأن الجرعة الكلية هي أربع حبات في اليوم – أي مائتي مليجرام – لكنك لا تحتاج لهذه الجرعة.

عمومًا هذه هي الطريقة الأفضل لتناول هذا الدواء، لكن إن رأى طبيبك أي طريقة أخرى أو إرشادا آخر يفضل أن تتبع ما قاله لك طبيبك.

أمَّا بالنسبة للدواء الآخر وهو الـ (ألبراز) والذي يُسمى (ألبرازولام): هو أيضًا دواء إسعافي وسريع الفعالية لعلاج المخاوف بصفة عامة، ويؤدي إلى استرخاء، ويزيد النوم قليلاً، لكن يُعاب عليه أنه قد يؤدي إلى التعود والإدمان إذا استمر الإنسان عليه، فلذا أنا لا أنصح بتناوله لفترات طويلة، وأنا متأكد أن طبيبك سوف ينصحك نفس النصيحة إن لم يفعل في المرة الأولى.

الأشياء الأخرى أخي الكريم هو: أن تحرص على التواصل الاجتماعي، يجب أن تقوم بالواجبات الاجتماعية، لا تتخلف عن أي واجب اجتماعي: تلبية الدعوات، الأعراس، دعوات الأصدقاء والأهل، المشي في الجنائز، تقديم واجبات العزاء، زيارة المرضى، صلة الرحم، الترفيه بما هو طيب وجميل، الصلاة مع الجماعة دائمًا فيها خير كثير جدًّا للإنسان، ... إلخ.

أريدك أيضًا أن تتدرب على تمارين المشي، مفيدة جدًّا، الرياضة دائمًا تُجدد طاقات الإنسان وتحولها من سلبية إلى إيجابية.

حقّر فكرة المخاوف في وجدانك وفي تفكيرك، وأنا أؤكد لك أنك لست مراقبًا من قِبَلِ الآخرين. الحمد لله عملك مدير، وهذا يُتيح لك فرصة التفاعل الإيجابي جدًّا مع الآخرين.

هذه هي النصائح التي أودُّ أن أنصحها لك، وأسأل الله لك التوفيق والسداد، وأشكرك على الثقة في إسلام ويب.

لمزيد من الفائدة راجع: (2407088 - 2286299 - 2416172 - 2230509 - 2359821 - 1857).

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • المغرب زينب رفيقة الحياة

    جزاكم الله خيرا

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً