الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أعاني من اكتئاب وفراغ ووسواس قهري!

السؤال

السلام عليكم.

أعتذر عن الإطالة، لكنني أكاد أستسلم وبحاجة شديدة للمساعدة والتوجيه.

أنا فتاة عمري 20 سنة، عشت طفولتي بسعادة وبشكل طبيعي ومعتدل من جميع النواحي الروحية والاجتماعية والدراسية والنفسية، لكن مع ذلك كنت أحس ببعض النقص تجاه أمي وأحس ببعض التفرقة بالتعامل معي من بين إخوتي، مع أن أهلي لم يتقصدوا ذلك، شاء الله وانتقلت لبلد آخر في فترة بلوغي، وهنا كانت فترة تحول في حياتي، ومن ذلك الوقت وعلاقاتي مع الناس محدودة جدا لعدم وجود أشخاص عربا.

وبدأ الانطواء الاجتماعي، ثم الاكتئاب الذي دام حوالي 8 سنوات وما زال يرافقني إلى الآن، وكان مهربي من واقعي أحلام اليقظة التي باتت إدمانا لا أستطيع إيقافه، ومهربي الثاني إدمان الإنترنت، أجلس ساعات وساعات عليه يوميا، فكانت حياتي عبارة عن مدرسة، واكتئاب، وأحلام اليقظة، والإنترنت، لكن مع السنوات كان يزداد الوضع سوءا ويصبح لدي عالمي الخاص.

ومنذ عامين فشلت في تحقيق حلمي الدراسي الذي سعيت له سنوات، عندها أصبحت متبلدة المشاعر وكسولة جدا، لست مهتمة بأي شيء في هذه الحياة، وبسبب الفراغ أعاني حاليا منذ 7 أشهر من وسواس الطهارة والنجاسة والصلاة الشديد الذي أصبح يقتلني، ومهما فعلت وحاولت تجاهله وحل المشكلة لا أستطيع! وبسببه أمي طفح بها الكيل، فأصبحت لدينا مشاكل، فأنا فاشلة ومكتئبة طوال الوقت، ولست أهتم بنفسي أو بأحد ولا حتى بمظهري الشخصي، مع أنني في كل يوم أحاول أن أحسن وضعي، وطوال هذه السنوات أحاول أن أتغير وأبدأ من جديد، وفعلا أتحسن لفترة ولكن تكون مؤقتة وأعود أسوأ من قبل.

وشكرا لكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ نسمة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نرحب بك في الشبكة الإسلامية، وأسأل الله لك العافية والتوفيق والسداد.

رسالتك واضحة جدًّا، فأنت كنت طفلة متميزة بكل المقاييس، وبعد انتقالكم إلى الدولة الأخرى وذلك قبل ثمان سنوات، حدث لك ما نسميه بعدم القدرة على التكيف أو التواؤم، وهذا نتج عنه أعراض قلقية واكتئابية شرحتها بكل تفصيل، وأتاك الآن وسواس الطهارة والنجاسة والصلاة ذلك منذ سبعة أشهر.

الوساوس في حالتك نعتبرها ثانوية، والأساس هو عُسر المزاج والشعور بالكدر والضجر، وافتقاد الفعالية والدافعية.

أيتها الفاضلة الكريمة: الإنسان يستطيع أن يتغيّر ما دام قد أدرك ما ينقصه، الله تعالى حبانا بالعقل وبالمقدرة، وأعطانا هذه المهارات العظيمة لنتغيّر، وطبيعة الإنسان هي أن يتغيّر نحو الأحسن.

فأنت الحمد لله مُدركة مستبصرة مرتبطة بالواقع، فأنا أدعوك للتفكير الإيجابي، مَن يُفكّر إيجابيًّا يتحسّن في مشاعره وكذلك في أفعاله. لا تطعي مجالاً للفكر السلبي، الحياة طيبة، وأنت بخير، وأنت وسط أهلك، وأنت في بدايات سن الشباب، أمامك -إن شاء الله تعالى- مستقبل ممتاز، نعم الحياة أصبحت تنافسية جدًّا، ولا بد للإنسان أن يكدح فيها، وهذا -إن شاء الله تعالى- لن يقف عائقًا أمامك، لأن الله تعالى قد حباك بالطاقات.

إذًا التغيير الفكري السلوكي الإيجابي هو المطلوب في هذه الحالة، وتنهضين بنفسك مباشرة، وتُحسنين إدارة وقتك، لأن هذا هو سِرّ النجاح الآن. تضعين برنامجا وجدولا يوميا لإدارة الوقت، ويجب أن يُكتب هذا البرنامج إلزامًا لك، وتُطبقيه.

برنامجك يجب أن يبدأ بالنوم الليلي المبكّر وتجنب السهر، هذه النقطة المركزية الأولى. النوم الليلي المبكّر يؤدي إلى ترميم كامل في خلايا الدماغ، يؤدي إلى ترتيب إيجابي جدًّا في إفراز الموصِّلات العصبية، وهي مواد دماغية مهمَّة جدًّا، هي التي تتحكّم في المزاج.

والذي ينام ليلاً مبكّرًا يستيقظ نشطًا، تؤدين صلاة الفجر، وتبدئين يومك، تبدئين تذاكرين مثلاً بعد أن تتجهزين وتشربين الشاي والاستحمام وخلافه، وتقرئين وردك القرآني أيضًا، فتقرئين بعض دروسك وتُراجعينها، ساعةً في البكور تُعادل ساعتين إلى ثلاث ساعات من حيث قوة الاستيعاب في بقية اليوم، هذا كلام مؤكد، والذي يبدأ يومه بإيجابية سوف يسير اليوم معه بصورة سلسة وجميلة وإيجابية جدًّا، وسوف تجدين أنك تستطيعين أن تقومي بالكثير من المهام، (المشاركات العملية في البيت، التواصل مع صديقاتك، الصلاة في وقتها، الدراسة، الترفيه عن النفس)، هذا كله ممكن إذا وضع الإنسان خارطة زمنية إيجابية.

وأنا أعتقد أنك أيضًا تحتاجين لدواء بسيط، إذا كان بالإمكان أن تذهبي إلى طبيب نفسي فهذا أمرٌ جيد، وإن لم يكن بالإمكان سأذكر لك اسم الدواء، وأخطري والدتك بمحتوى هذه الاستشارة، وإن شاء الله تعالى والدتك لن تعترض على تناول الدواء.

الدواء يُسمَّى (سبرالكس) هذا هو اسمه التجاري، واسمه العلمي (استالوبرام)، وربما تجدينه تحت مسميات تجارية أخرى. تبدئين في تناوله بجرعة خمسة مليجرام – أي نصف حبة من الحبة التي تحتوي على عشرة مليجرام – تناوليها لمدة عشرة أيام، بعد ذلك اجعليها حبة واحدة يوميًا لمدة شهرٍ، ثم اجعليها عشرين مليجرامًا – أي حبتين – يوميًا لمدة شهرين، ثم خفضيها إلى عشرة مليجرام يوميًا لمدة ثلاثة أشهر، ثم خمسة مليجرام لمدة أسبوعين، ثم خمسة مليجرام يومًا بعد يومٍ لمدة أسبوعين آخرين، ثم توقفي عن تناول الدواء. السبرالكس دواء سليم وغير إدماني وغير تعودي.

وللفائدة راجعي هذا الرابط: (2438243).

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً