الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

عندما تنتابني أشعر بتعب وتقلب مزاج، وأفكر بما هو سيء!

السؤال

بعد التحية الطيبة

أعاني من ضربة قوية في الصدر، رفرفة مزعجة رغم عدم بذل جهد، وأنا مرتاح تأتيني، وليست مزعجة جدا، ذهبت إلى عدة أطباء، وطوارئ، وعملت فحوصات، ذهبت إلى طبيب قلب أول مرة، وقال لا يوجد شيء، بعد التخطيط والإيكو عمل لي انسدالا بسيطا في الصمام الميترالي، وأعطاني كونكور 5، وقال إنها سوف تتحسن بعد أن تتزوج، ولم ألاحظ تحسنا،
وعملت فحوصات دم شاملة، طلع عندي نقص فيتامين دال و12، وأخذت العلاج اللازم.

ذهبت إلى الطوارئ أكثر من مرة، وعملت تخطيطا وفحوصات، وكانت النتائج طبيعية، بعدها بمدة ذهبت إلى طبيب آخر، عملت تخطيطا وإيكو وأنزيمات القلب، وكلها سليمة، وسألته إذا كان هناك أي شيء بالصمام، فقال لا يوجد شيء، وأوقف لي الكونكور، وأعطاني انديكاردين عند اللزوم، ولا ألاحظ أي تحسن رغم أن الحالة مزعجة ومقلقة، عندما تنتابني أشعر بتعب وتقلب مزاج، وأفكر بما هو سيء، لا أعرف هل منشؤها عضوي أم نفسي؟ ولماذا تأتيني وأنا طبيعي لا أفكر ولا أنزعج، ولا يوجد أي مشاكل شخصية؟

أنا إنسان ملتزم دينيا، وأخاف التصرف بأي شيء خاطىء خوفا من عقاب الله عز وجل والحمد لله على كل حال، فما العلاج؟

آسف على الإطالة، ولكم جزيل الشكر والاحترام لكل القائمين على هذا الموقع.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد قطوسة حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أرحب بك في الشبكة الإسلامية، وأسأل الله لك العافية والشفاء.

أخي: إن شاء الله حالتك حالة بسيطة جدًّا، كثير من الأعراض الجسدية يكون منشؤها نفسيا، ويُعرف أن القلق على الصحة والمخاوف المرضية منتشرة جدًّا، والمخاوف المرضية يمكن أن تكون على مستوى العقل الباطني وليست على مستوى العقل الظاهري.

طبعًا التخوف من أمراض القلب وموت الفجأة – وهذه الأشياء – كثرتْ في هذا الزمان، فهذه أيضًا ولَّدتْ لدى الناس الكثير من القلق والكثير من التوترات، وبدأت تظهر ما نُسميه بالحالات النفسوجسدية، (آلام الصدر، زيادة نبضات القلب، الوخزات في الصدر، القولون العصبي)، هذه كلها أصبحت منتشرة جدًّا أخي الكريم، ونحن لا نعتبرها مرضًا، حقيقة هي ظاهرة، نعم هي مزعجة بعض الشيء، لكن إن شاء الله تعالى علاجها سهل جدًّا.

أولاً أخي الكريم: يجب أن تصل لقناعة مطلقة أن الذي تعاني منه هو مجرد نوع من الأعراض الجسدية البسيطة التي ليس لها أي سبب عضوي جسدي مرضي، وغالبًا تكون مرتبطة بنوع من القلق البسيط. هذه القناعة يجب أن تترسّخ لديك بصورة واضحة وجليّة.

ثانيًا: موضوع انسدال الصمام الميترالي موجود، وطبيعي جدًّا لدى الكثير من الناس، فإذًا – أخي الكريم – هذا الأمر يجب ألَّا يشغلك، وليس دليلاً على وجود أي مرض عضوي في القلب.

النقطة الثالثة هي: ألَّا تتردد كثيرًا على الأطباء، هذه إشكالية كبيرة جدًّا، الناس تتنقَّل من طبيب إلى طبيب، وبكل أسف قد يستمع الإنسان إلى آراء مختلفة من أطباء مختلفين، وهذا يؤدي إلى مزيد من القلق ومزيد من التوتر.

كل الذي أنصحك به هو أن تُراجع الطبيب الذي تثق به، طبيب الأسرة مثلاً أو طبيب الباطنية، مرة واحدة كل ثلاثة إلى أربعة أشهر من أجل الفحص الروتيني، وهذا يكفي تمامًا، وإن شاء الله يجعلك تطمئن كثيرًا.

والنقطة الرابعة وهي مهمة جدًّا: أن تعيش حياة صحية، الحياة الصحية تتطلب ممارسة الرياضة، حسن تنظيم الوقت، الحرص على العبادات، خاصة الصلوات في وقتها، وأنت بفضل الله تعالى حريصٌ على ذلك. التواصل الاجتماعي، القيام بالواجبات الاجتماعية، الترفيه عن النفس بما هو طيب وجميل، الحرص على العمل، وأن يطور الإنسان نفسه مهنيًّا، ...

فيا أخي الكريم: هذه الأسس أسس طيبة جدًّا، مَن ينتهجها حقيقة يستشعر أن صحته جيدة جدًّا، فأرجو أن تأخذ بهذا المنهج، وبقي أن أقول لك أنه سيكون من الجيد والمفيد لك أن تتناول أحد الأدوية البسيطة جدًّا، الدواء يُسمَّى (سبرالكس) واسمه العلمي (استالوبرام)، هو في الأصل مضاد للاكتئاب، أنت لست مكتئبًا أبدًا. الدواء له فعاليات أخرى، يُعالج المخاوف، يُعالج القلق، يُحسّن عند الإنسان المزاج، إذا كانت هناك وسوسة يزيلها، وقد وجدناه من أفضل الأدوية في علاج الحالات النفسوجسدية من النوع الذي تعاني منه.

فأنا أعرض عليك هذا الدواء، وإن أردتَّ أن تستشير طبيبك فهذا أيضًا أمرٌ جيد.

الجرعة المطلوبة في حالتك هي جرعة صغيرة جدًّا، توجد حبة فئة عشرة مليجرام، تتناول نصفها – أي خمسة مليجرام – يوميًا لمدة عشرة أيام، ثم اجعل الجرعة حبة واحدة يوميًا لمدة ثلاثة أشهر، ثم اجعلها نصف حبة – أي خمسة مليجرام – يوميًا لمدة أسبوعين، ثم خمسة مليجرام يومًا بعد يومٍ لمدة أسبوعين آخرين، ثم توقف عن تناول السبرالكس. هو سليم، غير إدماني، وليس له مضار إن شاء الله أبدًا، بالنسبة للمتزوجين ربما يُؤخّر القذف المنوي قليلاً في أثناء الجماع، لكنه لا يُؤثّر أبدًا على هرمون الإنجاب أو الذكورية عند الرجل.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً