الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حافظت على نفسي وقطعت علاقتي بصديقي القديم

السؤال

السلام عليكم.

أنا طالبة ولا زلت قاصرة، كان لي صديق ذكر يدرس معي، ولم أر منه الشر إلا قبل ستة أشهر، حيث بدأ يتغزل بي ويقول لي كلاما رخيصا، لم أعط لذلك بالا في البداية بسبب عقلي الطائش، ولكن الأمر تعدى الحدود فرجوته أن يمتنع عن فعل ذلك، وبالفعل قام بالامتناع عن ذلك، مرت الأشهر واستمرت صداقتي مع هذا الشخص إلا أنني أدركت مؤخرا أن أفكاره لا تطابق أفكاري، فهو يعتبر المواعد حلالا، والعلاقات الغرامية حلالا، وقد خفت أن تتسرب هذه الأفكار إلى عقلي، ولهذا قمت بمقاطعته، وقمت بحظره على مستوى كل مواقع التواصل الاجتماعي، وبالامتناع عن محادثته.

وحدث لي أن قرأت هذا الحديث للرسول -صلى الله عليه وسلم-: ((لا يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أَنْ يَهْجُرَ أَخَاهُ فَوْقَ ثَلَاثِ لَيَالٍ، يَلْتَقِيَانِ, فَيُعْرِضُ هَذَا، ويُعْرِضُ هَذَا، وخَيْرُهُمَا الَّذِي يَبْدَأُ بِالسَّلَامِ))، وقد جعلني هذا الحديث أسترجع ما قمت به تجاه هذا الصديق القديم، فهل ما قمت به حرام؟ أرجو أن تفيدوني بعلمكم.

وشكرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم.
الابنة الفاضلة/ مريم حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك -ابنتنا الكريمة- في استشارات إسلام ويب، نسأل الله تعالى أن يزيدك هدىً وصلاحًا.

لقد أصبت وفعلت ما هو واجبٌ عليك حين قطعت العلاقات بهذا الشاب، وهذا هو ما يُرضي ربك ويحفظُ عرضك، وقد شرع الله تعالى جملة من الشرائع لحفظ المرأة وصيانتها، وكذلك صيانة الرجل وحفظه، وقطع الأسباب التي قد تؤدي إلى الفساد، ومن ذلك أنه صلى الله عليه وسلم نهى أن يختلي الرجل بامرأة أجنبية عنه، ومن ذلك: نهيُه عن ملامسة الرجل للمرأة الأجنبية بمصافحة ونحوها، ومن ذلك: أمرُه سبحانه وتعالى المرأة بأن تحتجب وألَّا تضع حجابها إلَّا أمام محارمها، ومن ذلك: إرشادُه سبحانه وتعالى لأمهات المؤمنين – وهنَّ أطهر النساء في هذه الأُمَّة – ألَّا يتكلمن مع أحدٍ بكلامٍ فيه لين وخضوع، فقال: {فلا تخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض}، وهذا كلام عن أمهات المؤمنين في زمن الصحابة.

كلُّ هذه التشريعات بقصد الحفاظ على المرأة والرجل في آنٍ واحد، وسدّ أبواب الفتنة والفساد، وقد بان لك أنه لن ينتهي الأمر إلَّا بمثل هذه المعاصي والمخالفات، وأدركت إن شاء الله إدراكًا كاملاً أن امتثال هذه التعليمات هو الحق والخير، وهو المانع من وقوع هذه المعاصي والمفاسد.

وأمَّا ما ذكرت من تحريم الهجر فهذا ليس موضوعك أنت، بل هذا للرجل مع الرجل، وللرجل مع المرأة ممَّن يحلُّ له أن يُسلِّم عليها وتُسلِّم عليه، وللمرأة مع المرأة، وللمرأة مع الرجل من محارمها، ونحو ذلك، أمَّا الرجل مع المرأة الأجنبية فالعلماء يذكرون أنه لا يحلُّ للمرأة أن تبتدأ الرجل الأجنبي بالسلام؛ لأن ذلك من أسباب ودواعي الفتنة.

فإذًا هذا الحديث لا يشمل الحالة التي أنت فيها، فاستمري على ما أنت عليه من قطع هذه الصِّلات، واعلمي أن الخير لك في ذلك في دنياك وفي آخرتك، وأن في ذلك رضى ربك وحفظ نفسك.

نسأل الله تعالى أن يوفقك لكل خير.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً