الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أعاني من وساوس حول الصلاة، ما نصيحتكم؟

السؤال

السلام عليكم ورحمه الله وبركاته.

أنا -والحمد لله- ملتزمة بصلاتي منذ أربع أو خمس سنوات، ولم أفوت فرضاً عمداً أو أي شيء كذلك.

بحياتي الشخصية لا ألتزم بالعديد من العادات، فمثلاً ألتزم بعادة معينة لفترة معينة ثم أتركها؟ ومؤخراً بسبب هذا الأمر خطرت على بالي وساوس مزعجة جداً، أو لا أدري ربما طريقة تفكير خاطئة، وهي:

إنك لا تستطيعين الالتزام بأي عادة صحية في الحياة اليومية، وهذا يعني أنه ربما مستقبلاً ستتركين الصلاة، ولن تلتزمي بها لمدة طويلة، ويجب عليك ترك الالتزام بالصلاة، لأنك لا تلتزمين بأمور أخرى"!

رغم أنني أعلم فضل الصلاة، وأنها ليست خياراً بل فرض، وأعلم عقاب ترك الصلاة، ومقتنعة بها جداً.

حينما أرى أشخاصاً لا يستطيعون المواظبة على الصلاة، أو حينما أرى نفسي لا أستطيع الالتزام بعادات صحية، عندها تأتيني هذه الفكرة التي تخبرني ما الذي يضمن؟ وكيف أنت مواظبة على الصلاة؟ أي لأني لا ألتزم بأمور أخرى من المفترض أن لا ألتزم بالصلاة أيضاً.

أعلم أن الأمر غير صحيح، فكيف يمكنني نفي وتخطئة هذه الفكرة؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ منى حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

قد أحسنت حين أدركت عظم قدر الصلاة وأنها فريضة، وليس المرء – رجلاً كان أو امرأة – أمام حق الاختيار في أن يُصلّي أو لا يُصلِّي، بل أمر الله سبحانه وتعالى بإقامة الصلاة في آياتٍ كثيرة في القرآن الكريم، وأنت تقرئين ذلك، وجعلها الله تعالى حدًّا فاصلاً بين المؤمنين والكفار، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (العهد الذي بيننا وبينهم) يعني: الحدِّ الذي بيننا وبينهم (الصلاة، فمن تركها فقط كفر) والعياذ بالله تعالى.

من فضل الله تعالى عليك أن وفقك للالتزام بالصلاة، ولمَّا بدأت بالتزام هذه الصلاة واستمرّت حياتُك على ذلك أراد الشيطان أن يصرفك عن هذا الخير ويُحوّلك عنه، فإنه قاعدٌ بالمرصاد لكل مؤمن، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (إن الشيطان قعد لابن آدم بأطرقه)، فهو يريد أن يصرفك عن هذا الطريق، ولكنّه لم يجد حيلة يتحيل بها إلَّا إثارة هذه الفكرة الموجودة لديك، فيحاول استثمارها استثمارًا سيئًا، ليصرفك عن صلاتك.

نصيحتُنا لك تتلخص في التالي:
أولاً: حقّري هذه الفكرة ولا تلتفتي إليها ولا تُبالي بها.

ثانيًا: أحسني الظنَّ بالله سبحانه وتعالى أنه كما هداك في أول الأمر إلى التزام الصلاة والقيام بها كل هذه السنوات فإنه سبحانه وتعالى بكرمه وفضله سيُتمِّم لك هذا الجميل ويُعينك على أداء هذه الصلاة وإكمالها والتزامها فيما يأتي من العمر، فإن الله تعالى يقول: (أنا عند ظنّ عبدي بي، فليظُنُّ بي ما شاء).

نحن نقرأ في كل ركعة من ركعاتنا في الصلاة: {إياك نعبد وإياك نستعين}، فالإنسان بنفسه لا يقدر على فعل شيءٍ إذا لم يُعنه الله تعالى عليه، فاستعيني بالله، وهذه وصية الرسول صلى الله عليه وسلم قال: (استعن بالله ولا تعجز).

استعيني بالله واسأليه دائمًا أن يُعينك على أداء ما يُحبُّه ويرضاه، وسيتولى الله تعالى عونك.

ثالثًا: اصطحبي النساء الصالحات والفتيات الطيبات، فإن الصاحب ساحب، والإنسان على دين جليسه وخليله.

رابعًا: أكثري من قراءة الأحاديث والآيات التي تتحدث عن الصلاة وعن عقوبة من ضيّع هذه الصلاة أو تهاون فيها، فإن تذكُّرك للعقاب وما أعدَّه الله تعالى من عقوبة مؤلمة لمن ارتكب هذه الجريمة – وهي جريمة ترك الصلاة – تذكُّرك هذا دائمًا سيبعثك على التزام هذه الصلاة، ويُعينك على القيام بها، وفي المقابل: اقرئي ما أعدَّه الله تعالى لأهل الصلاة من المنافع في الدنيا والآخرة، بسبب التزامهم بهذه الفريضة.

هذا كلُّه من شأنه أن يُسهّل عليك التزام هذه العبادة.

نسأل الله تعالى أن يوفقك لكل خير.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً