الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أعاني من خوف كبير عندما أتحدث مع أشخاص كالأساتذة!

السؤال

السلام عليكم

أنا شاب، عمري 17 سنة، أعاني من خوف من الأشخاص خاصة عند التحدث أمام مجموعة من الأشخاص في القسم أو الأساتذة، فعندما أتكلم في القسم أو أجيب على سؤال يبدأ قلبي يضرب ضربات متسارعة، مع ألم وترعد، وأجد صعوبة في التنفس بعض المرات، ولا أستطيع السيطرة على توازن رأسي، عكس عندما أتكلم مع أشخاص عاديين أعرفهم لا يحدث معي هذا.

لا أعرف ماذا أفعل!

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ Youssef حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نرحب بك في الشبكة الإسلامية.

هذا نوع من التفاعل النفسي البسيط وغير الخطير، وفي مثل عمرك يُعتبر عاديا لدرجة كبيرة.

الإنسان حين يكون في مواجهة يبدأ جسده في الاستعداد، وكذلك نفسه، واستعداد الجسد يكون من خلال تنشيط الجهاز العصبي اللاإرادي، وهذا التنشيط يؤدي إلى إفراز في مادة تُسمَّى (أدرينالين)، هذه المادة هي التي تزيد من ضربات القلب ليتمكّن القلب من ضخ أكبر كمية ممكنة من الدم، ونعرف أن الدم يحمل الأكسجين، ونعرف أن الأكسجين هو المغذي الرئيسي لعضلات الجسم.

فهذا التفاعل الفسيولوجي يجعل جسم الإنسان في حالة من التحفيز والاستعداد، لكن حين تزيد عمَّا هو مطلوب طبيعيًّا يحس الإنسان بهذه الأعراض، كما تفضلتَ: شيء من الكتمة في الصدر أو ضيق في النفس، تسارع في ضربات القلب، وربما يكون وخزًا في الصدر، فالحالة حالة طبيعية جدًّا، حالة فسيولوجية جدًّا.

لكنها طبعًا مرتبطة بنوعية الرسائل التي تأتي من مراكز الدماغ، يظهر أنك تتهيب بعض المواقف – كما تفضلت – مثلاً: إذا كان الأمر يتطلب أن تتحدث أمام الأساتذة أو أمام مجموعة من الناس.

الموضوع بسيط جدًّا، أكرر ذلك، وأقول لك: يجب أن تفكّر دائمًا أنك لست بأقل من الآخرين، وأن التلاميذ مثلك أيضًا يقومون ويتحدثون، ويُقدمون المواضيع والبرزنتيشن (presentation)، وهذا أمرٌ يقوم به آلاف بل ملايين الطلاب، فلماذا أنت لا تقوم به؟! وأنت ما شاء الله لديك شخصية ولديك القدرة ولديك القوة، فحاول أن تجري هذا الحوار مع نفسك، وأريدك أن تُدرب نفسك في البيت، هذا نسميه (التعريض في الخيال).

مثلاً: حضّر موضوعا معينا، وابدأ في إلقائه وأنت داخل الغرفة وتصور أنك أمام جمع كبير جدًّا من الطلاب ومن الأساتذة، تصور أنك أيضًا مثلاً قمت بتقديم موضوع ديني في المسجد، أو قرأت حديثًا بعد الصلاة مثلاً، تصور هذه المواقف، وهذا نسميه (التعريض في الخيال)، وهو مفيد جدًّا.

أريدك أيضًا على المستوى الاجتماعي أن تمارس رياضة جماعية مع بعض أصدقائك مثلاً مثل لعب كرة القدم، وأيضًا مع أبناء الحي تكون لك أنشطة اجتماعية جيدة، صل مع الجماعة في المسجد، ودائمًا حاول أن تكون في الصف الأول؛ فهذا فيه نوع من التعريض الإيجابي.

وحين تتكلم وتتحدث مع الآخرين دائمًا حاول أن يكون صوتك ونبرة الصوت متوازنة، وأن تنظر إلى الإنسان في وجهه حسب ما هو مطلوب، واستعمل لغة الجسد كحركة اليدين حسب ما يُناسب الموقف ... وهكذا.

إذًا الأمر بسيط وسوف يتلاشى تلقائيًا، أريدك أيضًا أن تتدرب على تمارين للاسترخاء، هذه التمارين جيدة ومفيدة لعلاج المخاوف عامة والقلق، هنالك تمارين للتنفس المتدرِّجة، وهنالك تمارين لشد العضلات وقبضها ثم استرخائها، توجد برامج كثيرة على اليوتيوب يمكنك الاستعانة بها للتدرب على تمارين الاسترخاء.

هذه هي الأشياء التي أنصحك بها، ولا أعتقد أنك في حاجة لعلاج دوائي، وإن كان بعض الناس يستعملون دواء يُسمَّى (إندرال inderal)، واسمه العلمي (بروبرانولول propranolol) بجرعة عشرة مليجرام، ساعة إلى ساعتين قبل المواجهة، هذا دواء شائع جدًّا الاستعمال، ومفيد جدًّا في مثل هذه المواقف، لكن لا أراك في حاجة إليه الآن.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً