الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

ملامحي البريئة وطولي القصير، هل يمنعان زواجي؟

السؤال

السلام عليكم.

أنا فتاة عمري 28 سنة، درست في كلية الطب وتخرجت فيها، لا أعمل حاليا، جسمي صغير، ملامحي بريئة وقصيرة، حوالي ١٤٥سم، كان هناك شاب يريد الزواج وعندما رأي صورتي، ردوا علينا أهله أني غير مناسبة له.

في البيت أهلي يطلبون مني أن آكل جيدا حتى يزداد وزني، لا أدري ماذا أفعل؟ هل أصبح ما يهم الناس هو المظاهر فقط؟ ولم يعد هناك اهتمام بالدين والأخلاق؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ نورة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أهلاً ومرحباً بك غاليتي.

ورداً على ذكرت: هل أصبح ما يهم الناس هو المظاهر فقط؟ ولم يعد هناك اهتمام بالدين والأخلاق؟

نبدأ بقول الصادق الأمين وصدق حين قال لنا: "يأتي زمان على أمتي القابض على دينه كالقابض على جمرة من النار"،رواه أحمد، فنحن في زمن اشتد فيه البلايا والفتن والمحن التي تؤذيه وتضره، لذلك شبه الرسول -صلى الله عليه وسلم- الانسان الصابر والمحافظ على دينه وإيمانه وثباته عليه، كأنه قابض على الجمر من شدة ما يعاني من شدائد ومن شدة ما يصيبه من آلالام وقت الفتن من الخصوم والأعداء .

فالحاصل أن من ابتلي في زماننا هذا عليه أن يصبر، ويكثر من ذكر الله عز وجل ليثبته الله تعالى على الهداية ولا يفتن ولا يضعف أمام مغريات الدنيا، لذلك حثنا الله تعالى في كتابه الحكيم على أهمية ذكر الله فقال:" الذين آمنوا وتكمئن قلوبهم بذكر الله ألا بذكر الله تطمئن القلوب"، ولذلك كانَ من دعاء المؤمنين " ربنا لا تزغ قلوينا بعد إذ هديتنا".

وللأسف الشديد أن المظاهر مسيطرة على حياة بعض الناس بطريقة غير طبيعية ومنها: الهوس والتقليد الأعمى بالشكل الخارجي.

أما فيما يخص الزواج حيث قلت: كان هناك شاب يريد الزواج وعندما رأي صورتي، ردوا علينا أهله أني غير مناسبة له، أنصحك وأقول لك -أيتها الابنة الحبيبة- أن لا تجعلي حياتك تقف على شكلك، وعلى طولك، وعلى نحافتك، طالما أنك فتاة -والحمد لله- صاحبة خلق ودين وابنة عائلة كريمة ولديك مستوى تعليمي عال، فأنت طبيبة وفتاة قل مثيلها في هذه الأيام، لذا عليك أن تكوني شاكرة الله على ما حباك من نعم وفخورة ومعتزة بنفسك وما وصلت إليه، وهذه النّعم يفقدها كثيرون مِن حولك، أليس كذلك؟!

والله سبحانه وتعالى هو من أكرمك بهذه الخلقة وصدق قوله لنا: " لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم"، وإذا فهمنا هذه الآية فلن نبالي لرأي الآخرين بنا، ولا يجب أنّ نضيع وقتنا ونفكر في كلامهم، وتذكري أنّ الله عز وجل من عليك بالنعم والصحة والعقل والعلم، وتأكدي أن الرحمن وزع بين الناس نعمه، وإن لتأخر الزواج حكمة لا يعلمها إلا هو سبحانه وتعالى، وأنصحك أن تأخذي بالأسباب وأنّ تُكرري قول الباري: {وارزقنا وأنت خير الرازقين}، وادعي بدعاء سيدنا زكريا: {رب لا تذرني فردًا وأنت خير الوارثين}، وادعي وأنت واثقة من أن الله عز وجل سوف يرزقك بالزوج الصالح الذي يعي قدرك ويحترمك ويسعدك ويُفرح قلبك عما قريب -بإذنه تعالى-.

أما بالنسبة إلى النحافة، ورأي أهلك كما ذكرت: في البيت أهلي يطلبون مني أن آكل جيدا حتى يزداد وزني، لا أدري ماذا أفعل؟ أقول:
مما لا شك فيه وكما تعلمين من خلال تخصصك كطبيبة أنّ شكل الجسم والنحافة تخضع للعوامل الوراثية، فهل أفراد عائلتك نحيفون؟ وهل أنت كنت نحيفة في صغرك؟

فمن الطبيعي إن كنت نحيفة في الصغر وكان أحد أفرادك نحيفين أن يكون هناك صعوبة في زيادة الوزن، وذلك بسبب عدد الخلايا الدهنية يكون قليلاً، وهذا ليس بالمرض، أما إن كان قد نزل وزنك بعد أن كنت في الوزن الطبيعي بسبب فترة الدراسة والتخصص وبعض الضغوطات التي تواجه طلاب الطب وما شابه، فإنه عند ذلك يجب البحث عن السبب، إن كان سوء تغذية، أو أحد الأمراض، ويحتاج لإجراء فحص طبي، وتحاليل للدم والغدة وما يلزم.

وإذا كنتِ لا تعانين أية أمراض عضوية تسبب لكِ النحافة، فإن الحل لزيادة وزنك هو الإكثار من تناول الطعام، ولتحسين النتيجة أنصحك بالتواصل مع إخصائية تغذية وهذا متوفر أونلاين، لنصحك وإعطائك نظام غذائي خاص لمن يرغبن في زيادة الوزن، وحاولي الابتعاد قدر الإمكان عن الضغوط النفسية، والمشكلات التي تُضعف الشهية، وبالتالي تُنقص الوزن.

لذا: من الضروري -عزيزتي- المصالحة مع النفس، وتغذية الروح كما نغذي الجسد، وذلك من خلال: تأدية الصلاة في أوقاتها، وبّر الوالدين، والمحافظة على صلة الرحم، وقراءة القرآن الكريم، واحترام كبار السن ورعاية اليتيم، وزيارة المريض، وكثرة الاستغفار والمداومة على أذكار الصباح والمساء، وممارسة الرياضة بشكل منتظم، خصوصا المشي ، فالرياضة تقوّي العضلات، كما أنها تفتح الشهية، وتُقلل من تأثير الضغوط النفسية على الصحة العامة، فهذا كله يُحسن الحالة المزاجية ويصلح النفس مع البدن -بإذن الله تعالى-.

وفقك الله لما يحب ويرضى، ويمكنك معاودة الكتابة إلينا ان احتجت لذلك.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً