الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

زميلاي في العمل يسبان أثناء الدرس.. فما دوري؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله.

عمري 15 سنة، العام الماضي كنت في الإعدادي، كنا في الفصل 29 تلميذا، كنت أسمع الغيبة والكلام الفاحش، وأرى البعض يسخر من بعض، وأصاحب الجيد والسيء.

في الحجر الصحي وإلى اليوم بدأت أهتم بالعديد من الأشياء، واستفدت من بعض المشايخ على موقع اليوتيوب، وأيضا من هذا الموقع إسلام ويب، وعلمت أن الغيبة حرام وأمرها خطير، ومن الممكن أن تحرق الحسنات، وعرفت أن هناك نواقض للإسلام، مثل سب الدين.

هذه السنة انتقلت إلى الثانوية، ونحن في الفصل ثلاثة فقط، بداية كنت أسمع سب الدين والغيبة والشتم وأنكر عليهما، أما الآن فإنهما يستفزاني بسب الدين واللعن وشتم الناس قبائل وبلدان، وأحيانا يعممون بالغيبة لملايين الناس.

حاولت معهما مرارا وتكرار، قلت لهما أن سب الدين جريمة كفرية، وأن سب الناس والغيبة تحرق الحسنات، وعندما يشرح المدرس يسبان بصوت منخفض ويلعنان قبائل من الناس، وهذا كله بصوت لا يسمعه المدرس لكي يغضباني، فماذا أفعل؟ هل أنكر بقلبي ولا أكلمهما؟ هل إذا أغلقت أذني علي ذنب؟ أنا خائف على ديني وعلى حسناتي.

أرجوكم انصحوني.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ Ismail حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك -ولدنا الحبيب- في استشارات إسلام ويب، زادك الله تعالى هداية وحرصًا وتوفيقًا.

لا شك أن ما توصلت إليه – أيها الحبيب – من أن سبّ الدين كفر وناقض للإسلام، وأن الغيبة سيئة كبيرة، وأن السيئات قد تُذهب الحسنات، كلُّ هذا من الحق والخير الذي عرفته ومَنَّ الله تعالى عليك بمعرفته، فنهنؤك على ذلك، ونُهنؤك أيضًا بهذه العزيمة التي تدفعك لامتثال ما تعلّمته والقيام بفرائض الله تعالى واجتناب ما حرَّمه، وهذا من حُسن إسلامك، وسيجعل الله تعالى لك عونًا ومخرجًا.

ولا شك – أيها الولد الحبيب – أن من عمل المسلم إنكار المنكر، ولكن إنكار المنكر بحسب القدرة والاستطاعة، فأنت إذا سمعت مثل هذا الكلام فأول ما ينبغي أن تقوم به النصح، وينبغي أن يكون هذا النصح بالأسلوب الأحسن، وربما كانت الكلمة اللطيفة الجميلة أكثر تأثيرًا في نفس السامع لك من رفع الصوت والإغلاظ في القول، وخاصَّةً أنهم زملاء لك وفي سِنِّك.

فإذا قدرت على دعوتهم بالحسنى، وتبيين خطر هذه الكلمات التي يقولونها، وأنك تفعل ذلك لأنك تُحبهم وتحرص على مصالحهم. إذا استطعت أن تقول لهم مثل هذا الكلام فهذا خير، ونرجو أن يتحقق به نفعٌ كبير. وإذا لم تستطع ذلك فانظر إن كنت تستطيع أن تنتقل من هذا الفصل إلى محلٍّ ومكانٍ آخر فافعل، واطلب من الإدارة أن تنقلك من هذا المكان، فإذا لم تتمكّن من ذلك كله فعليك أن تُنكر هذا المنكر بقلبك.

والنبي -صلى الله عليه وسلم- قد رتَّب إنكار المنكر إلى مراتب، فقال: (من رأى منكم منكرًا فليُغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان)، والتغيير باليد هذا من خصائص الجهات التي لها السُّلطة، والتغيير باللسان لمن يملك الحجّة ويقدر على النُّصح، والتغيير بالقلب هذه وظيفة كل أحد، ومعناه: كراهة هذا المنكر في القلب، وكراهة فاعليه بقدره، ولا يُكلف الله نفسًا إلَّا وُسعها، ولن تُؤاخذ بعد ذلك بما يقولونه أو يفعلونه ما دمت تُنكر ذلك وتكرهه، فقد قال الله سبحانه وتعالى: {ولا تزر وازرة وزر أخرى}، وهذا المعنى تكرر في القرآن كثيرًا.

نسأل الله تعالى لك التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً