الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل الأدوية تعالج المرض النفسي، أم مجرد سيطرة على الحالة؟

السؤال

السلام عليكم.

والدي أخذ أخي إلى طبيب نفسي، فوصف له:
polar 10 mg
Lorazepam 2 mg
Procyclidine 5 mg
Fluoxetine 20 mg
Zorta 15 mg

بعد أخذ هذه الأدوية صار هادئا، ويريد أن يخرج، ولا يريد الجلوس، فهل هذا التغيير جيد؟ وهل المرض النفسي يمكن علاجه نهائيا؟ وهل يصبح المريض طبيعيا؟ فقد سمعت من أقاربي أن المرض النفسي لا علاج له، ويستمر المريض في تناول المهدئات للسيطرة على الحالة فقط، فهل هذا صحيح؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ Marwa حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أرحب بك في الشبكة الإسلامية، وجزاك الله خيرًا على اهتمامك بأمر أخيك هذا. وقد أجبتُ على استشارتك التي نصحت فيها بالذهاب بهذا الأخ إلى المستشفى وإدخاله في الوحدة الداخلية حتى يتم علاجه علاجًا مُكثفًا ممتازًا، يقيه على الأقل من التهديدات التي يقوم بها، وحتى لا يأخذ حياته عنوة أو يضرُّ بشخص آخر.

عمومًا الآن أنت ذكرت أن والدك قد أخذه إلى طبيب آخر وأعطاه الأدوية المذكورة، وهي مزيج من مضادات الذهان ومحسِّنات المزاج ومُهدئات، وهي مجموعة كاملة من الأدوية جيدة، -إن شاء الله تعالى- تكون مفيدة له، وأتمنَّى أن يلتزم بها، لأن المريض حين نعطيه أدوية كثيرة قد يملّ منها، لكن الناس تحاول أن تشرف على علاجه، وتكون هنالك علاقة جيدة معه لتشجيعه على العلاج.

وموضوع أنه يريد أن يخرج ولا يريد الجلوس: دائمًا هذه الأمراض مصحوبة بشيء من الملل والضجر، وفي بعض الأحيان الأدوية قد تُسبِّب ما نسميه بالتململ الحركي، يعني لا يستطيع الإنسان أن يجلس في مكان واحد، وإن كانت مجموعة الأدوية التي وصفها له الطبيب منها ما يمنع التململ الحركي، مثل الـ (لورازيبام Lorazepam) والـ (بروسيكليدين Procyclidine) فكلاهما يمنع التململ الحركي.

إذًا الأدوية أدوية جيدة، لكن يجب أن يكون هناك ضمان كامل أنه سوف يتناولها، وإذا بدر منه أي يتصرف خاطئ أو لم يتحسّن بصورة ملحوظة يجب أن يُدخل إلى المستشفى.

بالنسبة لموضوع أن المرض ليس له علاج نهائي: هذا الكلام ليس صحيحًا، أو لا ينطبق على جميع الأمراض النفسية، لأن هنالك أمراض يتم الشفاء منها، وحتى مرض الفصام الذي هو من أصعب الأمراض نستطيع أن نقول أن حوالي ثلاثين بالمائة من مرضى الفصام يُنعم الله عليهم بالشفاء التام، وثلاثين إلى أربعين بالمائة تظلّ حياتهم مستقرة وجيدة مع تناول الدواء، وتظلُّ الأقلية عشرين إلى ثلاثين بالمائة مصابين بالمرض المطبق، بمعنى أنهم لا يتحسّنون. لكن الأدوية تتحكّم في الخطورة على الأقل، حتى بالنسبة للذين لا يتحسَّنون بصورة ملحوظة، مرض مثلاً مثل الاضطراب الوجداني ثنائي القطبية نسبة الشفاء فيها أيضًا عالية جدًّا.

وبالمناسبة مفهوم الشفاء في المرض النفسي أو المرض العقلي – على وجه الخصوص – لا يعني أن الإنسان أصبح ليس لديه أعراض تمامًا، ممكن أن تكون هنالك أعراض بسيطة، والإنسان مستمر على علاجه، ويعيش حياته بصورة طبيعية، مثل الذي لديه مرض سكر أو مرض ضغط لا يستطيع أن يستغني عن العلاج، لكنّه طبيعي جدًّا مع استعمال الأدوية، هكذا أيضًا ننظر إلى الأمراض العقلية في بعض الأحيان، والأمراض النفسية مثل الاكتئاب النفسي مثل الخوف مثل الوسواس مثل القلق، هذه تُعالج بنسبة عالية جدًّا، ويتم الشفاء منها.

طبعًا من المؤسف أن الناس أحيانًا لا تجد الفرصة أو لا تعرف المناهج العلاجية الكاملة، وهذا سببه مركّبٌ حقيقة: تقصير من الأطباء في بعض الأحيان، عدم الشرح والاهتمام، عدم التزام المريض بالأدوية، وفي بعض الأحيان حين يتحسَّن المريض وتستقر حالته يقوم المريض بنفسه أو أهله بإيقاف الأدوية دون أخذ رأي الطبيب. هذه كلها عوامل حقيقة هي التي تضرُّ ولا تساعد على الشفاء.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وأشكرك على الثقة في إسلام ويب.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً