الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيف أتمكن من قوة التمسك بالأعمال الصالحة؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أريد أن أتقدم بسؤالي، وجزاكم الله خيراً، أرجوكم انصحوني.

قبل شهرين ابتعدت عن الأغاني مرة واحدة، ثم ابتعدت عن كل ما لا يرضي الله، وقد اعتنيت بحجابي أكثر، ودائماً أصوم الاثنين والخميس قدر المستطاع، وداومت على الصلاة وعلى النوافل والدعاء والذكر.

كما أني دائماً أسعى للاستفادة الدينية، وأريد من يوجهني وينصحني ويشجعني لأكمل، لكن المشكل هو أني لا أستحضر مراقبة الله عز وجل، وأرى أن عقلي لا يستوعب أبداً، مهما تأملت وتفكرت في إبداع الخالق و ..و.، لكن لا أستطيع وليس باليد حيلة.

كما أني أيضاً دائماً أبكي وأخاف أن يغضب الله، فكلمة (لا إله إلا الله) لا أستطيع أن أقولها من قلبي، ولا أخشع إلا قليلاً.

أرجوكم أفيدوني.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ Fatima حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحباً بك -أختي الكريمة- في موقعنا، ونسأل الله أن يوفقك إلى كل خير، وأن يجعلك من الخاشعات القانتات لله، والجواب على ما ذكرت:

- بداية نحمد الله تعالى الذي وفقك ويسر لك التوبة والعودة إليه، وأعانك على طاعته، وجعلك محافظة على الصلاة والصيام والحجاب ونحو ذلك، فما أنت فيه نعمة عظيمة، ينبغي أن تشكري الله عليها بالثناء على الله بما هو أهله، وبالمحافظة على ما أنت عليه من الخير، وأن تنصحي غيرك به جزاك الله خيراً.

- أما مسألة الشعور بمراقبة الله، فالتفكير فيه علامة على حرصك على الخير، وهو أمر عظيم، ومما أنصحك به حتى يتحقق في نفسك المراقبة لله تعالى أن تعظمي الله، وأن تتعرفي على أسمائه وصفاته، وأن تكثري ذكره سبحانه، وقراءة القرآن، وبامتثال أوامر الله واجتناب نواهيه، وأن يراك في كل مكان يحب أن تكوني فيه، وأن لا توجدي في كل مكان نهاك أن تكوني فيه، وأن تذكري الله في حال الخلوة والسر كما تذكرينه في العلانية، وأن تستحضري اطلاع الله عليك وإحاطته بحالك.

اعلمي أن المراقبة درجة عالية في الدين، درجة الإحسان، فقد سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن الإحسان فقال:" أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك" رواه مسلم، ثم ابشري فما أنت عليه من الطاعات فيه جانب من تحقيق المراقبة، وإذا فعلت ما ذكرت زادت لديك المراقبة إن شاء الله تعالى.

- من جانب آخر لا داعي للقلق أو التوهم أن المراقبة لله لا يستوعبها العقل، فإن الله قد تعبدنا بشرع فيه اليسر والسماحة، وإذا أخذت بأسباب المراقبة حصلت لك إن شاء الله تعالى.

- أما مسألة التفكر في خلق الله، وما فيه من إبداع، فهذا يحصل بإدامة النظر في قراءة القرآن مع تفسيره، والمشاهدة للكون الفسيح، ومع المدى يحصل لك الأثر في التأمل في بديع خلق الله.

- أما مسألة الخشوع فإنه يأتي تدريجياً، ولا يلزم أن يتكون في النفس فور أن يتلزم المرء بدين الله، ولا شك أن هناك أسباباً للخشوع، وأذكر طرفاً منها:

مجاهدة النفس على طاعة الله تعالى حتى تألفها وتعتادها.
البعد عن الذنوب صغيرها وكبيرها، فإن المعاصي حجاب تمنع من الشعور بالخشوع ولذة العبادة.
الدعاء بالثبات على الدين والطاعة.
ترك فضول - أي الإكثار من - الطعام والشراب والكلام والنظر، إلا بقدر الحاجة.

- أن نعلم أن العبادة التي نقوم بها من صلاة أو صيام أو حج أو صدقة إنما هي طاعة لله وابتغاء مرضاته.
- الرضا وحسن التدين بما منحنا الله، وهدانا لهذا الدين، قال صلى الله عليه وسلم: (ذَاقَ طَعْمَ الْإِيمَانِ مَنْ رَضِيَ بِاللهِ رَبًّا وَبِالإِسْلاَمِ دِينًا وَبِمُحَمَّدٍ رَسُولاً) رواه مسلم.

- الفهم والتدبر ومعرفة أسرار الطاعات حتى يتكون فينا الخشوع فيها، فأنصحك بقراءة الكتب المتخصصة في هذا مثل كتاب مختصر منهاج القاصدين لابن قدامة المقدسي.
- الدعاء بأن يرزقك الله الخشوع والاستعاذة به من قلب لا يخشع، فقد كان من دعاء النبي صلى الله عليه وسلم "اللهم إني أعوذ بك من علم لا ينفع، ومن قلب لا يخشع، ومن نفس لا تشبع، ومن دعوة لا يستجاب لها "رواه مسلم.

كان الله في عونك.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • فلسطين Alaa Amro

    كل الاحترام والشكر والتقدير لكم على الجهود الرائعة ........ وفي ميزان حسناتكم إن شاء الله

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً