الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أعاني من قلق وهلع من الأمراض، فما تشخيص حالتي؟

السؤال

السلام عليكم

قبل ٨ سنوات عندما كنت أتصفح الانترنت مر علي موضوع يخص عالم الجن والسحر، كنت وقتها صغيراً، وأجهل هذه المواضيع، وكنت أخاف منها جداً، فقررت من باب الفضول وعندما بدأت أقرأه انتابني خوف شديد جداً جداً، أول مرة في حياتي يأتيني هكذا خوف، أحسست أن شيئاً أصابني، ومن خوفي فكرت أن الجن تلبس بي بسبب قراءتي لهكذا مواضيع.

استمرت حالتي شهراً لا أعرف ما الذي حدث لي؟ أصابني قلق وخوف، وتركت المدرسة وقتها، وبدأت بالرقية الشرعية، ولكن حالتي تزاداد سوءا من التفكير والخوف، إلى أن كتبت حالتي على النت فاتضح لي أنها حالة هلع؛ لأن الأعراض نفسها أصابتني، عندها اطمأنت حالتي، وبدأت بالاسترخاء، وعرفت أن حالتي لا علاقة للجن بها، حتى اختفى الهلع مني تماما، ولم يعد لي منذ تلك الفترة.

قبل أسبوعين كانت تأتيني نغزات في القلب، واستمرت معي طوال اليوم، حتى أصبحت أشك بأني مصاب بالقلب، وفجأة في العمل أصابني شعور بالرعب، وخفقان شديد وصل إلى 150، وأحسست أني سأصاب بالسكتة القلبية، وكانت الفحوصات سليمة، وكلما فكرت بحالتي اصابني قلق وهلع، فما تشخيصكم لحالتي؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ husam حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أرحب بك في الشبكة الإسلامية، وأسأل الله تعالى لك العافية والشفاء والتوفيق والسداد.

الحالات التي أصابتك بالفعل هي نوبة هلع ولا شك في ذلك، أو ما يمكن أن نسميه بنوبة الفزع أو الهرع، وهو نوع من القلق النفسي الحاد الذي يتسم بوجود مخاوف شديدة للدرجة التي يأتي للإنسان شعورًا أنه سوف يموت في تلك اللحظة.

سرعة ضربات القلب واضطرابه طبعًا مزعجة جدًّا، وهي منطلقة من زيادة نشاط الجهاز العصبي اللاإرادي، نسبةً لإفراز مادة الأدرينالين.

الحالة بسيطة جدًّا إن شاء الله تعالى، يجب ألَّا تجزع منها أبدًا، وأنت بداياتك طبعًا كانت تقوم على منظومة فكرية حول الجِنِّ والسِّحر وهذه الأشياء، وكما تفضلتَ من باب الفضول دخلت في كثير من الاطلاعات والأفكار حول هذه الغيبيات، وطبعًا الحقائق نفسها مشوّهةً كثيرة، وهذا يؤدي إلى استثارة نوع من القلق الداخلي لدى بعض الأشخاص، خاصة إذا كان أصلاً الإنسان لديه القابلية للقلق وللوسوسة وللخوف، وأعتقد أن هذا هو الذي حدث لك على وجه الدقة.

الأمر بسيط جدًّا، القلق طاقة إنسانية مطلوبة إذا وجَّهناها التوجيه الصحيح، تفيدنا كثيرًا في أن نُحسِّن من دافعيتنا وإنتاجيتنا، وأن نكون ناجحين في الحياة، لكن إذا تراكم القلق يؤدي إلى احتقانات سلبية، ويظهر في شكل نوبات فزع أو هلع أو وسوسة أو خوف.

أريدك – أيها الفاضل الكريم – أن تُعبّر عن نفسك، وألَّا تكتم، هذا مهمٌّ جدًّا. النفس لها محابس لابد أن تُفتح ولابد أن تُفتح لها، لذا نقول أن التواصل الاجتماعي، الجلوس مع الأصدقاء، التحدُّث مع الأسرة، المشاركات الأكاديمية الفعّالة – بالنسبة للذين يدرسون - وبالنسبة لك في مجال عملك، كن دائمًا شخصًا تُحسن التواصل الاجتماعي، هذا فيه خيرٌ كثيرٌ لك أخي الكريم.

انضمَّ أيضًا لأي جمعية اجتماعية أو خيريّة، أو ابدأ في برنامج لحفظ القرآن مثلاً في أحد مراكز التحفيظ، أو حتى عن طريق اليوتيوب، أو حتى عن طريق التعليم عن طريق التعليم المباشر (أون لاين)، هذا نوع من الأشياء الطيبة جدًّا التي تفتح محابس النفس، ممَّا يزيل الاحتقان النفسي الداخلي.

الأمر الثاني هو: أن تمارس الرياضة، الرياضة مهمّة جدًّا، خاصة رياضة المشي، الجري، لعب كرة القدم، السباحة، أي نوع من الرياضة يجب أن تلتزم بها، والرياضة تقوي النفوس قبل أن تقوي الأجسام، هذه نصيحتي لك، وأرجو أن تأخذها بجدِّية.

أيضًا أريدك أن تجتهد في التواصل الاجتماعي، أن ترفّه عن نفسك بصورة صحيحة، أن تلتزم بصلاتك في وقتها، والدعاء، والأذكار، والقرآن هو أعظم مراحل الذِّكر، وفيه راحة كبيرة وعظيمة جدًّا للإنسان، لِمَا لا وقد قال الله تعالى: {الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله ألا بذكر الله تطمئن القلوب}. بِرَّك لوالديك أيضًا فيه خيرٌ كثيرٌ لك.

إذًا أنت تستطيع أن تنقل نفسك من هذه المخاوف من خلال ما ذكرتُه لك من أساليب اجتماعية وإسلامية، وسلوكية نفسيّة، مهمّة جدًّا. اجعل لنفسك أيضًا طموحات وأهداف في الحياة، واسعى بجدّية أن تصل لمراميك من خلال الاجتهاد والتنفيذ لما هو مطلوب.

أيها الفاضل الكريم: يجب أن تتدرب على تمارين الاسترخاء، تفيدُ جدًّا في حالات الفزع والهلع والقلق والتوترات الداخلية. إذا درَّبك أحد المختصين النفسيين عليها فهذا أمرٌ جيد، وإن لم يكن ذلك ممكنًا يمكنك أن تُشاهد بعض البرامج الموجودة على اليوتيوب حول تمارين الاسترخاء، خاصة تمارين التنفس التدرُّجي وتمارين شد العضلات وقبضها ثم استرخائها.

أنت أيضًا محتاج لدواء بسيط جدًّا، نحن نحرص تمامًا في الشبكة الإسلامية أن تكون المنظومة العلاجية متكاملة، ننصحك بدواء يُسمَّى علميًا (استالوبرام) واسمه التجاري (سبرالكس)، دواء سليم، فاعل، غير إدماني، وأنت تحتاج له بجرعة صغيرة ولمدة قصيرة. توجد حبة تحتوي على عشرة مليجرام، تناول نصفها لمدة خمسة أيام، ثم اجعلها حبة واحدة يوميًا لمدة أربعة أشهر، ثم اجعلها نصف حبة – أي خمسة مليجرام – يوميًا لمدة أسبوعين، ثم نصف حبة يومًا بعد يومٍ لمدة أسبوعين آخرين، ثم توقف عن تناول الدواء، هذه هي الطريقة الصحيحة في تناول الدواء وفي التوقف منه.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً