الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيف أحسن من وضعي وأتغير للأفضل؟

السؤال

السلام عليكم.

لا أعرف من أين أبدا! أهلي أمي وإخواني يكرهونني، وهذا ليس بشعور بل هو واقع، حيث أن أخي الأكبر مني دائما يدعي علي ويسبني بحضور أمي، وهي لا تفعل أي شيء.

وأنا عمري ٢٨ سنة، أنهيت التحصيل الجامعي منذ ٥ سنوات، عملت بشركة وكم محل ومازال دائما يهددوني بطردي من المنزل؛ لأنني لا أعمل، والآن معروف وضع البلد، فانا أعيش في بلد تقل فيه الوظائف، وأصلا لا يوجد عمل إلا بواسطة، حيث إنه منذ أيام ذهبت لكي أعمل في محل وبعلمهم طلب مني خبرة لكي أعمل ككاشير، كرهت نفسي كرهت الحياة، ضاقت الأرض على بما رحبت!

كنت أصلي ولكنني لا أصلي الآن، ولو قلتم التزم وصلي فهل سيوقف الله كرهم لي؟ أنا شاب مثلي مثل من هم بجيلي. لدي كمبيوتر ألعب عليه ساعتين إلى ٤ ساعات، ودائما أسمع كلامهم أني مريض نفسيا بسبب الهاتف والكمبيوتر، ماذا عسى لشاب مثلي أن يفعل؟ هل أنا على خطأ؟

اليوم تأكد كرهiم لي، يعاملونني مثل الأطفال، يريدون أخذ جهازي الذي اشتريته من مالي، ما عدت أطيقهم ولا أحبهم، وخصوصا أمي فهي دائما تقف ضدي بجانب أخي مهما قال عني، هل الذي ينتحر يخلد في النار؟ أنا أكتب لكم وأعلم أنه لا يوجد أحد عامله أهله كما يعاملني أهلي! أليس من الأفضل أن أبقى في المنزل على جهاز الكمبيوتر الخاص بي من أن أخرج وأصبح من الهمل؟ مع أنني لا أجلس إلا في المساء ٤ ساعات على أكثر تقدير، أفيدوني، لقد كرهت الحياة.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ مصطفى حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبا بك -أخي الكريم-، ونسأل الله أن يصلح حالك، وأن يوفقك إلى كل خير، والجواب على ما ذكرت:

- لقد بلغت من العمر مبلغ الرجل وأنت لم تعد طفلا، ولا ينبغي أن تتصور هذا عن نفسك، وحتى تتجاوز ما تظنه أن أهلك يكرهونك أو أنهم يمنعونك من أشياء تابعة لك، عليك أن تأخذ بهذه الوصايا:

* عليك أن تصلح حالك مع الله وتحافظ على صلاتك، ولا يجوز ترك الصلاة، وتب إلى الله من تركها، وأكثر من هذا الدعاء الذي أوصى به النبي -صلى الله عليه- ابنته فاطمة -رضي الله عنها- : "يا حيُّ يا قيُّومُ برحمتِكَ أستغيثُ أصلِح لي شأني كلَّهُ ولا تَكلني إلى نفسي طرفةَ عينٍ" رواه الطبراني، وإذا أصلحت حالك مع الله أصلح حالك مع الناس.

* ابحث عن صحبة صالحة تعينك على الخير، فبقاؤك وحدك بهذا الشكل سيسبب لك مشاكل كثيرة، وأقصد بالصحبة الصالحة التي تعينك على الخير والطاعة، تجدهم في جماعة المسجد، أو من الأشخاص المعروفين بالصلاح والاستقامة، ستجد من يسمعك ويقف بجانبك، ويكون لك أخاً لم تلده أمك، والنبي صلى الله عليه وسلم قال الله له: (واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه) أي لا تترك أصحابك ولا تصرف نظرك عنهم، هذا وهو سيد الخلق صلى الله عليه وسلم، فكيف بنا نحن؟

* اجعل جلوسك على الكمبيوتر والهاتف لقضاء وقت مفيد، بأن تبدأ في سماع الدروس الدينية كسماع دروس السيرة يوميا، ستجد أنك أضفت لنفسك شيئا جديدا، وفي كل يوم تزداد معرفتك، أصبحت تنشغل بشيء عظيم وهو العلم، أما البقاء لساعات طويلة دون أي هدف أو فائدة جديدة سيشكل ضغطا عليك.

* اعمل في أي وظيفة؛ لأن ظروف العمل في هذه الأيام لا تساعدنا في اختيار ما نريد، وليس عيبا أن تعمل في مهنة "كاشير" فهي مهنة شريفة، وإذا وجدت أحسن منها فانتقل إليها.

* عليك أن تدرك أنك في سن الرجولة ولا بد أن تهتم بمستقبلك وعملك، حتى تتزوج وتكون لك أسرة وتنجب أولادا.

* لا تظن أن أهلك يكرهونك وخاصة الوالدين، بل يظهر أنهم يريدون مصلحتك ويريدون لك الخير، وما يحدث من بعض تصرفات أخيك، فهذا يحدث في بعض الأسر، ولكن مع التسامح بينكما ومرور الزمن تتأكد المحبة بينكما -بإذن الله تعالى-.

* لم يعد لديك متسع من الوقت حتى تلعب بألعاب الكمبيوتر ونحو ذلك، لأن أعباء الحياة أمامك، ولا بد أن تحدد رسالتك في الحياة وماذا تريد أن تكون؟ وتخطط لتحقيقها، فاستعن بالله، ولا يظل تفكيرك منحصرا في لعبة أو لهو أو ضياع فأنت الآن رجل، وإذا أردت أن يكون لك شيء من اللهو واللعب فليكن بعد القيام بمسؤوليتك، ولمدة محدودة، وأربع ساعات في اليوم هذا كثير، وفيها أضرار صحية.

* ليس عيبا أن يصاب أحدنا بمرض نفسي، فهذا مرض مثل سائر الأمراض، ومن ابتلي به لا يعاب عليه أبدا، أنا لا أقول إنك مريضا نفسيا، ولكن لو عرضت نفسك على الطبيب للتأكد من حالتك، ولو بدون علم الأهل.

* معالجة المشكلات إن وجدت لا يكون أن نفكر بالتخلص من أنفسنا التي وهبنا الله لنا، لأنها أمانة عندنا، فالتفكير في الانتحار أمر خطير، وفعل مشين، ومحرم شرعا، يعاقب عليه فاعله في النار، فاحذر من هذا التفكير وفقك الله، واستعن بالله في معالجة ما تعاني منه.

* انس كل ما حدث من خلافات مع أهلك وما قالوه عنك، وافتح معهم صفحة جديدة، وكن شخصية سوية وتقبل نصحهم لك، وحاول ألا تدخل في نقاش حاد معهم، وحينما تجد أن النقاش تطور فعليك بالانسحاب، وقبّل رأس والدتك، واشرح لها الوضع بكل هدوء، ولن تتغير الأمور من أول مرة، فالأمر يحتاج لصبر وحكمة، وعليك بالمثابرة والصبر وستجد ثمرة ذلك قريبا إن شاء الله.

كان الله في عونك.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً