الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كرهت أبي لأني لا أحس بعطفه وحنانه.. ماذا أفعل؟

السؤال

السلام عليكم

أبي تغير في معاملته لي ولأخي الأصغر مني سنا، وهذا منذ فترة طويلة، حيث أصبح عصبيا جدا، ولا يتكلم معي إلا إذا أراد شيئا، علاقتنا جدا سطحية، لا يعرف حتى أحوال دراستي أو أحوال حالتي النفسية، أعلم أن عمله شاق، ولكنني لا أشعر بأنه أبي، فهو لا يجيد تجاهي إلا الصرف المادي فقط، فأنا لم أشعر بعاطفته تجاهي إلا إذا سافر.

لا يعرف كيف يتعامل معي، أو كيف يتكلم معي، يتكلم مع صديقاتي وإخواني الأكبر مني سنا، ومع نسائهم بألطف صورة، حيث إنني بدأت أشعر بالغيرة منهم بسبب هذا الشيء، وأحيانا أشعر بكرهي تجاه أبي.

حاولت الاقتراب منه عله يحبني، ولكن عبثا، وصل بي الحد إلى أنني فكرت بالهروب من المنزل لأرتاح.

ماذا أفعل وكيف أتصرف معه؟ ساعدوني لا أريد أن أعصي ربي بوالدي.

وشكرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ فريدة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أهلاً وسهلاً بك غاليتي فريدة.

سوف أبدأ حيث انتهت رسالتك وقلت:" ماذا أفعل وكيف أتصرف معه ساعدوني لا أريد أن أعصي ربي بوالدي" أقول لك:

إذا علم الأبناء ما لهم وما عليهم من حقوق وواجبات تجاه آبائهم، وعرفوا كيف يتعاملون معهم نالوا رضاهم والدعاء منهم.

ولقد قرن الله سبحانه وتعالى طاعته بطاعة الوالدين والإحسان إليهما كما قال في كتابه الحكيم: ( وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما آف ولا تنهرهما وقل لهما قولاً كريماً)، فهذه الآيات فيها دلالةٌ واضحةٌ على أهميّتهما وحقوقهما التي تقع على الأبناء، ومنها: أهمية الاستماع لهما وعدم إزعاجهما؛ بل يجب التقرّب منهما بالوسائل التي يحبانها ويرغبانها، والقيام بكل عملٍ يمكنه أنّ يدخل السعادة والفرح والسرور إلى قلبيهما... والصبر على ما يصدر منهما مهما كان الأذى، وهذا لا يعني تجنب النصح لهم وطلب الهداية، ولكن علينا أن نقترب منهم بالكلمة الطيبة، وخفض جناح الطاعة، والاحترام، ولا تنسي بنيتي أن الأبوين مع التقدّم في العمر قد يُصابان بكثرة الحساسيّة ولا يتقبّلان النصح والإرشاد من أبنائهم، لذا علينا أن نكسبهم في الدارين: دعاء في الدنيا لتسهيل أمورنا، ورضى لدخولنا الجنة، والله سميع مجيب.

وأنصحك أيتها الإبنة الحبيبة بما يلي:

عليك أنّ تتعلمي مواجهة الأمور والمواقف بدل تخزينها وقهر النفس والاحتراق داخليا، والعيش في دوامة المعاناة والمتاهات.

وخاصة أنك ذكرت :"اعلم أن عمله شاق"، ربما بسبب عمله الشاق والمرهق فهو لا يُحسن التعبير، وربما بسبب كبر سنه هو أيضاً يحتاج إلى العطف والرعاية والاهتمام.

وبر والدك واجب عليك رغم تغيره معك، وينبغي عليك احترامه والحديث معه بكل احترام وأدب، وأنا أشعر بك بنيتي كم هو مؤلم لفتاة في عمرك تحتاج إلى أنّ تشعر بعطف وحنان والدها ... فالفتاة تكون أكثر قدرة على مواجهة الحياة وأكثر ثقة بنفسها؛ لأن وجود الأب في حياتها يساهم في نجاحها في حياتها العلمية والاجتماعية.

وذكرت أن والدك ومنذ مدة تغير معك ومع شقيقك الأصغر، إذن عليك أنّ تبحثي عن سبب تغيره، ويمكنك أن تتقربي من والدتك وسؤالها، فهي أكثر الناس تفهماً ومعرفة لطبع والدك.

* لذا اكسري حاجز الخوف وتحدثي مع والدك بكل صراحة، وأخبريه بما تعانين منه، وما تحتاجين إليه من حب وعاطفة الأب بدلا من أنّ تفكري بالهروب كما ذكرت لنا وقلت:" فكرت بالهروب من المنزل لأرتاح!"، وإنّ عجزت عن الحديث معه مباشرة، اكتبي له رسالة واشرحي له...

أكثري من الدعاء لوالديك ولك، وأكثري من الاستغفار، والزمي الطاعات.

أسأل الله الهداية لكم، وأن تعم المودة والرحمة والرضى قلوبكم.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً