الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

خطيبي حساس وغيور وعصبي جدا!

السؤال

السلام عليكم.

في أول خطبتي ارتكبت خطأ كبير في حق خطيبي، اعترفت بخطئي وهو سامحني، للعلم هو شخص كريم وراقي ولديه طموحات كبيرة لكنه غيور كثيرا ويتحكم في كل ما يخصني.

مرت الأيام تعرض لمضايقات في عمله فقرر الاستقالة والبدء في عمل خاص لكنه فشل في ذلك، فحاول مرة أخرى ولم يفلح، وأثقلت كاهله الضرائب، تفهمت وضعه وأقرضته مبلغا من المال مرة واثنتين وثلاثا.

مرت سنتان وهو بدون عمل مستقر، ومع استياء الأوضاع بسبب كورونا لم يجد عملا يناسبه كونه كان مدير قسم.

هو يرفض العمل في منطتقه لأسباب تخصه لكني غير مقتنعة بها، ويريد العمل في منطقتي التي تبعد عنه ب 120 كلم، طلب مني توصيله إلى منطقتي بحكم أنه لا يملك سيارة، مع خوفه عليَّ من أن أصاب بحادث في الطريق، طلبت منه أن يثق بي، قمت بذلك وشكرني وقدم إلى منطقتي وقام بأعماله وقمت بإرجاعه إلى منطقته، مرة واثنتين، وفي المرة الثالثة بدأت التفكير في أنه يتكاسل عن العمل، واعتاد مساعدتي ولم يعد يخاف علي، في آخر مرة كلمته باستعلاء حيث إني طلبت منه الإسراع قلت له لا أريد الانتظار أبدا بصوت عال عبر الهاتف، فغضب غضبا شديدا، وصرخ في وجهي، بعدها عايرني بأول مشكلة وقعت في أول خطبتنا، وتفوه بأمور لا تليق، وقال بأن مساعدتي له لا تساوي شيئا، وبحكم أنه يعاني من ضغط البطالة وضغط عائلته للزواج، اتهمني بأني لا أراعي أوضاعه، وبأنه لو كان يملك المال لما كلمته باستعلاء ولا اضطر لطلب مساعدتي.

أصيب بنوبة غضب وقال بأنه سوف يرزقه الله المال، وسيخرج من لم يقف معه في شدته، وكأنه يهددني!

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أم نورين حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أهلاً ومرحباً لك.

مشكلتك كما طرحتها: خطيبك عصبي جدًا وغيرته مفرطة، خسر وظيفته بسبب جائحة كورونا، وبدأ يستدين منك مبلغا من المال، وأنت مخطوبة منذ ما يقارب السنتين.

غاليتي، الحياة مليئة بالمشاكل والمتاعب والمسؤولية تقع على عاتق الزوجين في بعض الأمور، وبعضها يقع على عاتق الزوج مثل النفقة وحماية الزوجة وتوفير الأمان لها، وهناك فروقات بين الرجل والمرأة في كيفية احتضان المشكلة وإيجاد الحل، والغضب صفة غير محمودة، وتعود إلى أسباب كثيرة، وقد حذر منها الشرع، وحبيبنا المصطفى أوصانا بالابتعاد عنها فقال: (لا تغضب)، وأخبرنا إلى كيفية التصرف عندما يسيطر الغضب علينا، وذكر لنا بعض الوسائل التي تُذهب الغضب عنا أو تخفف من حددته، فقال: إذا كان قائمًا يجلس، ثم يقعد، ثم يتوضأ .. وهكذا.

فخطيبك لديه من الصفات الإيجابية، كما ذكرت أنه (هو شخص كريم وراقي ولديه طموحات كبيرة)، وصفة الغضب بإمكانك أن تساعديه بأن يتبع ما أوصنا به الرسول الأكرم، وفترة الخطوبة وطول المدة كانت سببًا مباشرًا في كثرة المشاكل بينك وبينه.

أقدر وأتفهم مشاعرك وما تمرين به، وما أود لفت انتباهك إليه حتى تكوني على بينة من أمرك، أن علاقة الزواج والحب تختلف عن علاقة الدعم المادي للخاطب.

أنت تدعمينه فهل طاقتك ستتحمل هذا؟ وإلى متى؟ وهل إذا حدث تغيير ما لديه ووجد وظيفة، من الممكن أن يجعل الحياة معه أفضل؟

هو يعاني من ضغوطات مالية بسبب خسارته للوظيفة وأنت صبرت سنتين ، ولم تنزعجي منه، وربما خطيبك يسعى في هذه الفترة إلى فرض رجولته بسبب بعض الكلام الذي يسمعه من المحيط والأهل، فهو ربما يظن أنه بهذه الطريقة يثبت شخصيته، ومن المؤكد أنك اخترته شريكًا وفارس أحلامك، لأنه يتملك الصفات المميزة، والتي تميزه عن غيره، أليس كذلك يا بنيتي؟!

ونصيحتي إليك أيتها العروس الجميلة أن تعملي بهذه النصائح لتسعدي وتشعري بالهناء مع زوجك -إن شاء الله تعالى-:

أنصحك بانتهاز الوقت قبل الزواج، وأن تقنعي خطيبك في المشاركة في دورة تأهيلية للمقبلين على الزواج؛ فهذه الدورات تكون داعمًا نفسيًا وشرعيًا واجتماعيًا وتربويًا للأزواج؛ لأنهم من خلالها يتم تدريبهم على كيفية احتواء المشاكل ووضع الحلول البديلة ومواضيع كثيرة يمكنكما الاستفادة منها، مثل: فن الحوار بين الأزواج، إدارة الغضب، أهمية الاحترام المتبادل بين الزوجين، الثقافة الجنسية، احترام أهل الزوج والزوجة.

اهتمي بنفسك وبصحتك، ودربي نفسك على الاسترخاء والتأمل، فتوطين النفس على الهدوء من مفاتيح السعادة النفسية التي تنعكس على كل من حولك.

ابتعدي عن الأمور التي تغضبه، واستخدمي الأسلوب الجميل، واشرحي له بعد أنّ تقتنعي أنت أن الغضب والعصبية تؤثر وتقلل من المحبة والاحترام بين الزوجين.

وإذا كان المقصود بالخطبة مجرد الوعد وقراءة الفاتحة كما هو متعارف عليه، فالشرع يقول: الخطبة ما هي إلا وعد بالزواج، فلا يجوز الاختلاء وجلوس الخاطب مع مخطوبته، والخروج بها خارج المنزل، ونحو ذلك، فهو محرم؛ لأنها أجنبية عنه؛ حتى يعقد عليها عقدًا صحيحًا.

أسأل الله أن يجمع بينك وبين زوجك على الخير والطاعة، وأن تكونا زوجين متحابين في الدارين.

يمكنك معاودة التواصل معنا إن احتجت لذلك.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً