الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أعاني من اكتئاب وخوف من الماضي؟

السؤال

السلام عليكم.

دكتور، عمري ١٨، منذ ٧ أشهر في رمضان تحديداً أصبح لدي خنقة في صدري، ووسواس أن يكون لدي مرض، واستمرت لدي هذه المشكلة حتى أصبح لدي اكتئاب، ومن وقتها تعرضت لعدة صدمات، وأصبح لدي خوف من الموت، وأشعر نفسي غريب في هذا العالم، وأبكي.

قمت بزيارة طبيب نفسي أعطاني علاج الزولفت نصف حبة لمدة ٣ أيام، بعدها حبة كاملة لمدة شهرين، بعد الشهرين قمت بزيارته مرة ثانية فأعطاني علاج بروزاك، وكذلك استمر لمدة شهرين، تحسنت حالتي وتركت العلاج، لكن الماضي لا يفارق ذاكرتي، وكأنني أعيش في الماضي، وأشعر بأني لا بد من أعود لتناول العلاج.

دكتور، رجاء صف حالتي أو صف لي علاجا أستخدمه، وشكرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ علي حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نشكرك على تواصلك مع موقع إسلام ويب، ونسأل الله تعالى أن يمتعك بالصحة والعافية.

أنا تدارستُ حالتك هذه، وهي بسيطة -إن شاء الله تعالى-. أنت لديك درجة بسيطة ممَّا نُسميه بـ (قلق المخاوف الوسواسي).

الشعور بالخنقة في الصدر ناتجة من أن القلق وما يُصاحبه من توتر يتحوّل إلى توتر عضلي، وهذا التوتر العضلي يُسبِّب ضغطًا على القفص الصدري، لذا يحس الإنسان به في شكل اختناق أو ثُقل شديد بالصدر، وبعض الناس يحسُّون أيضًا بوخز في الصدر، وطبعًا الخوف من الموت دائمًا يكونُ مصاحبًا لهذه الأعراض.

فحالات القلق والخوف والوسوسة كثيرة جدًّا ومنتشرة جدًّا، لكن حالتك أراها من الدرجة البسيطة.

من المهم جدًّا أن تمارس رياضة كعلاج أساسي، رياضة المشي، الجري، كرة القدم، يجب أن تهتمَّ بها، لأن الرياضة تُخلِّص الإنسان من الطاقات النفسية السلبية، كالقلق، كالخوف، كالوسوسة.

أيضًا نظّم وقتك، تنظيم الوقت والتخلص من الفراغ، وتنظيم الوقت يجب أن يشمل تجنب السهر، وتجنب النوم في النهار، ويجب النوم الليلي المبكّر، والاستيقاظ مبكّرًا، وبعد أن تصلي الفجر يمكن أن تبدأ يومك، خاصة في هذه الأيام، لأن صلاة الفجر متأخرة في حدود الساعة الخامسة. ابدأ يومك بعد الاستحمام وشرب كوبًا من الشاي، تدرس لمدة ساعة قبل أن تذهب إلى مرفقك الدراسي. دراسة ساعة في هذا الوقت من الصباح يُشعرك بسعادة كبيرة، ويُشعرك أن طاقاتك متجددة، وسوف تجد أن بقية اليوم قد صار معك في سلاسة وارتياح شديد.

لا بد أن تمارس رياضة، كرياضة المشي أو الجري أو كرة القدم، رفّه عن نفسك بأشياء طيبة وجميلة، كن مشاركًا لأسرتك.

أذكار النوم وأذكار الصباح والمساء تُزيل تمامًا الخوف من الموت، وأقصد بذلك الخوف المرضي الذي لا أساس له، أمَّا الخوف الذي يجعل الإنسان يعمل لآخرته فهذا خوف مطلوب، والإنسان يجب أن يُدرك أن الموت ليس بيده، أن الآجال بيد الله، وأن الخوف من الموت لا يُعجّل بالموت، ولا يُؤخر، لكنه سيأتي في يومٍ من الأيام، قال تعالى: {قل إن الموت الذي تفرون منه فإنه ملاقيكم}، والإنسان يعيش الحياة بقوة، بثبات، بإيجابية، باستمتاع، بنفع لنفسه ولغيره، وهذه بالرغم أنها من أعمال الدنيا لكنها -إن شاء الله تعالى- حسناتها تكون رصيدًا في الآخرة.

لا بد أن تكون لك آمال وطموحات، ماذا تريد أن تكون؟ تصور نفسك بعد عشر سنوات من الآن، تكون قد أكملت -إن شاء الله- الماجستير، انخرطت في العمل، تزوجت، دخلت في دراسة فوق الجامعية، ... هذه كلها يجب أن تكون طموحاتك، لأن انشغالك بهذه الأشياء يجعل الفكر الوسواسي والخوف في الطبقات الدنيا من التفكير، الآن أنت وضعت الوساوس والخوف والتوترات كطبقة أولى في تفكيرك، لا، يجب أن نزيح هذه المعوقات ونُسقطها إلى الأسفل، وتجعل الحياة الجميلة وقوتها والأمل والرجاء والتأمُّل الإيجابي في المستقل كشيء أساسي في التفكير بالنسبة لك.

بالنسبة للعلاج الدوائي: الأدوية هذه متشابهة، وهذه المرة يمكن أن تستعمل عقار (سبرالكس) والذي يُسمَّى علميًا (استالوبرام)، لأنه أيضًا جيد، وسريع الفعالية، أنت تحتاج له بجرعة صغيرة، تبدأ بنصف حبة (خمسة مليجرام) يوميًا – أي نصف حبة من الحبة التي تحتوي على عشرة مليجرام – تتناولها لمدة عشرة أيام، ثم بعد ذلك اجعلها حبة واحدة يوميًا لمدة ستة أشهر، ثم نصف حبة يوميًا لمدة شهرٍ، ثم نصف حبة يومًا بعد يومٍ لمدة شهرٍ آخر، ثم تتوقف عن تناول الدواء. هو من الأدوية البسيطة والسليمة والفاعلة جدًّا، والجرعة التي وصفناها لك هي جرعة صغيرة.

أمَّا إذا كنت تفضّل البروزاك فالبروزاك أيضًا دواء رائع جدًّا، يمكن أن تتناوله بجرعة كبسولة واحدة لمدة ستة أشهر، ثم تجعله كبسولة يومًا بعد يومٍ لمدة شهر، ثم تتوقف عن تناول عنه.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً