الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أعاني من الرهاب الاجتماعي فدلوني على العلاج

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أنا محمد من الجزائر وبعمر 27 سنة، أعاني من الرهاب الاجتماعي، وأعاني منه منذ أكثر من 12سنة، وذلك أثناء الإمامة بالناس في المسجد أو التحدث إلى الجمهور، أو الأكل أمام العامة، حيث إن الأعراض المرافقة له هي خفقان شديد في القلب، وارتعاش اليدين، وصعوبة في التنفس، مع أني اجتماعي، وعندي أصدقاء كثير.

أرجوكم دلوني على العلاج، وجزاكم الله كل خير.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ Mohammed حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نرحب بك في الشبكة الإسلامية، ونسأل الله لك العافية والشفاء.

حالتك -إن شاء الله- حالة بسيطة، فالذي تعاني منه هو قلق المواجهات، أو ما يمكن أن نسميه بقلق الأداء، والبعض يُسميه الرهاب الاجتماعي، وإن أردنا أن نعطيه هذه التسمية فهو إن شاء الله من النوع البسيط.

أولاً أخي: أنا لا أريدك أن تفهم أن هذه المخاوف ناتجة من ضعف في شخصيتك أو اضطراب في إيمانك، المخاوف تأتي لكل الناس، وهي أمر مكتسب، ولا تدلُّ أبدًا على ضعف الشخصية، وليست دليلاً على الجبن أبدًا، الإنسان يمكن أن يخاف من أشياء بسيطة جدًّا ويُواجه أشياء كبيرة جدًّا، والمثال الذي نضربه في هذا السياق هو (الإنسان يمكن أن يكون مروضًا للأسود ويتعامل معها، لكنّه يخاف من أبسط الحيوانات كالقط مثلاً).

العملية عملية نفسية سيكولوجية مكتسبة، والمفاهيم الخاطئة تلعب فيها دورًا كبيرًا.

الأعراض الجسدية التي تعاني منها كالشعور بالخفقان والارتعاش وصعوبة التنفس: هذه تجارب شخصية، ولا تظهر للآخرين، أنا أريد أن أؤكد لك هذه الحقيقة، لأن معظم الإخوان الذين يُعانون من هذه الحالات حين يأتيهم الشعور بالخفقان والارتعاش أو التعرُّق أو احمرار الوجه أو خفة الرأس أو الخوف من فقدان السيطرة على الموقف؛ يزداد عندهم الخوف، ويزداد عندهم التجنُّب، لكن حقيقة الأمر أن هذه المشاعر هي مشاعر شخصية ومبالغٌ فيها، ولا تظهر للآخرين أبدًا. فأرجو أن تكون هذه النقطة مطمئنة بالنسبة لك.

الأمر الآخر: الخوف - كما ذكرنا – شيءٌ مكتسب متعلَّم، ولذا يُعالج من خلال التعليم المخالف أو المضاد له، بمعنى: لا تتجنب المواقف أبدًا، اقتحم، ولن يحدث لك شيئًا، أنا أؤكد لك ذلك تمامًا. أن تصلي بالناس هذا شيء عظيم جدًّا، أن يختصّك الله بذلك فهذا أمر يجب أن تُقدِّره، وأنت لست بأقل من الناس أبدًا في أي حال من الأحوال.

أنا أريدك أن تلجأ لعلاج نفسي بسيط يُسمَّى (التعرُّض في الخيال)، يعني مثلاً: وأنت في البيت تصور أنك تُصلي الناس في المسجد، ما هي السورة التي سوف تقرأها، وتصور نفسك أنك سوف تخطب بالناس خطبة الجمعة، أو أنك سوف تقيم درسًا بعد الصلاة، عش هذا الخيالات بكل قوة واستغراق ذهني، يعني: أن يكون لعب الدور في الخيال كاملاً، يعني مثلاً: الجلسة النفسية يجب أن تستغرق على الأقل ربع ساعة.

كذلك بالنسبة للتحدث، التحدث في الأمور، تخيّل أنك أمام عدد كبير من الناس وتتحدث إليهم. وهكذا، ولا تتجنب يا أخي، وقد وجدنا أن الأنشطة الاجتماعية مهمة جدًّا، أن تُشارك الناس في مناسباتهم، أن تمارس رياضة جماعية، تبادل الزيارات، هذه تُساعدك.

أبشرك أنه توجد أدوية ممتازة وعالية الفعالية تُعالج هذه الحالات أيضًا. أفضل عقار هو الدواء الذي يُسمَّى (سيرترالين)، واسمه التجاري (زولفت) و(لوسترال)، وربما تجده تحت مسميات أخرى، جرعته هي: تبدأ بنصف حبة (خمسة وعشرين مليجرامًا) يوميًا لمدة عشرة أيام، ثم حبة كاملة – أي خمسين مليجرامًا – يوميًا لمدة شهرٍ، ثم تجعلها حبتين (مائة مليجرام) يوميًا لمدة ثلاثة أشهر، ثم خمسين مليجرامًا يوميًا لمدة ثلاثة أشهر، ثم خمسة وعشرين مليجرامًا يوميًا لمدة أسبوعين، ثم خمسة وعشرين مليجرامًا يومًا بعد يومٍ لمدة أسبوعين آخرين، ثم توقف عن تناول الدواء.

الدواء يتميز بسلامته، ولا يؤدي إلى الإدمان، ولا يؤدي إلى التعود.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً