الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

مصاب بعدة أمراض نفسية وأريد الدواء المناسب لحالتي

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

في البداية يبدو أنني أعاني من قلق وتوتر مزمن، أنا شاب، عمري 20 سنة، مدخن، بصحية جيدة -ولله الحمد-، ولكن منذ صغري وأنا أعاني من توتر وخوف، وكنت لا أهتم بهذا الجانب، فأنا مصاب بدرجة عالية من الرهاب الاجتماعي منذ الدراسة الإعدادية، وأيضًا فاقد لحس المبادرة، ودائم السكوت عن حقي من أجل درء المشاكل، وفي كل أمر أتوقع أن يحدث الأسوأ.

وأيضا أصيب أبي بقلق مرضي شديد، وتوهم المرض لدرجة أنه بات يوصيني خيرًا في إخواني لأنه سيموت، تشافى أبي، وأصبح يأخذ علاجًا نفسيًا مزمنًا، ويفقد السيطرة على نفسه في حال نسيانه العلاج أو عدم الحصول عليه، وأخي الكبير بعد أبي بأربع سنوات كذلك أصيب بقلق وتوهم المرض، وأصبح يراجع فترة طويلة في المستشفيات دون أي سبب عضوي، وبعد ذلك أصبح يأخذ الدواء النفسي، وأيضاً مزمن، وتتغير شخصيته وأفكاره بالكامل حال نسيانه أو تركه العلاج.

أما أنا فأنا طالب جامعي مثقف وذكي مثل سائر أفراد العائلة -ولله الحمد-، لكني أصبت بمرض في الجهاز الهضمي قبل سنة ونصف، أجريت على أثره عملية فيها، وتشافيت بالكامل، ورجعت طبيعياً، ولكن بعد ذلك وحتى الآن بدأت تراودني الأفكار بأن أصاب بأمراض القلب، أو ارتفاع ضغط الدم خصوصاً أنه مرض دون أعراض.

بدأت في عمل تخطيط للقلب، وقياس للضغط، وأيضاً قياس مستوى السكر بشكل عام، أصبحت لا أرتاح من التفكير في هذه الأمراض، وأن هناك احتمالية لوجودها خصوصا أنني مدخن، والكلام والشرح كثير ولكن الحديث لا يكفي في رسالة واحدة.

السؤال: ما هو العلاج النفسي الممكن؟ وما هو أفضل دواء لي؟ وأيضاً هل سيصبح مزمناً معي؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ فهد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أرحب بك في الشبكة الإسلامية، وأسأل الله لك العافية والتوفيق والسداد.

رسالتك رسالة ممتازة، فهي جيدة جدًّا بل ممتازة – كما قلنا – من ناحية المضمون والمحتوى، وقد عرضت شكواك بصورة دقيقة جدًّا.

الذي ألاحظه أنه بالفعل لديك درجة من قلق المخاوف، والشيء الأهم من ذلك أنك قد انشغلت كثيرًا بموضوع التاريخ الأسري للأمراض النفسية، وطبعًا نحن لا ننكر الدور الوراثي كعامل مُهيئ لكثير من الحالات النفسية التي قد تُصيب أعضاء آخرين في الأسرة، ودائمًا الحالات النفسية هي نتاج للقوة الوراثية الجينية وتفاعلها مع البيئة، لكن هذا الكلام يجب ألَّا يكون صادمًا بالنسبة لك، ولا يكون شاغلاً بالنسبة لك أبدًا، لكن يكون مفيدًا لك جدًّا لتتخذ التحوطات اللازمة حتى لا – مثلاً – تأخذ حالتك الطابع المُزمن.

أولاً: العامل الوراثي إذا هُيئتْ له البيئة المرضية سوف يلعب دورًا أكبر، بمعنى: أن الإنسان لا يهتم بصحته، لا يُنظّم وقته، ليس له أي نوع من الآليات البيئية الإيجابية التي تُساعده على عدم حدوث العامل الوراثي.

فأنا أريدك – أيها الفاضل الكريم – أن تعيش الحياة الصحية، وهذا هو الذي سوف يُقلِّلُ كثيرًا الأثر الجيني الوراثي، والحياة الصحية التي أقصدها هي:

أولاً: أن تنظم وقتك، تنظيم الوقت مهم، حُسن إدارة الوقت هو باب النجاح في الحياة، ومن أهم الأشياء أن تتجنب السهر، أن تنام مبكّرًا، تستيقظ مبكّرًا، تبدأ يومك بصلاة الفجر، تستفيد من فترات الصباح في الدراسة، في التركيز على العلوم الأساسية والضرورية، خاصة المواد التي تتطلب الحفظ.

وأن تمارس الرياضة، هذه أحد الشروط الأساسية لتنظيم الوقت، وأن تعيش حياة صحية كما ذكرت لك.

إذًا النوم الليلي المبكّر، الاستفادة من فترة الصباح، ممارسة الرياضة. الترفيه عن النفس بما هو طيب وجميل. كذلك التواصل الاجتماعي، ويا حبذا لو كان لديك أيضًا حرص على الواجبات الاجتماعية، أن تُلبي الدعوات، كدعوات الزواج مثلاً (الأفراح)، أن تُشارك الناس أيضًا في أتراحهم، المشي في الجنائز، زيارة المرضى، صلة الرحم، هذه كلها أمور تُساعد على تطوير الصحة النفسية وتمنع تمامًا حقيقة حدوث كثير من الحالات العُصابية، كالمخاوف والتوتر والوسوسة. فأرجو أن تتبع هذا المنهج.

أمَّا بالنسبة للدواء: في حالات قلق المخاوف المصحوب بالأعراض النفسوجسدية؛ أنا أرى دائمًا أن عقار (سيرترالين) دواء ممتاز، دواء فاعل، دواء مفيد جدًّا. تبدأ في تناول السيرترالين بجرعة نصف حبة – أي خمسة وعشرين مليجرامًا – يوميًا لمدة عشرة أيام، ثم اجعلها حبة واحدة يوميًا – أي خمسين مليجرامًا – لمدة شهرٍ، ثم اجعلها مائة مليجرام يوميًا لمدة شهرين، ثم خمسين مليجرامًا ليلاً لمدة أربعة أشهر، ثم خمسة وعشرين مليجرامًا ليلاً لمدة شهرٍ، ثم خمسة وعشرين مليجرامًا يومًا بعد يومٍ لمدة شهرٍ آخر، ثم تتوقف عن تناوله.

السيرترالين دواء رائع، سليم، مفيد لعلاج الرهاب الاجتماعي والتوترات والقلق، والرهاب الاجتماعي: لابد أن تُحقر فكرته أصلاً.

هنالك دواء آخر داعم للسيرترالين يُسمَّى (دوجماتيل) واسمه العلمي (سولبرايد)، أريدك أن تتناوله بجرعة خمسين مليجرامًا صباحًا لمدة شهرين، ثم تتوقف عن تناوله.

هذا هو الذي أودُّ أن أنصحك به، وأسأل الله لك العافية والشفاء والتوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً