الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أعاني من زيادة في خفقان القلب وتشتت أفكاري وعدم استيعاب للحياة

السؤال

السلام عليكم

أنا شاب في مرحلة وأعمل، وبعمر ٢٥ سنة، محافظ على صلاتي -والحمد لله- منذ ٣ أو ٤ سنين أو أكثر كنت أعاني من عدم ثقه في النفس وتفكير مفرط، وتخبط في الحياة، وتدريجيا بدأت أثق بنفسي وأضع أحلاما وتوقعات كثيرة، منها لا تحقق، ومنها المقدور على تحقيقه، أصبت بإحباط، وأصبحت غير مهتم بالحياة، ورأيت أن حياتي لم تتحسن، ولكني واصلت، ولم أتوقف.

قبل ٢٥ يوماً شربت سيجارة (بانجو)، كنت متعوداً عليها منذ ٦ سنين، لكني غير مدمن عليها، سببت لي زيادة في ضربات القلب بصورة غير طبيعية لم تحصل قبل ذلك، مع أن الكمية صغيرة، وبعد أن انتهي الموقف، ثاني يوم فحصت طلعت عندي ملاريا.

تعالجت منها وبعد ٥ أيام بدأت أحس باكتئاب شديد، وضربات القلب تزيد، وقلق وأرق وعدم قدرة على التفكير، والفهم بصعوبة، وأحس أني أفقد عقلي، بعد يومين خفت الأعراض، لكني حالياً أعاني من عدم قدرة على التركيز والتذكر والفهم، وكلما أتذكر حالتي أحس بتعب وأكره الحياة وأنكسر.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أحمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أرحب بك في الشبكة الإسلامية، وأشكرك على ثقتك في هذا الموقع.

أيها الفاضل الكريم: نحن نملِّك الناس الحقائق العلمية بكل أمانة ومصداقية، قطعًا الحشيش – أو ما يُعرف بالبانجو في السودان – له آثار مُدمِّرة على شخصية الإنسان وعلى درجة تركيزه واستيعابه ومزاجه، أنت الآن تعاني من حالة من عدم الاستقرار النفسي، وتطاير الأفكار وتداخلها، والتقلُّب ما بين القلق والتوتر والأرق، هذا كلُّه حقيقة إضرار كبير جدًّا بالصحة النفسية لدى الإنسان.

أرجو ألَّا تُبسِّط طريقة تعاطيك للحشيش، أنت تعتبر نفسك غير مدمن، لكن ما دمت أنت في دائرة التعاطي فأنت تعتبر قابلاً جدًّا للأضرار التي يُسبِّبُها الحشيش، ومن خطورة البانجو – خاصة في السودان – أن المادة النشطة – والتي تُسمَّى THC – متفاوتة التركيز، حسب النوعية، وأين زُرع، وكيف حُضِّرَ بعد ذلك، وتوجد بعض الأنواع من البانجو في السودان نسبة هذه المادة النشطة – أي: THC – عالي جدًّا، للدرجة التي قد تؤدي إلى انسمام في الدماغ، والحشيش يعمل من خلال إفراز بعض المواد الدماغية التي تُسمَّى بالموصِّلات العصبية، ومن أهمها مادة الـ (دوبامين Dopamine).

عمومًا: أنت إذا أردتَّ بالفعل أن تصلح نفسك وتعيش حياة طيبة ومستقرة على المستوى النفسي والمستوى الفكري والمستوى الجسدي؛ يجب أن تتوقّف تمامًا من تعاطي الحشيش.

تعاطي الحشيش في مراحله الأولى يؤدي إلى نفس التغيرات التي حدثت لك، (تسارع في ضربات القلب، التشويش في الأفكار، عدم الاستقرار النفسي، القلق، التوتر)، وكما تفضلتَ يحدث هناك نوع من السطحية في الفهم أو ضعفه.

بعد أن يُواصل الإنسان التعاطي يصل إلى مرحلة فيها هدوء وسكينة شديدة، ويحدث ما نُسميه بافتقاد الطموح، المدمن يفتقد الطموح تمامًا، يعيش حياة بسيطة، بدائية، والناس تصفه بأنه أصبح إنسانًا طيِّبًا، بمعنى أنه لا يُزعجُ أحدًا، لكن حقيقة هو يعيش مع هلاوسه، مع خواطره الداخلية، وليس لديه طموح، وقطعًا لا يتقدّم خطوة واحدة في طُرق وسبل الحياة الإيجابية.

أرجو – أيها الفاضل الكريم – أن تُحرِّر نفسك تمامًا من هذا الأمر وترتقي بنفسك، وتضع خطة جديدة تُدير من خلالها وقتك، تجتهد في العمل، في التواصل الاجتماعي، تقوم بالواجبات الاجتماعية، تحرص على الصلاة في وقتها، والقيام بكل واجباتك الدينية، وأن تكون دائمًا مع الصالحين من الشباب، أن تكون بارًّا بوالديك، ... هناك أشياء كثيرة جدًّا يمكن أن تقوم بها.

الآن – وحتى تدخل في مرحلة الاستقرار النفسي – هناك دواء بسيط جدًّا يُسمَّى (رزبريادون)، متوفر في السودان، تحتاج أن تتناوله بجرعة واحد مليجرام يوميًا لمدة أسبوعين، ثم تجعلها اثنين مليجرام ليلاً لمدة شهرين، ثم واحد مليجرام ليلاً لمدة شهرين، ثم تتوقف عن تناوله.

هذا الدواء إن شاء الله تعالى يُبطل مفعول الحشيش الذي تناولته فيما مضى، وكما اتفقنا فإنك لن تتناوله بعد اليوم، افتح صفحة جديدة وجميلة في الحياة.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً