الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أعاني من مشكلة عدم النظافة الشخصية، فماذا أفعل؟

السؤال

السلام عليكم.

أنا طالبة في الثانوية العامة، أعاني من عدم النظافة الشخصية وعدم الاهتمام بنفسي، وهذا يسبب لي الإحراج الشديد مع أهلي، يمضي أكثر من أسبوعين ولا أبدل ملابسي، ولا أستحم، أريد حلا، لقد تعبت.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ مريم حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبا بك –عزيزتي- في الموقع.
نشكر لك ثقتك في إسلام ويب، ونتمنى لك التوفيق والفلاح، ونتمنى أن تأخذي نصائحنا بعين الاعتبار، وتطبقيها خطوة خطوة لعلك تستفيدين منها، ونسأل الله تعالى الخير والصلاح لنا ولك ولكل المسلمين.

عزيزتي: أحزنني قراءة استشارتك، فتاة مثلك في عمر الزهور، طالبة ثانوية، في أول مشوار حياتها، أنثى صغيرة، هي سيدة راقية في المستقبل، تهمل في نفسها! تهمل نظافتها الشخصية! هذا مؤلم.

عزيزتي: اعلمي أن النظافة الشخصية مجموعة سلوكيات وعادات يقوم بها الإنسان، وخاصة المرأة بقصد الحفاظ على الصحة والمظهر والرائحة، وهي من العوامل التي تكون سببا في اكتساب احترام ومودة الناس، كما تمنح الإنسان شعورا بالحيوية والنشاط والسعادة والثقة بالنفس، والنظافة من الإيمان، وديننا الإسلامي الحنيف يحثنا على النظافة والطهارة، قال تعالى:" وثيابك فطهر"، لذلك تعتبر النظافة من السلوكيات الحميدة التي ينعكس تأثيرها بشكل مباشر على الأفراد.

الإسلام حث على الطهارة والاعتناء بالنظافة، وعدها فريضة يجب اتباعها، كما عدها شرطاً لأكبر العبادات وأكبر الفرائض وهي الصلاة، ودعا الإسلام المسلمين إلى العناية الشديدة بطهارتهم ونظافتهم الشخصية عند أداء الصلاة وفي مختلف الأحوال، وبين كيفيتها، فقال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ)، وقد أمر الله نبيه -صلى الله عليه وسلم- في قوله تعالى: (وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ*وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ)، وتعتبر النظافة والطهارة من الأخلاق الكريمة والعادات السامية في الإسلام، فقال النبي –صلى الله عليه وسلم-:"الطُهور شطر الإيمان" وارتقى بقيمة النظافة وأهميتها لمراتب أعلى، اعتبرها صفةً ينال بها المسلم محبة الله تعالى، قال تعالى:" إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ"، كما قال تعالى:" وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ".

عزيزتي: اعلمي أن للنظافة أهمية كبيرة في حياتنا، فهي شيء أساسي وليس ثانويا يمكن التغاضي عنه، وكلها إيجابيات وليس فيها أية سلبية، وتكمن أهميتها في التالي:

1- استجابة لأمر الله تعالى، فسبحانه يأمرنا بالطهارة والنظافة الظاهرية والباطنية، في الجسد والقلب والمكان وكل الأشياء، فلا تقبل صلاة بغير طهارة، ولا يصح الصلاة في مكان نجس قذر، وغيره الكثير.
2- النظافة سنة من سنن النبي –صلى الله عليه وسلم-، فقد كان يهتم بنظافة ثيابه وهيئته ومكانه، وكان –صلى الله عليه وسلم يحث الصحابة –رضوان الله تعالى عنهم- على الاغتسال والنظافة، " أما كان هذا يجد ما يسكن به شعره"، " أما كان هذا يجد ما يغسل به ثوبه"، وهناك أحاديث كثيرة وردت في اغتسال يوم الجمعة والعيدين، وأيضا حث على نظافة الفم بقوله:" السواك مطهرة للفم مرضاة للرب"، وهذا يدل على حرص الدين الإسلامي على النظافة الشخصية.
3- النظافة الشخصية تقي الإنسان من الإصابة بالأمراض الجلدية، مثل الجرب، والحكة، والالتهابات، وغيرها، وكذلك الأمراض العضوية، مثل الالتهاب الرئوي، والتهاب العين والجلد، ومن القمل، والكوليرا، والزّحار، والإسهال، وغيرها.
4- النظافة تقلل كثيرا من نسبة انتشار الجراثيم، والميكروبات، وما تسببه من أمراض.
5- تقوي العلاقات الاجتماعية، حيث تجعل مظهر الفرد لائقا ورائحته زكية، فلا ينفر الناس منه ولا يتأذون منه، فيعطي انطباعا أوليا عن شخصيته أنه نظيف ومرتب، وبالتالي يتودد إليه الناس، ويحترمونه، فيستطيع تكوين صداقات كثيرة مفيدة وجميلة.
6- النظافة الشخصية تمنح الإنسان الشعور بالراحة والاسترخاء والانتعاش، وتكسبه ثقة في النفس وقوة ودافعا للحياة، وأيضا تمنحه حرية التنقل والحركة والاقتراب من الناس على نحو لا يزعجهم برائحته أو عدم نظافته، ولا تسبب له الإحراج الذي يلحقه بسبب عدم النظافة.
7- تنعكس آثار الاهتمام بالنظافة الشخصية على صحة الفرد النفسية، حيث تحميه من الإصابة بالاكتئاب والتوتر والقلق، وتمنحه الثقة والمرح وشعور السعادة.
8- تزيد قدرة الفرد على التركيز في تنفيذ الأعمال الموكلة إليه، وإنهائها بسرعة وكفاءة عالية؛ لأنها تمنحه النشاط والحيوية.

كيفية المحافظة على النظافة الشخصية:
جسم الإنسان بيئة خصبة لتكاثر الجراثيم والطفيليات والمكروبات والتي تسبب الكثير من الأمراض والروائح الكريهة المنفرة، وأكثر هذه الأماكن عرضةً لذلك الجلد، وداخل وحول الفتحات الموجودة في الجسم، ولكن تقل فرص تكاثر هذه الجراثيم والطفيليات عند اتباع عادات صحية للنظافة الشخصية، وننصحك –عزيزتي- بتطبيق هذه العادات، وهي:

1- الاغتسال يومياً قدر الإمكان، خاصة في الصباح قبل ذهابك للمدرسة، فسيلان الماء على الجسم يمنحك النشاط ويزيل الكسل التابع للنوم، ويمنحك شعور الثقة، وينشط عقلك، وتتأكدين من التخلص من أية رائحة قد تزعج زميلاتك أو معلماتك، فتسبب لك الحرج والخجل.
2- غسل الشعر بالشامبو مرتين أسبوعيا، والمحافظة على نظافته من القشور والقمل باستخدام علاجات خاصة لهذه الآفات توجد في الصيدلية، وتمشيطه باستمرار للمحافظة على رونقه وجماله، والأهم المحافظة عليه من المتطفلين من الرجال غير المحارم بتغطيته بالحجاب الإسلامي، وهذا يكسبك الجمال والثقة، و-بإذن الله- يكسبك الأجر العظيم على حجابك.
3- تنظيف الأسنان بعد تناول كل وجبة، للمحافظة على رائحة الفم نظيفة، ولتجنب احتمالية الإصابة بأمراض اللثة والتسوس، ومن المهم تنظيفها بعد وجبة الإفطار، وقبل الخلود للنوم، وقد حث الرسول –صلى الله عليه وسلم على ذلك بقول:" السواك مطهرة للفم مرضاة للرب"، فلاحظي أن رائحة الفم الطيبة ترضي الرب تعالى، فالرائحة الكريهة عند تناول البصل والثوم وغيره مثلا تؤذي الملائكة عند الصلاة وقراءة القرآن، قال صلى الله عليه وسلم:" من أكل الثوم والبصل والكراث فلا يقربن مسجدنا فإن الملائكة تتأذى مما يتأذى منه بنو آدم"، وأيضا الرائحة السيئة لا تليق بالفتاة، فتخيلي أن تجلس بقربك فتاة رائحتها كريهة، طبيعي سوف تنفرين منها.
4- الحرص على ارتداء ملابس نظيفة وتبديلها حال اتساخها، وبالأخص الملابس الداخلية، وتعريض الملابس للشمس، لأن أشعة الشمس تساهم بقتل الجراثيم والطفيليات.
5- الحرص على تنظيف اليدين قبل تناول الطعام وبعده، وبعد استخدام المرحاض، وخلال ممارسة الأنشطة اليومية الطبيعية كاللعب والعمل.
6- الحرص على تنظيف المكان من غرفة النوم والحمام الخاص، وأيضا القيام بالمساعدة في الأعمال المنزلية، فذلك مما يعلمك على النظافة، ويجعلك تعتادين على محاربة الكسل والخمول، وكراهية القذارة والوساخة، وحب النظافة والترتيب.

أخيرا تذكري –عزيزتي- أن الفتاة النظيفة هي فتاة مطلوبة في كل الأماكن وعند جميع الناس، فهي العروس التي تتمناها كل أم لابنها، وكل أخت لأخيها، وهي العاملة التي تتمناها زميلات العمل لحسن مظهرها وطيب رائحتها، وهي الابنة التي تفتخر بها أمها أمام النساء، فلا تهدمي كل تلك الميزات بركونك للكسل، وبعدك عن النظافة، واعلمي أن الشيطان يجرك لما أنت فيه، ولا يريد لك السعادة والتوفيق، فقاومي شره وأمره، واستعيذي بالله تعالى منه بقول نبينا –صلى الله عليه وسلم:" اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن، والعجز والكسل والبخل والجبن، وضلع الدين وقهر الرجال"، أيضا عدم الاهتمام بالنظافة عند الفتيات ربما يكون سببه إحباط وهبوط في الناحية النفسية لكثرة النقد، أو للشعور بالنقص، فاجمعي ما عندك من إيجابيات واحمدي الله عليها، وقوي ثقتك بنفسك، واطلبي معالي الأمور، واعلمي أن كل فتاة جميلة بإيمانها وحيائها وبما وهبها الله من صفات جميلة.

نسأل الله لك التوفيق والنجاح، وأن يجعلك نشيطة سعيدة موفقة.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات