الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

ضغوطات مادية قلبت حياتي رأسًا على عقب، فبماذا تنصحوني؟

السؤال

السلام عليكم.

أنا امرأة متزوجة منذ خمس سنوات، ولدي طفل، لدينا ضغوطات مادية كثيرة في حياتنا، بعد خمس سنوات من السعادة -ولله الحمد-، انقلبت حياتنا تماماً إلى هم وحزن، منذ حملي بطفلي الأول وزوجي لا يكلمني، وحزين دائما، ويفكر كثيراً كيف سيدبر كل هذه المسؤوليات.

عندما سألته عن سبب مقاطعته لي قال: إنه منذ أن تزوج وهو لا يشعر بالسعادة، فقد كان يمثل لكي يرضيني، ولأنه يحبني ولا يريد أن يغضبني، وبأنه يتمنى لو لم يتزوج لأن الزواج والطفل مسؤولية كبيرة لم يتوقعها، وفي كل مرة نتحدث يتهمني بأشياء كثيرة، ويلومني على كل شيء حصل، وأنني سبب عدم تطوره في كل النواحي؛ لأن الزواج استنزفه، مع العلم بأنني أشتغل من حين لآخر لكي أخفف عنه العبء.

منذ سنتين لا يكلمني ولا يكلم طفله، مع العلم أنه يتحدث مع أصحابه بشكل طبيعي، أفيدوني جزاكم الله خيرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ Marie حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك -ابنتنا وأختنا الفاضلة- في الموقع، ونشكر لك الاهتمام والحرص على السؤال، ونسأل الله أن يُصلح زوجك، وأن يهديكم جميعًا لأحسن الأخلاق والأعمال، وأن يُحقق لنا ولكم في طاعته السعادة والآمال.

لا شك أن الرجل إذا نزلت الهموم على قلبه فإنه يتأثّر سلبًا، لأنه ينظر للأمور ويحاول تحليلها، وهذا ينعكس على علاقته مع زوجه، ولا مخرج من ذلك إلَّا بأن يَكِلِ الأمر لله تبارك وتعالى، ويتذكَّر أنَّ عليه أن يفعل الأسباب ثم يتوكل على الكريم الوهَّاب سبحانه وتعالى.

وقد أسعدنا أنك تحاولين أن تعملي لتُساعديه، فأشعريه بهذا المعنى، وذكّريه بأن الله هو الرزَّاق، وأن الأطفال يأتوا بأرزاقهم، وأنه: { وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا}، فالله تكفَّل بأرزاقنا، بل بأرزاق سائر الكائنات سبحانه وتعالى.

ولذلك عليه ألَّا يشغل نفسه بأمور لا علاقة له بها، وإنما عليه أن يُؤدِّي ما عليه، وأن يقوم بما عليه من المسؤوليات. وأسعدنا أنه كان يُخفي عنك ذلك من أجل ألَّا يُحزنك، لكن أرجو ألَّا تحزني ولا يحزن، لأن هذه الأمور من تقدير الله تبارك وتعالى، والمؤمن لا يملك إلَّا أن يرضى بقضاء الله وقدره، بل السعادة لا تُنالُ إلَّا بالرضا بقضاء الله وقدره، فالسعادة هي نبع النفوس المؤمنة بالله، الراضية بقضائه وقدره، المواظبة على ذِكْرِه وشُكْره وحُسْنِ عبادته.

وعليه فنحن ننصحك أولاً بكثرة الدعاء لنفسك ولطفلك ولزوجك.
ثانيًا: ننصحك بعدم الابتعاد من زوجك، والتخفيف عليه، وتوفير الدعم المعنوي والتشجيع بالنسبة له.

ثالثًا: عليك تفادي الأمور التي تُضايقه وتُزعجه.

رابعًا: من المهم جدًّا أن تهتمي بغرس النواحي الإيمانية والتذكير بالله تبارك وتعالى، وربطه بالله، والحرص على المواظبة على الصلاة، وبر الوالدين، والاستقامة على التقوى، وكثرة الاستغفار، والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، فإن هذه مفاتيح للرزق وفيه السبب أيضًا لزوال الهموم، ونعوذ بالله من الهمِّ والغم، وتعوذوا بالله أيضًا من العجز والكسل، فإن العجز نقصٌ في التخطيط، والكسل نقصٌ في التنفيذ، وعليه أن يسعى وليس عليه أن يُدرك النجاح، قال العظيم: {هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ}.

نسأل الله لنا ولكم التوفيق والسداد، وأيضًا ننصحك بأن لا تُقارنيه بأصحابه، فأنت تقولي أنه يتكلم معهم بشكل طبيعي، ولا تتكلم معك ولا مع طفله، مثل هذا النقد يُؤثّر عليه سلبًا، وعليه أرجو أن تتفاعلي، وتبحثي عن قواسم مشتركة، وتقتربي منه، ونسأل الله لنا ولكم التوفيق والهداية.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً