الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

اعاني من قلق وتوتر وخوف رهيب وشكوك زائدة.

السؤال

السلام عليكم..

كانت والدتي -رحمها الله- تعاني من مرض نفسي، وتوفيت ولم يعرف ذلك المرض، وكانت بمثابة صدمة لي؛ لأن إيمان أهلي ومجتمعي ومن حولنا أن من يذهب إلى طبيب نفسي تكثر حوله الاستفهامات، وهذا مثال خاطئ لأنهم أناس يعيشون حولنا من حقهم أن يحصلوا على العلاج اللازم كغيرهم من البشر.


طبيبي العزيز! أنا راجعت قبل ستة أشهر طبيباً نفسياً وكأني مقدم على سطو مسلح، ويمكن لأنها طبيبة ارتحت لها، ووصفت لي دواء بوسبار وسيبرام وأفادني كثيراً، وما إن آخذه شهراً أو شهرين حتى أقطع العلاج من تلقاء نفسي؛ لأني أحسست بتحسن.

عدت للطبيبة ووصفت لي نفس العلاج، وقالت: لا تقطعه، ونفس الطريقة: شهران وأقطعه من جديد، وللمعلومية يا دكتور أنا أحس بخوف رهيب وشكوك زائدة وأعمل بعمل يحتاج مني إلى هدوء وتركيز، وأنا على العكس تماماً، وأخاف من أن ذلك يؤثر على مستقبلي الوظيفي، انطوائي، كثير النوم، يأتيني شعور بعدم الرغبة للدوام والحياة، قلق، متوتر، أخاف من تكوين صداقات وأختلس النظر إلى تحركات من حولي، وأحياناً تسقط نظراتي بعيونهم وأشعر بالارتباك، وأخاف من تفسيراتهم لشخصيتي.

مع العلم أنني هادئ جداً ومتقلب المزاج، تجدني صارماً في أمور وأمور أخرى متساهل، لا أدري ماذا أقول، وأتمنى أن أجد الجواب الشافي لأهل التخصص بهذا المجال، ماذا أفعل؟؟ هل أعود لعلاجي أم أبحث عن علاج أفضل؟

محتار والله يا دكتور.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ العزيز/ النشمي حفظه الله!
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فجزاك الله خيراً على سؤالك..

أرى من رسالتك أنك تعاني من قلق وتوتر ومخاوف نفسية عامة وربما شيء من الاكتئاب النفسي، وكل هذه الأعراض مرتبطة ببعضها البعض، وربما تكون متعلقة باضطراب كيميائي بسيط في الدماغ يحدث بمادة تعرف باسم سيروتينين.

أيها الأخ الفاضل لابد للإنسان أن يصبر على المرض، ولابد له أن يصبر على تناول العلاج، ولابد له أن يصبر على الصحة حين تأتي، هذه الثوابت الثلاثة هي من الدعامات الأساسية للعلاج، أنت يا أخي تتحسن على العلاج ثم تتوقف عنه؛ هذا بالطبع أمر لن يعود عليك بإيجابية، إنما يؤدي إلى مزيد من الاضطراب.

نرى أن أقل مدة لتناول هذه الأدوية هي ستة أشهر، ولا بأس مطلقاً إذا استمر الإنسان عليها لمدة طويلة حيث أن هذه الأدوية، خاصة التي ذكرتها في رسالتك، من الأدوية السليمة وغير الإدمانية، كما أنها ليست بمتعددة الجرعات، كما يحدث في الماضي، فالآن يستطيع الإنسان أن يأخذ حبة واحدة أو حبتين ويظل في صحة نفسية جيدة.

أرجو أن تراجع نفسك وأن تستمر على علاجك؛ لأن في ذلك خيراً كثيراً لك، الاستمرارية على العلاج سوف تمنع الاستعداد الذي هو متوطن في داخل نفسك، أي: أنه لديك القابلية والاستعداد للقلق والتوتر والخوف والشكوك.

توجد بعض الأدوية الجيدة جدّاً مثل العقار الذي يعرف باسم بروزاك، يوجد الآن منه نوع من الدواء الذي حضر بطريقة أنه يمكن أن يؤخذ مرة واحدة في الأسبوع، ولكن هذا الدواء بهذه الطريقة لا يفيد إلا بعد أن تستقر حالتك، وعليه أنصحك أن تستمر على السبرام أو السبرالكس حتى تستقر بصورة جيدة، ثم يمكنك أن تستبدله بالعقار الذي يعرف باسم بروزاك 90 أو البروزاك الأسبوعي والذي - كما ذكرت لك - يأخذ مرة واحدة في الأسبوع، أي: أربع كبسولات في الشهر، وهذا لا مانع أن يستمر الإنسان عليه إلى أطول مدة ممكنة.

ما ذكرته في بداية رسالتك على المفاهيم الخاطئة لدى بعض الناس حول الطب النفسي والصحة النفسية؛ الحمد لله الآن أصبحت الأمور تتغير وأصبح الناس أكثر تفهماً للطب النفسي ورسالته، وأصبح الطب النفسي يقدم الكثير للناس، ونحن نرى أن الأمراض النفسية هي مثلها ومثل الأمراض الأخرى كالسكر والضغط وخلافه، علينا أن نسعى جميعاً لإزالة الوصمة الاجتماعية التي ربما تكون لا زالت عالقة لدى بعض الناس حول الطب النفسي.

وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً