الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

دوخة شديدة وفقد للتوازن مع القيء

السؤال

السلام عليكم.
لن أنسى أن الدكتور محمد عبد العليم كان سنداً لي وساعدني للتخلص من أسوأ مراحل حياتي، فجزاكم الله خير الجزاء.

من فترة طويلة جداً جداً (1967) ووالدي يعاني من حالة سيئة جداً، وطاف على كل الأطباء وكل التخصصات، وجرب أدوية هائلة في عددها وكميتها ولكن لم يشف، والتحسن يكون مؤقتاً وتعود الحالة كما كانت، أما الحالة فهي باختصار:

دوخة شديدة، فقد توازن لدرجة الوقوع أرضاً أو رمي كل ما باليد ككأس ماء مثلاً، استفراغ -قيء- تغير نفسي سيء مرافق لها أقرب إلى اليأس والعياذ بالله، هذه هي سمة الحالة الرئيسية، ولها أمور أخرى.

وزار أطباء من تخصصات عديدة، وتعالج على أساس أنها من الأذن الوسطى إلى الباطنية والقلب إلى الأعصاب إلى النفس وعدد كبير من الأطباء دون جدوى، بالأمس صارت له الحالة مثلاً.

وقد عمل تخطيط دماغ وتخطيط قلب وكانت سليمة! وهو لا يستطيع بتاتاً عمل رنين مغناطيسي ويخاف الجراحة أو حتى المستشفيات لدرجة كبيرة، المهم أنه تعب جداً وحياته في نكد وكرب وضيق من هذه الحالة، وشرب أدوية للتوازن وعند أحسن أطباء الأردن ودون جدوى!

ما أود استشارتكم به:
1- ما هي مسببات فقد التوازن غير الأذن والدماغ؟ أقصد هل هناك احتمال فات كل الأطباء وسبب له هذه الحالة كنقص عنصر ما أو فيتامين أو أي شيء على الرغم من أنه شرب وجرب كل شيء؟

2- هذه الحالة موجودة معه من عام 67 ومنذ لحظة عاد إلى بيته ووجد اليهود فيه! فهل هي السبب الرئيسي بأن شكلت صدمة عصبية تفقده التوازن بين فترة وأخرى؟ وإن كان نعم فما العلاج؟

3- عينه اليسرى فيها كسل من طفولته هل ممكن أن تسبب ذلك؟ وما الحل على الرغم من أن هناك أناساً بعين واحدة دون مشاكل؟!

4- يتذكر هو من طفولته أنه قد وقع على رأسه من سطح البيت والضربة كانت على رأسه، فهل أيضاً ممكن أن تسبب هذا؟ وهل تخطيط الدماغ لا يكشفها؟

5- هل السبب نفسي أم عضوي؟ أم خليط؟ أم ماذا؟

6- لماذا يستفرغ على الفور عند الحالة الحقيرة هذه؟

7- لماذا أحياناً يكون وكأنه كالشباب وحين نكون نعمل معاً في مزرعتنا نتعب أنا وكل إخواني، وهو يستمر بالعمل ويكون في غاية الشباب وقمة الحيوية، وأحياناً وفجأة في أيام أخرى لا يكون قادراً على حمل نفسه؟

8- هل ممكن أن يكون السبب نفسياً فقط؟ فلماذا يكون في قمة السعادة وتصيبه الحالة؟ وإذا كان السبب نفسياً، فما الحل والدواء؟

ملاحظة: يشرب المميع نصف حبة كل يوم من 8 سنوات تقريباً، ودواء الضغط يومياً نصف حبة من دواء اسمه كيرلون يومياً من نفس الفترة.

الغريب بالموضوع المفاجأة للحالة ووقتها غير المتوقع، وعلماً أن والدي عمره 63 سنة، وهو متعلم وحاصل على بكالوريوس من 40 عاماً.

تجنب يا طبيب الرنين المغناطيسي والجراحة والتنظير؛ لأنه غير مهيأ من كل النواحي معنوياً ومادياً، ونرجو منكم النصيحة والإرشادات، وهل الغذاء له دور مثلاً في التحسن أو السوء وأسماء أدوية مفيدة لحالته؟

وشكراً لكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ باسل حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:

جزاك الله خيراً على تقديرك للشبكة الإسلامية ولشخصي الضعيف، ونسأل الله تعالى الشفاء والعافية لوالدك، وكل عام وأنتم بخير.
تُعتبر الدوخة الشديدة وفقدان التوازن من العلل المزعجة والمخيفة في كثيرٍ من الأحيان، وكثيراً ما يستعصى تشخيصها حتى على أبرع الأطباء، ولكن هنالك احتمالات يضعها الطبيب من خلالها يمكن مساعدة المريض حتى وإن لم يتأكد السبب، والشيء المتعارف عليه هو أن للإنسان جهازاً للتوازن يُعرف باسم لابرنث، وهذا الجهاز يوجد ملاصقاً للأذن الداخلية، وهو يرتبط بالكثير من الموصلات العصبية، وأهم ارتباطاته أو توصيلاته هي مع المخيخ، وعليه بعض الأمراض التي تُصيب هذا الجهاز أو الأذن الوسطى أو الجهات والأقسام داخل المخ التي يرتبط بها جهاز التوازن إذا حدث لها أي نوعٍ من العلة سوف يؤدي ذلك إلى فقدان التوازن أو اضطرابه، كما أن ضيق شرايين المخ قد يؤدي إلى حالاتٍ مماثلة أو أي مرض يُصيب المخيخ والأجزاء المتصلة به قد يؤدي إلى ذلك، ولا شك أن جهاز اللابرنث أو جهاز التوازن يعتبر أمراً عجيباً؛ حيث أنه يميز الإنسان عن بقية الحيوانات وفيما يختص بالتوازن، ولذا يقف الإنسان على اثنتين، بينما تقف بقية الحيوانات الأخرى على أربع.

كل الإجراءات التي قام بها الأطباء من عمل تخطيط للدماغ وفحوصات للقلب هي فحوصات سليمة، وبقي عمل الرنين المغناطيسي، وهو في نظري أيضاً من الفحوصات الهامة، وكما ذكرت لم يستطع والدك القيام بإجراء هذا الفحص للأسباب التي ذكرتها.

هنالك أمرٌ هام جداً أود أن أضيفه، وهو أنه في كثيرٍ من حالات الدوخة الشديدة وفقدان التوازن يكون هنالك مرضاً عضوياً بسيطاً أصاب جهاز اللابرنث أو الأذن الداخلية أو المخيخ، ويكون ذلك على سبيل مثال ناتج لالتهابات فيروسية، هذا السبب العضوي البسيط ربما يستمر أو يتلاشى، ولكن يأتي بعد ذلك العامل النفسي، والذي بالتأكيد يؤدي إلى استمرار الدوخة وفقدان الاتزان.

أخي الكريم! أرى أننا قد أجبنا على السؤال الأول، ويمكن أن نضيف أنه لا توجد أسباب حقيقية غير أمراض الأذن والدماغ، وعليه لا أعتقد أن هنالك سبباً قد فات الأطباء.

كما ذكرت لك سابقاً أن التوترات العصبية ربما تضاف إلى سبب عضوي كان أو لا زال موجوداً.

لا أعتقد أن هنالك علاقة للكسل الذي أصاب عينه اليسرى وحالته الراهنة.

بالنسبة لإصابات الطفولة، ربما يكون لها بعض الأثر، ولكن هذا يمكن معرفته عن طريق تخطيط الدماغ لدرجةٍ ما، ولكن الفحص الأدق لا شك هو إجراء الصور المقطعية أو صور الرنين المغناطيسي.

بالنسبة للسؤال الخامس، كما ذكرت لا نستطيع أن نستبعد السبب العضوي البسيط، والذي أصبح أكثر تعقيداً نتيجةً لعوامل نفسية، مثل القلق والتوتر، خاصةً ما يعرف بالقلق التوقعي، أي أن الأمر ربما يكون خليطاً.

بالنسبة للاستفراغ، فهو مرتبط دائماً أو في كل الحالات بمثل هذه الحالة التي تصيب والدك؛ وذلك نسبةً لأن الجزء الذي يتحكم بالاستفراغ في المخ مرتبط جداً بجهاز التوازن لدى الإنسان.

أما بالنسبة لإجابة السؤال السابع، فحقيقةً الإنسان حين يعمل عملاً يحبه سوف يؤدي ذلك إلى زيادة تركيزه وانشراحه، ولذا لا ينتبه كثيراً لما يُعاني منه من أمراض وأعراض حتى ولو كانت عضوية.

أما بالنسبة للسؤال الثامن، فلا نستبعد كما ذكرت لك سابقاً أن العامل النفسي ربما يكون لعب دوراً في ذلك، وعلاجه في هذه الحالة هو عن طريق طمأنته وإشعاره بأن الأمر بسيط ولا يتطلب الانشغال أو التوتر.

بالنسبة لطريقة علاج الوالد:
أولاً: يُعالج الوالد في مثل هذه الحالة ببعض الأدوية المضادة للقلق، والتي يُعرف عنها أنها تُساعد في التحكم في التوازن، ومن هذه الأدوية العقار الذي يُعرف باسم دوجماتيل، وعليه أرجو أن يتناوله والدك بمعدل كبسولةٍ واحدة من فئة 50 مليجراماً صباحاً ومساء، وهذا الدواء بسيط وليس له أي آثار جانبية، وقطعاً إذا لم يفده فلن يضره أبداً، وأعتقد أنه بإذن الله سوف يفيده .

الأمر كذلك ربما يتطلب بعض الاستشارات الأخرى أو التحدث مع أطباء آخرين، ويُنصح في مثل هذه الحالة بتجربة أحد الأدوية المضادة للصرع، والتي تحسن المزاج في ذات الوقت، ومن أفضل هذه الأدوية العقار الذي يُعرف باسم تجرتول، والجرعة التي ننصح بها في مثل هذه الحالات هي 200 مليجرام صباحاً ومساء.

بالطبع ربما يأتي إلى الخاطر سؤال: هل يمكن أن نعطي أدوية الصرع إذا كان تخطيط المخ سليماً؟ والإجابة هي نعم؛ لأن تخطيط الدماغ في أحسن حالاته دقته لا تتعدى 60%، وأنا لا أقول مطلقاً أن الوالد يُعاني من مرض الصرع، ولكن هذه طريقة معروفة في الطب، وهي طريقة التشخيص عن طريق العلاج، فأرجو أن يتناول الوالد أيضاً التجرتول، وهو أيضاً دواء سليم، وليس به أي آثار جانبية، وكل ما هو مطلوب هو إجراء فحص للدم الأبيض كل ثلاثة إلى ستة أشهر.

أرجو محاولة هذه الأدوية، فعسى أن يجعل الله فيها خيراً كثيراً له.

كذلك أرجو طمأنة الوالد ومساندته وتحين الفرص التي يكون مرتاحاً فيها، كما أنه من المفترض أن لا نشعره مطلقاً بأنه يُعاني من أي نوعٍ من الإعاقة، أو أن دوره الاجتماعي والتربوي أو الأبوي قد تقلص؛ لأن الإنسان حين يشعر بقيمته وأنه مرغوبٌ فيه، وأنه لا زال يمكن أن يلعب دوراً حيوياً في مجتمعه وأسرته يمثل ذلك حافزاً طيباً له، ويقلل من أعراضه النفسية، وحتى من بعض الأعراض الجسدية.

وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً