الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

ما زلت مجروحة من رجل تركني نزولا عند رغبة أمه.

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

تقدم لي شخص، بعد التفكير وصلاة الاستخارة لمرات عديدة، قبلت التعرف عليه، وقبل أن أخبر والدي بشكل رسمي، عرفت أن أمه تريد تزويجه من فتاة أخرى، وترفض وجودي رغم أنها لا تعرفني، وبعد صراعات عدة مع والديه، ومع علمهما أنه يعرف فتاة اخرى، استمرت أمه على إرسال صور فتيات، لم يقبل بهذا، وكان يعلم أن لا يحق لها الاختيار، وخصوصا رفضها لي بدون سبب، فقط لأنه هو من اختارني، وبعد مدة تركني لأنه لم يستطع إقناع والديه.

هل هذه المرأة أذنبت بفعلها هذا؟ هل الله يعاقب الجبناء؟ علما أنني رفضته لمرات عدة، وقبلت به بعد إصرار طويل منه، وتفكير طويل مني، بعد استخارة ربي واستشارة أمي، فأنا لم أسمح لنفسي التعرف على أحد من قبل، لكنه كان جادًا وصادقًا، وكان يحترمني، أحسست بظلم وأنانية من طرف أمه، وجبن من طرفه، فهل أنا على حق؟ ومن ناحية أخرى، كنت واثقة جدًا من اختياري؛ لأنني أحسست أنه اختيار ربي لي، كانت خيبة أمل كبيرة، أين هو تأثير صلاة الاستخارة على صحة اختياري؟

مر على هذا الحدث ثمانية أشهر، وما زال جرحي ينزف، لم أعد أتجرأ أن أدعو ربي بشيء محدد، لا أمنيات ولا أمل.

أشكركم مسبقا على الإجابة، وأعتذر على الأخطاء اللغوية.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ نهيلة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك -ابنتنا الفاضلة- في الموقع، ونشكر لك الاهتمام والحرص على السؤال، ونسأل الله أن يوفقك، وأن يُصلح الأحوال، وأن يُقدّر لك الخير ثم يُرضيك به.

أرجو أن تكوني راضية ومطمئنة، والكرة لا تزال – كما يُقال – في ملعب الشاب، وإن يسَّر الله له وأقنع أهله وجاءك فبها ونعمت، وإلَّا فالرجال غيره كثير، وأنت لم تستفيدي من رجل لا يملك قراره، وليس من مصلحتك أن تدخلي إلى أسرة لا تقبل بك وبالطريقة المذكورة.

ولذلك أرجو أن تعلمي أن ما حدث قد يكون مؤلمًا، لكن الألم الأكبر والأخطر هو أن يدخل الإنسان في علاقة غير مأمونة العواقب، يدخل في علاقة الرجل فيها لا يستطيع أن يتخذ قرار، والأسرة التي تُريدين أن تدخلي إليها لتكوني جزءًا منها عندها هذا الرفض والإصرار.

وطبعًا هذا الرفض، يعني هم لا يعرفونك، وهذا يدل على أنهم يرفضون أي شخص يدخل دون أن يكون الاختيار لهم. وطبعًا هذا من الناحية الشرعية الاختيار حقٌ للشاب وللفتاة، ودور الأهل ما هو إلَّا دور إرشادي وتوجيهي.

أزعجني جدًّا أنك تتكلمين أن الاستخارة لا فائدة منها، وأنك أوقفت الأمل وأنك أوقفت الدعاء: هذا الكلام أرجو أن تستغفري الله منه، ولا تسيري في هذا الاتجاه، واعلمي أن الله تبارك وتعالى يُقدّر لنا الخير، وأن ما يُقدّره الله للإنسان خيرٌ ممَّا يختاره الإنسان لنفسه، وأن لكل أجلٍ كتاب. قال عمر بن عبد العزيز: (كنا نرى سعادتنا في مواطن الأقدار)، وقال عمر رضي الله عنه: (لو كُشف حجاب الغيب ما تمنَّى الإنسان إلَّا ما حصل له)، لأن الذي حجبه الله والذي منعه الله هو الذي فيه الشر الكثير، وما قدّره الله تبارك وتعالى هو الخير للإنسان.

وبالتالي ندعوك إلى الاستمرار في الدعاء، وشغل النفس بالطاعة، والنظر للحياة بأملٍ جديد وبثقةٍ في ربِّنا المجيد سبحانه وتعالى.

وليس من الصواب أن يقول الإنسان: (أين هي تأثير صلاة الاستخارة)، ومَن الذي قال صلاة الاستخارة تعني أن الزواج سيتم، وأن لا تكون هناك عقبات، وكذا؟ الاستخارة هي طلب الدلالة إلى الخير ممَّن بيده الخير، والخير أحيانًا يصل إليه الإنسان بسهولة، وأحيانًا يصل للخير بصعوبة، لكنّه بالاستخارة أدَّى ما عليه، ورفع الأمر إلى الله، ورضي بما يُقدِّره الله.

ولاحظي في دعاء الاستخارة (واقدر لي الخير حيث كان ثم رضّني به)، (واصرف عني الشر ... ثم رضّني به)، فاجعلي همّك أن تكوني راضية بما يُقدّره الله تبارك وتعالى، لأن الرضا بقضاء الله وقدره هو باب السعادة الأكبر.

نسأل الله أن يُقدر لك الخير ثم يُرضيك به، وأن يلهمك السداد والرشاد، وأن يُعينك على طاعته والرضا بما يُقدّره.

أستغفر الله، وأشكر لك هذا التواصل.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً