الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حالتي النفسية تدهورت بعد توهم المرض، أفيدوني ماذا أفعل؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أنا شاب في السادسة والعشرين من عمري، منذ حوالي ستة أشهر أصبحت أحس بعدم الاتزان في جسمي مصحوبًا باهتزاز أحس به بشكل كبير عند الجلوس على كرسي من ناحية الظهر، وفي الرأس، وبعض الأحيان ارتعاش في اليدين، ورفرفة في العين، وأحيانًا رفرفة في العروق وراء الأذن، وأيضا ترنح في المشي كأنني أفقد السيطرة في الحصول على التوازن أثناء المشي.

ويأتيني تارة ألم في القدمين والساقين مما يصعب علي التحكم في الوقوف بشكل جيد، وظهرت لدي أيضًا في وجهي بالقرب من الأنف والوجنتين احمرار شخصته طبيبة الأمراض الجلدية على أنها إكزيما، لكنها تزول وتعود من جديد، زرت العديد من الأطباء من بينهم طبيب الأنف والأذن والحنجرة، عمل لي غسيل للأذن، وقام ببعض الحركات لتحديد التوازن، وأعطاني بعض الأدوية، ولكن بدون نتيجة.

عملت تحاليل للدم، ومخزون الحديد، والفيتامين (د)، و-الحمد لله- النتيجة سليمة، على أين هذه الأعراض كلها لم تكن في طيلة حياتي فقد ظهرت كما قلت سابقًا، حوالي منذ ستة أشهر مما أثر على نفسيتي بشكل كبير، حيث أصبحت أبحث عن هذه الأعراض ومسبباتها، فأنا أمارس الرياضة فلا أشعر بأي تحسن فأتوقف عن ممارستها، أصبحت أهاب الذهاب إلى الأماكن البعيدة خشية أن يقع لي أمر ما، وكذلك أثر المرض على مردوديتي في العمل وكأني أصبحت عاجزًا بدون طموح رغم أني ما زلت في ريعان شبابي، كأن الحياة توقفت بالنسبة لي، -الحمد لله- أنا مواظب على صلاتي، وعلى الأذكار في الصباح والمساء.

وشكرا لكم، وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ راشد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أرحب بك في استشارات إسلام ويب، وأنا تدارستُ رسالتك بكل دقة، وأقول لك أن الأعراض التي تعاني منها هي أعراض ناتجة من القلق النفسي ولا شك في ذلك، ولذا نسمّيها بالأعراض النفسوجسدية، كثيرًا ما يتحوّل التوتر النفسي الداخلي إلى انقباضات عضلية في أجزاء مختلفة من الجسم، وتجعل الإنسان سريع التأثُّر، ويبدأ يتصور أنه مريض بمرض مُعيَّن، وتتضخم هذه الأفكار لدى الإنسان، ويبدأ في التنقُّل من طبيبٍ إلى آخر.

هذه الحالات – يا أخي – كثيرة جدًّا، وهي ليست توهُّمًا مرضيًّا أبدًا، هي كلها على مستوى العقل الباطني، القلق يكون مُقنَّعًا وداخليًّا، ولم يُعبَّرْ عنه، وتكاثف وتكاثر، وتحوّل إلى هذه الأعراض الجسدية.

كما أننا – أخي – أصبحنا نعيش في وقت فيه الكثير من الأمراض، وموت الفجاءة، وهذا سبَّب حقيقة نوعًا من القلق النفسي عند الناس.

أنا أؤكد لك أنه وبفضلٍ من الله تعالى أعراضك هذه أعراض نفسية بسيطة، وهي ليست مرضًا نفسيًّا، إنما هي ظاهرة نفسية.

أولاً: أنا أريدك أن تستمر على ممارسة الرياضة، الرياضة مهمّة جدًّا، وحتى إن لم تحسّ بتحسُّن فيجب أن تُواصلها مرة أخرى، لأن الرياضة تؤدي إلى ترميم كامل في خلايا الجسد وفي المُوصِّلات العصبية الدماغية، وفائدتها مشهودة يا أخي، لكن الرياضة لها أثر تجمُّعي وليس أثرًا وقتيًّا، بمعنى أن الإنسان إذا استمر فيها لوقت طويل وكان منتظمًا فيها فإن شاء الله تعالى سوف يجني فائدتها ويجد أثرها في حياته وصحته الجسدية والنفسية.

أريدك – يا أخي – أيضًا أن تعيش حياة صحيّة، وأوَّلُ بوادر الحياة الصحية هو أن يتجنب الإنسان السهر، حيث إن النوم الليلي المبكّر يفيد كثيرًا في تصحيح المسارات النفسية وترميم الخلايا الجسدية والخلايا الدماغية، وقطعًا مَن ينام مبكِّرًا يستيقظ مبكِّرًا، ويصلي الفجر وهو في قمّة النشاط ونفس طيبة، ومن ثمَّ يبدأ الإنسان يومه، ويكون مستقبلاً ليومه بصورة ممتازة جدًّا.

وحتى يمكنك أن تمارس شيئًا من الرياضة في الصباح، بعد قراءة أذكار الصباح ووردك القرآني، يمكن أن تستغرق ربع ساعة إلى نصف ساعة في ممارسة أي نوع من الرياضة – مشي، جري، تمارين إحمائية – هذا كلُّه يفيدك كثيرًا.

والأمر الآخر هو: يجب أن تتجنب النوم النهاري، لأنه ليس صحيًّا. أريدك أيضًا أن تُطبّق ما نسميه بالتمارين الاسترخائية (تمارين قبض العضلات وشدِّها ثم استرخائها، وكذلك تمارين التنفُّس المتدرِّجة)، هذه ذات فائدة عظيمة يا أخي. إسلام ويب لديها استشارة رقمها (2136015)، أرجو أن تطلع عليها وتُطبِّق الإرشادات التي ذكرناها في هذه الاستشارة، كما أنه توجد برامج كثيرة جدًّا على اليوتيوب توضح كيفية ممارسة تمارين الاسترخاء، أرجو أن تمارسها بجدِّية صباحًا ومساءً، وسوف تجد فيها فائدة كبيرة وكثيرة جدًّا.

أخي: التواصل الاجتماعي والقيام بالواجبات الاجتماعية مهمّ جدًّا، وهو يطور من الصحة النفسية، أن تذهب إلى الأفراح، أن تُقدِّم واجبات العزاء، أن تزور المرضى، أن تصل رحمك، أن تخرج مع أصدقائك، هذه فيها خير كثير.

القراءة والاطلاع واكتساب المعارف، ومصاحبة الصالحين من الناس، الاستجابات الإيجابية داخل الأسرة، وأن تكون شخصًا فعَّالاً في أسرتك، وغير مهمَّشًا، وأن تفيد نفسك وتفيد غيرك ... هذه كلها علاجات مهمَّة أرجو أن تأخذ بها.

وأيضًا سوف أصف لك أدوية – إن شاء الله – مفيدة جدًّا لحالتك، الدواء الأول يُسمَّى (دوجماتيل) واسمه العلمي (سولبرايد)، تناوله بجرعة خمسين مليجرامًا صباحًا ومساءً لمدة شهرين، ثم خمسين مليجرامًا صباحًا لمدة شهرٍ، ثم توقف عن تناوله.

والدواء الآخر يُسمَّى علميًا (سيرترالين) واسمه التجاري (زولفت) أو (لوسترال)، ابدأ في تناوله بجرعة خمسة وعشرين مليجرامًا – أي نصف حبة – يوميًا لمدة عشرة أيام، ثم اجعل الجرعة خمسين مليجرامًا يوميًا لمدة شهرٍ، ثم اجعلها مائة مليجرام يوميًا لمدة ثلاثة أشهر، ثم خمسين مليجرامًا يوميًا لمدة ثلاثة أشهر، ثم خمسة وعشرين مليجرامًا يوميًا لمدة شهرٍ، ثم خمسة وعشرين مليجرامًا يومًا بعد يومٍ لمدة شهرٍ، ثم توقف عن تناول السيرترالين.

كلا الدوائين - السولبرايد والسيرترالين - من الأدوية الجيدة والمفيدة جدًّا، والسليمة جدًّا، وغير إدمانية وغير تعودية. أسأل الله تعالى أن ينفعك بها وبكل ما ذكرنا.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً