الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أعيش في عذاب، فأنا أكره والدي وأدعو عليه بالموت.

السؤال

السلام عليكم.

أنا أكره والدي، والدي لم ولا يساعدني أبدا على حبه، ودائماً ما أسبه وأدعو عليه بالموت بيني وبين نفسي، هذا الشيء يضرني بشكل كبير، لا أدري لماذا كلما يؤذيني والدي نفسياً وأشعر بأني أكرهه أضعف نفسياً وأتجه نحو فعل المعاصي والسيئات والرجوع إلى إدمان أشياء كنت قد امتنعت عليها، أحتاج المساعدة كثيراً، فأنا فعلاً في عذاب، أحتاج الحل بأسرع وقت.

وجزاكم الله خيراً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ لا يهم حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك -ابننا الكريم- في الموقع، ونشكر لك الاهتمام والحرص على السؤال، ونسأل الله أن يرزقك بر الوالد، وأن يُعينك على طاعته وفعل كل ما يأمرك به طالما كان في طاعة الله تبارك وتعالى، ونسأل الله أن يُصلح الأحوال، وأن يهدي الوالد، وأن يهدينا جميعًا لما يُحبّه ويرضاه.

أرجو أن تتعوّذ بالله من شيطانٍ لا يريد لك الخير، فالإنسان لا يملك أن يكره والده، ومهما قصَّر الوالد فإنه يظلُّ والدًا، حتى لو أمر الإنسان بمعصية فإنَّا لا نُطيعه في المعصية، قال تعالى: {وإن جاهداك على أن تُشرك بي ما ليس لك به علمٌ فلا تُطعهما}، لم يقل بعدها (خاصمهم) أو (اكرههم)، حتى وهم يأمروه بأعظم جريمة، ولكن قال بعدها: {وصاحبهما في الدنيا معروفًا}.

فالوالد مهما كان له حق الصحبة بالمعروف، والطاعة في كل ما يأمر به طالما كان طاعةً لله تبارك وتعالى.

وتعوّذ بالله تبارك وتعالى من شيطانٍ لا يريد لك الخير، لأن برَّ الوالدين من العبادات العظيمة، بل هي عبادة ربطها العظيمُ بطاعته وعبادته، فلا تكاد تجد في القرآن بأمرٌ بعبادة الله إلَّا ومعها بِرّ الوالدين، {واعبدوا الله ولا تُشركوا به شيئًا وبالوالدين إحسانًا}، {وقضى ربك ألَّا تعبدوا إلَّا إياه وبالوالدين إحسانًا}، وأمر بالإحسان للوالدين فقال: {ووصينا الإنسان بوالديه إحسانًا}، حتى قال ابن عباس: (لا يقبل الله عبادة مَن لا يُطيع والديه) نظرًا لهذا التلازم بين عبادة الله وتوحيده وبين بِرِّ الوالدين.

ومن الطبيعي أيضًا أنك عندما تقع في هذه المخالفة وتكره والدك أنك تضعف نفسيًّا، لأن هذه معصية، والمعاصي آخذةٌ برقاب بعضها، فبالتالي تتحوّل إلى معاصي وسيئات، وطبعًا هذا ليس عُذرًا، ولكن ممَّا يُعين الإنسان على الطاعة بِرّ الوالدين، بر الوالدين وصلة الرحم ممَّا يجلب للإنسان التوفيق، ويجلب للإنسان زيادة الرزق، ويجلب الإنسان رضوان الله تبارك وتعالى.

فتعوّذ بالله من الشر، واترك المعاصي، واعلم أن هذا ليس عُذرًا للوقوع في المزيد من المعاصي والمخالفات، وتعوذ بالله من إدمان أشياء لا تُرضي الله تبارك وتعالى.

مساعدتنا لك تكون بـ:
أولاً: الدعاء لنفسك ولوالديك.
ثانيًا: الحرص على برّ الوالدة والإحسان إليه.
ثالثًا: النظر إلى نيته وليس إلى أعماله، فالوالد قد يقسو على الولد لكن نيّته الإصلاح، هو يقول (أنا أريد أن أصلحه)، ونحن قطعًا لا نوافق على القسوة والأشياء الخطأ، لكن أيضًا نُذكّرُ الولد بضرورة أن يصطحب النيّة الصالحة، ونحن نتكلّم بمشاعر آباء، لا يمكن للوالد إلَّا أن يحبَّ ولده، ولذلك الشريعة أوصت الأبناء بالآباء، لكن بالنسبة للآباء هذا أمرٌ فطريّ.

فتعوّذ بالله من شيطانٍ لا يريد لك السير في الطريق الذي يُرضي الله تبارك وتعالى.

كذلك أيضًا أرجو أن تقرأ النصوص المتكلمة عن بِرِّ الوالدين، وأرجو كذلك أن تتواصل مع الموقع وتُبيِّنُ الأمور التي تكرهها في الوالد، مع ضرورة أن تكتم كل هذا الذي عندك، ولا تُظهره للوالد مهما كان ومهما حصل، لأن ذلك ممَّا يجلب عنده مزيد من الحزن، فيُوقعك في مزيد من العقوق.

نسأل الله لنا ولك التوفيق، وأرجو أن تجتهد في تحسين هذه الصورة، وتذكّر فضل الوالد عليك وعلى إخوانك وعلى الأسرة، وادع الله تبارك وتعالى له حتى يترك الأشياء التي يُقصّر فيها، وتواصل مع الموقع، وحبَّذا لو بمزيد من التفاصيل؛ حتى نستطيع أن نعاونك، ونسأل الله لنا ولك التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً