الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كرهت الحياة بسبب النقط السوداء، ساعدوني فقد أصبت بعقدة نفسية.

السؤال

السلام عليكم.

أنا شاب، عمري 23 سنة، أعمل في محل إعلامي وهو مشروعي الخاص، أنا شاب سليم، كانت لدي الثقة في نفسي، ولكن في يوم ما ذهبت لكي ألعب الكرة مع الأصحاب، فأصبت في عيني اليسرى، وأصبحت أرى نقطا سوداء، ذهبت إلى الطبيب، فقال لي: نزيف في العين وسيختفي مع الوقت، بالفعل تحسن مع الوقت، ولكنه لم يزل.

أصبحت لا أحتمل وجودها، فأنا أخاف منها، فقد أصبحت رهابا يلازمني، أراها في النهار عندما أستيقظ من النوم، وأذهب إلى العمل فينفتح صدري وأشعر بضغط غير محتمل، أخاف من الخروج وألعن الشيطان، ولكني دائما أركز على تلك النقاط.

لازمتني عدة أعراض، آلام في الصدر، وفي المعدة وأصبحت عقدة بالنسبة لي، أصبحت أخاف من الأمراض، وأخاف من الموت، وأجريت العديد من التحاليل، لا يوجد شيء، أتشجع لأذهب إلى العمل، ولكني أحس أنني أتعذب؛ لأنها موجودة وتلازمني في عيني وفي نظري، أخاف منها، وأحاول أن أتجاهلها ولكنني لا أستطيع.

مر عام ولكني لم أتعود على وجودها، فذهبت إلى طبيب نفسي، فأعطاني أدوية مضادة للاكتئاب، أريد حلا لأنني أخاف أن تتحول تلك الأعراض إلى أمراض عضوية خطيرة وأنا ما زلت صغيرا، أريد أن أحقق الكثير، كرهت حياتي، وأصبحت أرى أنني ميت، وكأني أعرف أجلي، لا يمكنني أن أخرج على راحتي إلى الشارع؛ لأنني أراها في الأماكن المفتوحة، وخاصة في النهار، أما في الليل فلا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ حسام حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أرحب بك في الشبكة الإسلامية، ونقول لك: الحمد لله على سلامتك، والحمد لله أن الإصابة في العين اليُسرى كانت بحمد الله خفيفة، وبسيطة، ولم تؤدّ إلى ما لا يُحمد عقباه.

أنا أعتقد أنك أنت في الأصل لديك قابلية للقلق وللتوتر وللمخاوف وعدم القدرة على التكيُّف بسرعة، ولذا تحس الآن بهذه الأعراض النفسوجسدية، (أعراض الألم في الصدر وفي المعدة، وعدم الارتياح النفسي، المخاوف، موضوع العين لا زال يُلازمك)، فهذه كلها تنشأ من قلق المخاوف.

فأنت يجب أن تشتغل على نفسك فكريًّا ومعرفيًّا، تستبدل الفكر السلبي بفكر إيجابي أكثر إفادة، الحمد لله أنت صغير في السنّ، الله تعالى أنعم عليك بأن إصابة العين هذه لم تؤدي مثلاً إلى فقدان البصر أو شيء من هذا القبيل، لديك طموحات، لديك مقدرات، وكما أشاهد فإن الدافعية لديك جيدة جدًّا، وأقصد بالدافعية هي الطاقات النفسية الوجدانية الإيجابية التي تجعلك تنتج وتصل إن شاء الله تعالى إلى غايات طيبة وجميلة في الحياة.

إذًا مبدأ التفاؤل وتغيير الفكر من فكر سلبي إلى فكر إيجابي، وأن تسعى دائمًا لحسن إدارة الوقت، وللتواصل الاجتماعي الصحيح، وأن تكون لديك علاقات طيبة، وأن تهتمَّ بغذائك، وأن تهتمَّ بالصلاة في وقتها، وتهتمَّ بسائر العبادات، وأن تكون بارًّا بوالديك، أن تتجنب السهر، هذه كلها تضعك في الإطار الحياتي الصحيح، وسوف تنعم إن شاء الله تعالى بصحة نفسية وجسدية عالية.

ليس هنالك ما يمنع أن تقابل طبيب العيون مرة أخرى لتطمئن أكثر، أنا متأكد أن مجرد الفحص وما سوف يقوله لك طبيب العيون من أخبار طيبة وإيجابية في حد ذاته سوف يدعم صحتك النفسية، والفحص بالنسبة للعين قم به مرة واحدة أكثر من ذلك.

بالنسبة للعلاجات الدوائية: أنت لا تحتاج لأدوية كثيرة، علاجك في أساسه يعتمد على النمط السلوكي الذي ذكرته لك: الفكر الإيجابي، المشاعر الإيجابية والفعل الإيجابي، هذه هي المتطلبات الضرورية، و تجاهل كل ما هو سلبي، وإلزام النفس بالانضباط، وحسن إدارة الوقت والإنجازات، الأمر ليس أكثر من ذلك أبدًا.

وبالنسبة للدواء: هنالك دواء بسيط جدًّا يُعرف باسم (سيبرالكس) واسمه العلمي (اسيتالوبرام) مضاد جيد للمخاوف وللقلق وللتوترات ومحسِّنٌ للمزاج، وبالمناسبة أنا لا أراك مكتئبًا، لكن هذا الدواء – أي السيبرالكس – هو بالفعل مضاد للاكتئاب، لكنّه بهذه الجرعة الصغيرة التي سأصفها لك يفيد في جميع الأعراض التي تعاني منها، حتى وإن لم تكن مكتئبًا.

السيبرالكس جرعته: تبدأ بنصف حبة – أي خمسة مليجرام – تتناولها يوميًا لمدة عشرة أيام، بعد ذلك اجعلها حبة واحدة يوميًا – أي عشرة مليجرام – لمدة ثلاثة أشهر، ثم اجعلها نصف حبة يوميًا لمدة شهرٍ، ثم نصف حبة يومًا بعد يومٍ لمدة أسبوعين، ثم توقف عن تناوله. لا شك أنه دواء سليم وفاعل، أسأل الله تعالى أن ينفعك به.

وكل عامٍ وأنتم بخير، وأسأل الله تعالى أن يبلغنا رمضان، وأن نكون من أهل باب الريان الذي هو بابٌ خاصٌّ بالصائمين، وأن يجعلنا من القانتين القائمين المقبولين عند الله تعالى.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأكثر مشاهدة

الأعلى تقيماً