الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

عائلتي تريد تزويجي من ابنة عمي وأنا أحب زميلتي، فما الحل؟

السؤال

السلام عليكم.

ممكن تجيبوني على سؤالي:
أنا شاب جامعي، والولد الوحيد لعائلتي، أحببت بنتا من الجامعة؛ لأني وجدت فيها الأخلاق قبل كل شيء، وهادئة جداً ومتفهمة، ولم أخبرها بحبي لها حتى الآن، وهي تعرف أن عائلتي تريد ابنة عمي وأنا أحب أخرى، ولم أخبرها أنها البنت التي أحبها، سألتني هل البنت التي أحبها تعلم بذلك، قلت لها: لا لن أخبرها حتى الوقت المناسب وأتقدم لها من الباب؛ لأني بصراحة ما أريد إلا أن أتقدم لها من الباب؛ لأن عندي ثقة بالله أنه سيجمعني بمن أحب لأني أدعوه دائماً، ولأنه قادر على حل مشكلتي.

قلت آخذ بالأسباب، وكلمت أمي وأبي أني لا أريد ابنة عمي، وغالبية الوقت أشعر بحزن شديد كل ما أذكر أن عائلتي تريد ابنة عمي، أنا محتار هل أتبع عائلتي، أو قلبي؟ فكل يوم أدعو الله أن يفرج عسري، وقرأت ونذرت لله باثنين مصاحف حتى الآن، وأحياناً أصلي لله ركعتين بعد منتصف الليل، وأحياناً بالثلث الأخير من الليل؛ لأني أحياناً أصحو من النوم بمنتصف الليل، أو بالثلث الأخير من الليل، وعائلتي عندها أشياء تمنعها عن إلغاء الزواج من ابنة عمي، وأنا لم أقبل بخطبتي لها حتى الآن، وعائلتي تقول لي: بعد إكمال الجامعة سنخطبها، وبيت عمي معهم مبلغ من المال دفعه أبي لعمي لأسباب خاصة، وقال أبي لعمي أن المبلغ جزء من شرط ابنته، وأموالنا بالريف مع بيت عمي وأمي وأبي يريدون رد الجميل لهم، وأنا لا أستطيع أن أخبر ابن عمي أني لا أريد أخته لأنه شخص عزيز على قلبي وأحترمه، أرجو منكم الرد.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ هاني حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك -ابننا الفاضل- في الموقع، ونشكر لك الاهتمام والحرص على السؤال قبل اتخاذ القرار، ونسأل الله أن يكتب لك السعادة والخير والاستقرار.

لا شك أن الشاب هو صاحب القرار، ودور الأسر دور إرشادي توجيهي، واعلم أن بنت العم أيضًا بالمنزلة الرفيعة، ولذلك أرجو أن تفكّر في الأمر مرارًا، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يُقدّر لك الخير ثم يُرضيك به.

ونحب أن نعرف أسباب رفضك لبنت العمِّ، إن كانت هناك أسبابا فعلية أم فقط لأنك ارتبطت هذا الارتباط الخفي بتلك الزميلة، وهو الذي يمنعك ويحول دون النظر إلى بنت العمِّ؟!

وكون هذه الأخت التي ارتبطت – أو الزميلة في الجامعة – لا تعرف، هذا ممَّا ييسِّر عليك المهمّة.

كذلك أيضًا أرجو أن تتواصل مع الأسرة وتشرح لهم الذي يحدث عندك، وتشرح لهم ما في نفسك، واستعن بالعقلاء والفضلاء من الأخوال والأعمام حتى يُساعدوك في إقناع الأسرة، ولا مانع أيضًا من التواصل من الدعاة والعلماء الذين يمكن أن يُؤثِّروا في مثل هذه المسائل.

ولكن من المهم قبل ذلك أيضًا أن تعرف أن الفتاة المذكورة ليس عندها ارتباط، وأن أسرتها لا تُمانع، وأن أسرتك أيضًا لا تُمانع من الارتباط بها، ويُفيد الإنسان في مثل هذه الأحوال أن يكون في أسرته مَن تزوّجوا من خارج الأسرة.

على كل حال أنت طبعًا صاحب القرار، ولكن نحن لا نريد القرار يكون دون إرضاء الوالدين، أو السعي في إرضائهم، فعليك أن تبذل المجهود الكامل في إرضائهم وفي توضيح الصورة، ولستَ مطالبًا بأن تُحرج بنت العمِّ أو أبناء العمومة، لأن صلة الرحم أيضًا المحافظة عليها من المطالب الشرعية، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يُقدِّرْ لك الخير ثم يُرضيك به.

ومن المهم أيضًا إذا كان هناك مجال لوالدتك أن تتعرف على الفتاة المذكورة أو على أهلها، لأن الناس دائمًا أعداء مَن يجهلون، فإذا كانوا لا يعرفوا الفتاة فكيف سيقبلون بها، وإذا كانوا لا يعرفوا أسرتها فكيف سيقبلون بها؟! هل هذا ممكن أن يتعرفوا على أسرتها وأن يكون هناك نوع من التواصل؟ إذا رفضت الوالدة فلا مانع من أن تكون الخالة أو العمّة هي مَن تتواصل مع الفتاة وأسرتها. المهم مَن تستطيع أن تتفهم هذا الأمر من أسرتك سيكون لها دورًا كبيرًا إذا تعرَّفت على الفتاة المذكورة ووجدتْ خيرًا وارتاحتْ إليهم، فإنها ستكونُ من الذين سيساعدونك على إقناع أهلك.

على كل حال: أيضًا استمر في الدعاء واللجوء إلى الله تبارك وتعالى، ونسأل الله أن يُقدّر لك الخير ثم يُرضيك به، ونؤكد أن من سعادة الإنسان أن يتزوج زوجة ترضاها الوالدة ويرضاها الوالد، لأن هذا يُعينه على أداء الحقوق تجاه والديه وتجاه الزوجة، فالشريعة التي تأمرُك ببرِّ الوالدين هي الشرعية التي تأمرُك بالإحسان إلى الزوجة وعدم ظُلْمها أو انتقاصها أو التقصير في حقها.

وعلى كل حال: لكون بنت العمِّ من الأرحام أرجو أن تُدير الموضوع في منتهى الحكمة وفي منتهى الهدوء، كما أرجو أيضًا أن تنظر إلى بنت العمِّ نظرة شاملة، ضع إيجابياتها وإيجابيات الارتباط بها أمام ناظريك، لأن القرار الصحيح دائمًا يحتاج إلى دراسة عميقة، ونظر في العواقب ومآلات الأمور، ونسأل الله لنا ولك التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً