الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أعاني من نوبات الهلع والوسواس

السؤال

السلام عليكم

أنا بعمر ١٨ سنة، وفي ثانوية عامة، بدأت السنة معي بظروف ابتلاءات كثيرة، منها وفاة ٤ من أقاربي المقربين، تغمدهم الله برحمته.

المشكلة في شهر فبراير في مرة كنت نائمة وفجأة استيقظت على دقات قلبي سريعة جداً، وأشعر بأن شيئاً يسري في جسدي، فاعتقدت أني أموت، وهذه روحي تخرج مني، ومن يومها لا أنام، وأصبح الموضوع يتكرر معي عدة أيام، حتى أصبح معي يومياً.

أشعر أن روحي تخرج مني، أو كأني غير قادرة أن أقف، وضربات قلبي تزداد، وأعتقد أني أموت.

قرأت وعرفت أنها تسمى بنوبات هلع، فكيف أستطيع التغلب عليها؟ والله منذ جاءتني وأنا في عذاب من الخوف والقلق، وكل شيء حولي أترجمه أني أموت، حتى إني أخاف من صوت الكلاب اعتقاداً مني أنها ترى ملك الموت قادماً إلي.

إذا شعرت بنغزات في قلبي أقول إني سأموت، حتى والدتي حينما تتعب تعباً يسيراً أخاف وأشعر بالذعر.

أصبحت سلبية لا أذاكر جيداً، وأخاف من التخطيط لأي شيء، لأني أرى أني سأموت ولن أفعله، فكيف أتغلب على هذه الوساوس والنوبات؟

ساعدوني أرجوكم.
جزاكم الله خيرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ مريم حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أرحب بك في الشبكة الإسلامية.

حالتك حقيقة هي نوع ممَّا نسمّيه بعدم القدرة على التكيُّف، وهي حالة نفسية تعقب بعض الأحداث الحياتية الهامَّة، فبعد حدوث هذه الوفيات للأقارب – نسأل الله لهم الرحمة – بدأ يسري لديك الخوف وكذلك الوسوسة مصحوبة ببعض الأعراض الجسدية مثل تسارع ضربات القلب، وكثيرًا ما تبدأ النوبات هذه في نهايات النوم – كما تفضلتِ – وهذه الحالات شائعة وكثيرة جدًّا، وفي معظمها تنتهي تلقائيًا، بمعنى أنها عابرة.

هناك بعض الناس لديهم استعداد أكثر من غيرهم لنوبات القلق والخوف والوساوس.

طبعًا قناعاتك بالموت يجب أن تكون قناعاتٍ إيمانية مطلقة، أن الموت أمره محسوم، أن لا أحد يعرف أجله، وفي ذات الوقت يجب أن تكون هناك قناعة مطلقة {إن أجل الله إذا جاء لا يُؤخَّر}، {إنك ميِّتٌ وإنهم ميِّتون}. فإذًا الموت هو الوعد الحق، والإنسان إذا خاف منه من هذه الناحية هذا نعتبره أمرًا إيجابيًّا، أن تخاف من الموت خوفًا شرعيًّا، حتى يعمل الإنسان لآخرته، وفي ذات الوقت يعيش الحياة بقوَّة وبفرحة وبإيجابية.

أمَّا مجرد الحديث عن الموت والخوف من الموت، هذا خوف مرضي، وهذا يجب أن يُحقّر، ويجب أن يُرفض تمامًا. وهنالك آليات تُساعد الإنسان للتخلص من قلق المخاوف الوسواسي، بأن يُحقّر الفكر الوسواسي – كما ذكرنا – حتى فكرة الخوف من الموت ما دامت هي مرضية الإنسان يُحقّرها ويلجأ للخوف الشرعي كبديل إيجابي، وفي ذات الوقت تحسني إدارة وقتك، تجتهدي في دراستك، تمارسي أي رياضة تناسب الفتاة المسلمة، تُطبقي تمارين استرخاء، خاصة تمارين التنفس التدرُّجي، علمًا بأن إسلام ويب لديها استشارة رقمها (2136015) يمكنك الاطلاع عليها والاستفادة منها من خلال تطبيق التمارين الواردة بها، وتُوجد أيضًا برامج كثيرة جدًّا على الإنترنت توضح كيفية تطبيق تمارين الاسترخاء.

احرصي على صلاتك في وقتها، والدعاء والذكر وتلاوة القرآن، تبعث طمأنينة كبيرة جدًّا في نفوس الناس، ويجب أن تكون لك تطلُّعات أكاديمية إيجابية، تسعي لأن تكوني من المتميزين، اسعي دائمًا في بِرِّ والديك؛ فهذا سوف يُمثِّلُ دعمًا نفسيًّا إيجابيًّا بالنسبة لك.

أعتقد أن هذه هي النصائح التي أنصح بها، ولا أراك في حاجة لعلاج دوائي في هذه المرحلة، بالرغم من أن الأدوية تُساعد وبسرعة شديدة، دواء مثل الـ (زولفت) أو الـ (سيبرالكس) سوف يكون أيضًا مفيدًا، لكن أنا أريدك أن تعتمدي فقط على هذه التطبيقات السلوكية، وإن لم تتحسَّن الحالة يمكن أن تذهبي وتقابلي طبيبًا نفسيًّا، أو طبيب الأسرة، ليصف لك أحد الأدوية التي ذكرناها.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً