الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الإحباط والوساوس ثبطوا عزيمتي عن الدعاء والعبادة

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أولاً أود أن شكركم على جهودكم على تقديم الاستشارات والفتاوي على هذا الموقع، سائلاً الله العظيم أن يبارك فيكم ويجزيكم خيراً.

بالنسبة لي، فأنا شاب أعمل في الغربة، ولله الحمد، فإني مداوم على قراءة القرآن يومياً باستمرار كوني حافظاً للقرآن، ولله الحمد.

في شهر رمضان بتوفيق من الله ختمت القرآن أكثر من 8 مرات، وختمته مرة في صلاة التراويح كوني صليت وحدي.

بالمدة الماضية تقدمت لفتاة أحسبها ذات دين وحياء، وهي فتاة كنت أتمناها وأدعو الله أن يوفقني للزواج بها، منذ أكثر من 4 سنوات، وخاصة في رمضان الماضي اجتهدت كثيراً في الدعاء ليوفقني الله على إتمام الزواج منها، ولكني تفاجأت بأنه حدث عكس ذلك تماماً، ورفضت الفتاة الزواج بعد شهر من تقدمي لها، كان ذلك بسبب خلاف يسير في أمور الدين، حيث طلبت مني رأيي في بعض الأمور منها حد الزنى، وقد قمت بإيضاح حد الزاني الأعزب والزاني المحصن وفقاً لكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، ولكنها لم تقبل بحد الرجم كونه غير موجود في القرآن، وأنا لم أكذب على الله ورسوله، وأقول لها إن حد الرجم غير صحيح، ولا موجود في الإسلام، خوفاً من إثم كبير قد يلحق بي.

بسبب هذه الحادثة أصابني إحباط كبير جداً، كوني لطالما تمنيت الزواج بهذه الفتاة ودعوت الله كثيراً، ولكن عزيمتي تثبطت كثيراً، وصرت أحس بأن الله لا يجيب دعائي، كون هذه المرة ليست المرة الأولى التي يحدث لي أمر مماثل، حيث أدعو بشيء ويحدث عكسه تماماً.

أريد نصيحة من فضلكم عما يجب فعله، وكيف أتخلص من الوساوس؟ وهل علي إثم أم لا؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك -ابننا الفاضل- في الموقع، ونشكر لك الاهتمام، وقد أسعدنا حفظك للقرآن وكثرة السجود للواحد المنان، ونسأل الله أن يُقدّر لك الخير ثم يُرضيك به.

أرجو أن تعلم أن مثل هذه الشبهات التي يُردِّدُها الشباب والفتيات الإعلام له دور كبير في غرس هذه المفاهيم المغلوطة، وأرجو ألَّا يكون ما حصل سببًا للفراق الذي حدث بينكما، خاصة وأنت والفتاة ينبغي أن تحتكموا إلى مَن هو أعلم، فإن الناس إذا اختلفوا في مثل هذه الأمور ينبغي أن تُرفع إلى أهل الذكر وأهل العلم.

لا أعتقد أن مثل هذه المسائل ينبغي أن يكون الوفاق فيها مائة بالمائة، وأيضًا كونها تُخالف، وكونها تقول مثل هذا الكلام، قد لا يدلُّ على سوءٍ فيها، لكن يدلُّ على أن الشبهات تُسيطر عليها، أو يدلُّ على أنها قليلة العلم.

بالتالي أرجو إذا كان هذا هو الإشكال الوحيد وهي صامدة على الخير، ومُصلّية ومُطيعة لله تبارك وتعالى، أن تُعطوا أنفسكم فرصة، ولا ننصح بمناقشة مثل هذه الأمور الشرعية بينكما، وإنما مثل هذه الأمور تُرفع إلى أهل العلم وإلى أهل الاختصاص، حتى يستطيع الإنسان أن يرجع في هذا المجال إلى أهل الذكر وأهل العلم، {فإن تنازعتم في شيءٍ فردُّوه إلى الله والرسول}، ويقول أيضًا: {فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون}، ونتمنَّى من الله تعالى أن يُعينك على إكمال هذا المشوار.

أمَّا إذا كانت هناك أسباب أخرى، وكان هذا الرفض فعلاً عنادًا وبُعدًا وتقصيرًا ويدلُّ على ما بعده فهذا أمرٌ آخر، وعندها لا ينبغي أن تحزن، لأن ما يُقدّره الله لنا وما يختاره الله لنا خيرٌ ممّا نختاره لأنفسنا، وإذا توجّه الإنسان إلى الله في الدعاء ثم بعد ذلك لم تأتِ الإجابة؛ هذا لا يدلُّ على أنه غير موفّق، ولكن قد يدلُّ على أنه هناك خير، لأن الإنسان قد يحبُّ شيئًا والخير في سواه، ورحم الله الإمام ابن الجوزي عندما ذكر أدب السلف، قال: (كانوا يسألون الله فإن أعطاهم شكروه، وإن لم يُعطوا كانوا بالمنع راضين، يرجعُ أحدهم بالملامة على نفسه فيقول: مِثْلُك لا يُجاب) وفي هذه الحالة يبدأ يراجع نفسه إن كان هناك تقصير أو نحو ذلك، (أو يقول: لعلَّ المصلحة في ألَّا أُجاب)، فكم من إنسان طلب شيئًا ومن رحمة الله به أنه لم يستجب له ذلك الدعاء، لأن هلاكه سيكون في ذلك الذي طلبه وهو لا يدري.

لذلك الإنسان يبذل الأسباب ثم يتوكل على الكريم الوهاب سبحانه وتعالى، وأرجو أن تُكلّمها بعقل بأن هذه الأمور نرجع فيها إلى أهل الاختصاص، حتى يمكنها أن تتواصل مع الموقع، ودعها تكتب للإخوة في قسم الفتوى، أو تتواصل مع موقعنا موقع إسلام ويب، تعرض هذه القضية، حتى يُناقشوها عن علم، حتى يتكلموا معها في مثل هذه الأمور.

نسأل الله تعالى أن يُقدّر لك الخير ثم يُرضيك به، وأن يلهمك السداد والرشاد، وأن يثبتك على هذا الخير وعلى هذا الإقبال على كتاب الله وعلى السجود لله تبارك وتعالى، ونسأل الله لنا ولك ولها الهداية والثبات.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً