الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيف أتغلب على مشكلة الصراخ والانفعال السريع؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

لدي مشكلة الصراخ والانفعال السريع، وأيضا التحدث بصوت مرتفع، لست متأكدة لكن أظن أنني اعتدت على الصراخ لأن كل من في البيت تقريبا يصرخ عند الانفعال، أما بالنسبة للتحدث بصوت مرتفع لا أعلم كيف ومتى بدأت ذلك! وعندما أحاول أن أتحدث بصوت منخفض أحس أني سأختنق ولا ألبث طويلا وأعود لرفع صوتي.

وأصبحت أعاني أكثر عندما أصبحت أدرس في الجامعة، وكنت أتعمد لبعض الوقت البقاء وحيدة وعدم التكلم مع الأخريات لكي أبقى رزينة -أو بالأحرى أبدو رزينة وهادئة؛ لأني أكره أن ينظر إلي على أني قليلة أدب-، وحتى داخل المنزل بالكاد صوتي يصل إلى كل سكان الحي، وهذا أصبح يزعجني! وأشعر بالإحراج الشديد جراء هذا وأريد أن أضع حلا له.

بماذا تنصحونني؟ وكيف أغير من نمط وطريقة كلامي؟

بارك الله فيكم، وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أسماء حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نرحب بك في الشبكة الإسلامية، ونسأل الله لك التوفيق والسداد.

لديك استشارات سابقة في مواضيع مختلفة، وقد أجاب عليها الشيخ الدكتور أحمد الفرجابي، جزاه الله خيرًا، فأرجو أن تأخذي بكل الإرشادات والمواعظ التي ذكرها لك، فهو من العلماء الأجلّاء.

بالنسبة لك من الناحية النفسية – أيتها الفاضلة الكريمة -: هذا الصراخ والانفعال السريع دليل على وجود قلق نفسي انفعالي داخلي. الأمر في غاية البساطة، كلنا نحتاج أن ننفعل، كلنا نحتاج أن نقلق، لكن هذا يجب أن يكون بضوابط، ويجب أن نعرف كيف نُديره، فالقلق النفسي طاقة إنسانية ممتازة، الذي لا يقلق لا ينجح، لكن حين يحتقن القلق وحين نُعبّر عنه بصورة خاطئة يُؤدّي إلى مثل هذه التفاعلات النفسية السلبية، وأعتقد أن الأمر متعلِّقُ بالبناء النفسي لشخصيتك، وأنا أؤكد لك أن هذا ليس مرضًا، وإن شاء الله تعالى بمرور الأيام سوف تتحسَّن الأمور كثيرًا، فأنت في عمرٍ تنجرف فيه في بعض الأحيان المكونات النفسية الوجدانية الانفعالية.

كل المطلوب منك هو الآتي:

أولاً: يجب أن تتجنبي الكتمان، يجب أن تُعبّري عن نفسك أوَّل بأوّل، خاصة الأشياء التي لا ترضيك، لأن بعض الناس أقلَّ الاحتقانات النفسية الناتجة من الكتمان تُؤدّي إلى هذه الانفجارات ورفع الأصوات والصراخ وغيره. فإذًا التعبير عن الذات، وأنا أودُّ أن ألفت نظرك – أيتها الفاضلة الكريمة – أن النفس لها محابس، يجب أن نفتح هذه المحابس حتى لا تحتقن النفس وتنفجر الأمور.

الأمر الثاني هو: أن تُكثري من الاستغفار، هذا مهمٌّ جدًّا، الاستغفار يُريح النفس، وأن تعرفي العلاج النبوي للغضب، اقرئي في السُّنَّة المطهرة مثلاً في كتاب (الأذكار) للإمام النووي، سوف تجدين كيف يتعامل الإنسان مع الغضب، الرسول صلى الله عليه وسلم وجَّهنا ونصحنا أنك إذا غضبتَ غيّر وضعك، إن كنت جالسًا فقم، أو اضطجع. تغيير المكان يُغيّر الوجدان، وتغيير وضع الإنسان يُؤدّي إلى تغيير الانفعالات، وبعد ذلك اتفلي على شقك الأيسر ثلاثًا، استغفري، استعيذي بالله تعالى من الشيطان، توضئي... هذه العلاجات النبوية لو طبقتِها لمرة واحدة سوف تفيدك، فقد أفادني الإخوة الذين نصحتهم بهذه العلاجات أن يلتزموا بها، وهناك مَن أتاني وقال لي أنني الحمد لله قد طبّقتها، وفي المرات التالية حين أغضبُ مجرّد أن أتذكَّرُ هذه الخطوات العلاجية النبوية ينقشع عني الغضب تمامًا.

العلاج الثالث هو: أن تُطبّقي تمارين استرخاء، تمارين التنفُّس المتدرِّج، وتمارين شدِّ العضلات وقبضها ثم استرخائها. وتوجد برامج ممتازة جدًّا على اليوتيوب توضح كيفية تطبيق تمارين الاسترخاء، فأرجو أن تحرصي عليها.

رابعًا: ممارسة الرياضة، أي رياضة تناسب الفتاة المسلمة سوف تكون ذات فائدة عظيمة جدًّا.

خامسًا: تجنّبي السهر، واحرصي على الترتيب الغذاء السليم.

سادسًا: أحسني التواصل الاجتماعي، خاصة مع الصالحات من الفتيات.

سابعًا: اسعي لبرّ والديك، فهذا فيه خيرٌ عظيم وعظيم جدًّا بالنسبة لك.

هذه هي الرزمة العلاجية الإرشادية الضرورية، وإنْ طبقتِها أنا على ثقة تامّة أن كلّ هذه الانفعالات السلبية سوف تتحوّل إلى انفعالات إيجابية.

وحتّى نستكمل الصورة الإرشادية النفسية الكاملة أريد أن أصف لك دواءً، دواء بسيط جدًّا سوف يُساعدك إن شاء الله تعالى في أن تقلّ هذه الانفعالات السلبية وهذه التوترات، الدواء يُسمَّى (سيبرالكس) واسمه العلمي (اسيتالوبرام)، أريدك أن تتناولينه بجرعة نصف حبة – أي خمسة مليجرام – يوميًا لمدة عشرة أيام، ثم اجعليها حبة واحدة يوميًا لمدة ثلاثة أشهر، ثم نصف حبة يوميًا لمدة أسبوعين، ثم نصف حبة يومًا بعد يومٍ لمدة أسبوعين آخرين، ثم توقفي عن تناول الدواء. الدواء أصلاً لعلاج الاكتئاب، وأنت لست مكتئبة، لكنّه يفيد أيضًا في القلق والتوترات والانفعالات السلبية، وهو غير إدماني وغير تعودي، ولا يضرُّ بالهرمونات النسائية.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأكثر مشاهدة

الأعلى تقيماً