الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أشعر بخوف شديد من القيادة بمفردي

السؤال

السلام عليكم ورحمه الله وبركاته.

أنا شاب بعمر 25 سنة، أشعر بخوف شديد من القيادة بمفردي، تأتيني أفكار هلع، ووسوسة الخوف من الضياع، أخاف أن أطلع من بيتي وأذهب لمكان بعيد.

أبحث عن عمل وحين يتيسر العمل لا أستطيع أن أذهب، أشعر بخوف شديد، وتعبت من حياتي، لأني قادر على أن أخرج ولا أخرج لمكان، غضبت من نفسي، لا أحب التجمعات، أحب أن أجلس وحدي، ما العلاج يا دكتور؟ تعبت نفسي، والله وحده العالم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ سالم حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نحييك - يا أخي - في الشبكة الإسلامية، ونسأل الله لك العافية.

من البداية أقول لك - يا أخي -: هوّن عليك، فالأمر أبسط ممَّا تتصور، الذي لديك نسمّيه بقلق المخاوف، ويأتيك في شكل خوف وقلق اجتماعي وتجنب المواجهات، ومنها قيادة السيارة. المخاوف كثيرة وموجودة، وأنا أطمئنك أنك لست بالجبان، ولست ضعيف في شخصيتك أبدًا، وقد أثبت بما لا يدع مجالاً للشك أن المخاوف هي سلوك خاطئ مكتسب، يتعلَّمه الإنسان طبعًا دون قصدٍ منه، والإنسان يمكن أن يكون مروّضًا للأسود ويخاف من القِط، هذا مثبت أيها الفاضل الكريم.

أعرفُ شخصًا يحب رؤية التماسيح كثيرًا، ولكنّه يخاف من أحد الأسماك، فسبحان الله هذه المخاوف هي هكذا، تخصُّصيَّة جدًّا، اكتسابها وتعلُّمها هو الأساس، لذا يمكن أن يفقدها الإنسان من خلال التعليم المعاكس.

أنا أؤكد لك أنك إذا خرجت، صلَّيت مع الجماعة في المسجد، هذا الخوف سوف يأتيك أيضًا، لكنّه بعد ذلك يبدأ في التلاشي، ولن يحدث لك أي شيء، لن تسقط أمام الناس، لا أحد يُراقبك، إذًا مبدأ التعريض والتعرُّض للمخاوف دون الهروب من الموقف هو العلاج الأساسي.

تثق في نفسك، وتتذكّر دائمًا شرحي لك أن هذا الأمر أمرٌ مكتسب، وهو ليس دليل على الجبن أو ضعف في الشخصية، والشيء الذي اكتسبه الإنسان وتعلَّمه سوف يفقده من خلال التعليم المضاد، والتعليم المضاد في هذه الحالة هو المواجهة، مواجهة التجمُّعات، الذهاب إلى أي مكان، ولا تتخلَّف عن المناسبات، خاصَّةً زيارة المرضى، المشي في الجنائز، حضور الأعراس. أخي: هذه فيها فائدة عظيمة، وأنا أؤكد لك أنه لن يحدث لك شيء، نعم سوف تحس بشيء من الوجل والخوف وتتحسَّس وقد يتسارع قلبك، لكن لا أحد يراقبك، هذه مشاعر خاصَّةً بك.

السيارة – يا أخي – تذكّر أنها نعمة عظيمة، أنعم الله بها علينا، وعلى العكس تمامًا قيادة السيارة شيء ممتع لكثير من الناس، وأنا أبشّرُك أن تناول أحد الأدوية المضادة للمخاوف سوف يفيدك، ويفيدك بصورة قاطعة، لكن يجب أن تلجأ إلى التطبيقات التي ذكرناها لك، والتي نُسمِّيها بالتطبيقات السلوكية.

الدواء الذي أريدك أن تتناوله يُسمَّى (سيرترالين)، له مسمَّيات تجارية كثيرة، منها (زولفت)، و(لوسترال)، وربما تجده في اليمن تحت مسمَّى تجاري آخر، فالشركات التي تصنع هذا الدواء كثيرة ومختلفة.

تبدأ في تناول السيرترالين بجرعة نصف حبة (خمسة وعشرين مليجرامًا) يوميًا، حيث إن الحبة تحتوي على خمسين مليجرامًا، تتناول جرعة البداية هذه لمدة عشرة أيام، بعد ذلك اجعل الجرعة حبة واحدة يوميًا – أي خمسين مليجرامًا – لمدة أسبوعين، ثم اجعلها مائة مليجرام يوميًا لمدة شهرٍ، ثم اجعلها مائة وخمسين مليجرامًا – أي ثلاث حبات – وهذه هي الجرعة العلاجية الصحيحة في حالتك.

يمكن أن تتناول حبة واحدة في الصباح وحبتين ليلاً – أي خمسين مليجرامًا صباحًا ومائة مليجرامًا ليلاً – استمر على هذه الجرعة العلاجية لمدة ثلاثة أشهر، ثم بعد ذلك خفض الجرعة إلى مائة مليجرام لمدة ثلاثة أشهر أخرى، ثم اجعلها حبة واحدة يوميًا لمدة ثلاثة أشهر أيضًا، ثم نصف حبة يوميًا لمدة أسبوعين، ثم نصف حبة يومًا بعد يومٍ لمدة أسبوعين آخرين، ثم توقف عن تناول الدواء.

السيرترالين دواء رائع، وفاعل، وسيفيدك كثيرًا إن شاء الله تعالى، وحتى أتأكد إن شاء الله من فعاليته ونفعه أريدك أن تُدعمه بدواء آخر بسيط جدًّا يُسمَّى (رزبريادون)، تناوله بجرعة واحد مليجرام لمدة ثلاثة أشهر، ثم توقف عنه، لكن استمر في السيرترالين بنفس الكيفية والجرعة والمدة التي ذكرتها لك.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأكثر مشاهدة

الأعلى تقيماً