الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل ذنوبي تقف حاجزاً بيني وبين صلاة الاستخارة؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أولا: أشكر القائمين على هذا الموقع الجميل، وأشكر كل الأساتذة والمشايخ والدكاترة في هذ الموقع.

أحب أن أطلب نصيحة منكم وأريد إجابة لما حدث لي:

كنت أعمل في شراء العملات ثم بيعها لنقل العمل في تداول وفوركس، قبل عدة أيام أتاني شخص وقال لي: إنه سيضاعف لي أموالي لأنه خبير في التداول، وبصراحة أقنعني لأنني كنت أملك رأس مال صغير، لذلك ربحي في الشهر قليل، فأردت أن يكون كبيرا -لنقل أنه طمع زائد-، ولكن قبل كل شيء قلت لأستخير الله؛ فلعل هذا الخبير ينصب علي ويضحك علي ويسرقني، فاستخرت الله مرتين، مرة بعد صلاة المغرب،
ومرة بعد صلاة العشاء؛ لأنني في المرة الأولى قلت يمكن أن استخارتي لن تقبل فاستخرت مرة أخرى.

لكن الرجل سرقني ونصب علي، لم يقهرني أنه سرقني ولكن أنني استخرت ربي، علماً أنه ليست المرة الأولى التي أستخير الله فيها، فأنا معتاد على أن أستخير الله في كثير من الأمور، فما السبب؟ هل لأنني أكثرت من المعاصي أم من ضعف الإيمان؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الابن الفاضل/ omer حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك -ابننا الفاضل- في الموقع، ونشكر لك الثناء على القائمين على الموقع، ونؤكد أننا جميعًا في خدمة أبنائنا الفضلاء من أمثالك، ونسأل الله تبارك وتعالى لنا ولكم التوفيق والسداد والرزق الواسع والعلم النافع.

ابننا الكريم: أرجو أن تُدرك أن الاستخارة هي طلب الدلالة للخير ممَّن بيده الخير سبحانه وتعالى، والمؤمن وهو يدخل الاستخارة ينبغي أن يدخلها بيقين، لأن الاستخارة دعاء، وما ينبغي أن يدخلها على سبيل التجربة، لأن الله تبارك وتعالى بيده ملكوت كل شيء سبحانه وتعالى، ولا يُعجزه شيء في الأرض ولا في السماء، ومهما حصل للإنسان بعد الاستخارة فإنه ينبغي أن يحرص على الرضا، لأن الذي حصل هو الذي قدّره تبارك وتعالى، وما قدّره الله هو الخير، وكما كان قائل السلف يقول: (لو كُشف الحجاب ما تمنَّى أصحاب البلاء إلَّا ما قُدِّر لهم)، وكما قال عمر بن عبد العزيز: (كنا نرى سعادتنا في مواطن الأقدار).

عليه أرجو أن تكون ممَّن إذا أُعطي شكر، وإذا ابتُلي صبر، وإذا أذنب استغفر، وأرجو ألَّا يحملك ما حصل إلَّا على مزيد من اللجوء إلى الله ومزيد من استحضار القلب ومزيد من الاستمرار في مسألة الاستخارة، التي نُحبُّ أن نذكّر أيضًا أنها لا تعني أنه لا يحدث للإنسان صعوبات أو لا تُواجهه أمور، لكن المهم في الاستخارة هي أنها تعني أن الإنسان توكّل على الله وعمل الذي عليه، وبعد ذلك ستمضي الأمور كما قدّره ربُّنا القدير سبحانه وتعالى.

أمَّا ما ذكرتَ من إكثار المعاصي فلا شك أن للمعاصي شؤمها وثمارها المُرّة. إذًا نحن ندعوك إلى ترك المعاصي، لأن للمعاصي آثارا خطيرة، فهي سببٌ لظلمة الوجه، وضيق الصدر، وتقتير الرزق، والبُغض في قلوب الخلق. وكذلك أيضًا عندما يضعف الإيمان تأتي مثل هذه الأفكار، وتأتي مثل هذه الظنون.

فاستمر على الطاعات، وتجنّب ما يُغضب رب الأرض والسماوات، واستمر في استخارتك ودعائك وارتباطك بالله تبارك وتعالى، الذي بيده ملكوت كل شيء، وعندما تريد أن تدخل في تجارة أو عمل ينبغي أن تسلك الأسباب، ومنها الاستخارة، ومنها دراسة الجدوى، ثم منها التعارف على هذا الشريك، من حقنا أن نسأل ونبحث، الإنسان ينبغي أن يتخذ الأسباب كاملة، ثم يتوكل على الكريم الوهاب، ويرضى بما يُقدّره الله تبارك وتعالى.

نسأل الله أن يعوضك خيرًا، ونُكرر لك الشكر على الثناء على الموقع والتواصل معه، وأيضًا نشكر لك هذا الاهتمام والسؤال، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يُبارك فيك، وأن يملأ يديك بالمال الحلال، هو وليُّ ذلك والقادرُ عليه.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات