الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

ابني البالغ يسرقني

السؤال

ماذا أفعل لابن يسرقني وهو ابن 16سنة؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم‏
الأخت الفاضلة/أم أحمد حفظها الله.‏
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فإنّه ليسرّنا أن نرحب بك في موقعك استشارات الشبكة الإسلامية، فأهلاً وسهلاً ومرحباً بك في ‏موقعك، وكم يُسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأله جل وعلا أن يصلح لك ‏ولدك، وأن يغفر له، وأن يأخذ بيده إلى الصراط المستقيم ومحاسن الأخلاق.‏

وبخصوص ما ورد برسالتك، فإن ما يفعله ولدك من سرقة بعض الأشياء منك أو من المنزل لأمر محزن ‏حقاً؛ لأن السرقة تصرف ممقوتٌ في الشرع والعرف والتمادي فيه عواقبه وخيمة، وهي مسألة ‏تستحق الاهتمام والمتابعة فعلاً، إلا أنه يبدو لي أنكم لم تكتشفوا هذه العادة القبيحة عند ولدكم إلا ‏متأخراً؛ لأن الميل أو الرغبة في السرقة قد ينشأ مع الطفل منذ طفولته الأولى حتى دون أن يعرف معنى ‏السرقة، وإنما قد يسرق رغبةً في التملك ومحاكاة وتقليد الآخرين، وقد يسرق بدافع الحرمان أو ‏الشعور بالنقص...إلى غير ذلك من الدوافع السلوكية المنحرفة، وقد يكون من أسباب الوقوع في ‏السرقة الصحبة السيئة ورفاق السوء، وهذه حقيقةً من أهم العوامل التي تدفع الشاب لمثل هذا ‏التصرف، ولذلك أنصح بضرورة معرفة أصدقاء ولدك دون أن يشعر، فقد يكونون هم السبب فعلاً ‏لدفعه لارتكاب هذه الجريمة، وإذا ثبت ذلك فعليكم الاجتهاد في إبعاده عنهم.‏

وأنصح كذلك بضرورة عقد جلسة مصارحة مع ولدك بدون تأنيب أو توبيخ، وإنما للبحث عن ‏الأسباب والدوافع التي تؤدي إلى فعل هذه المعصية، فقد يكون السبب إنما هو الحرمان والتقصير عليه ‏وعدم إعطائه ما يكفيه من المصروفات، وشعوره بأنه أقل من زملائه، مما يضطره إلى اللجوء إلى ‏السرقة، فأنصح بضرورة عقد هذه الجلسات حتى ولو تكررت، وعلينا أن نشعر الولد بأننا نريد ‏مساعدته وليس عقابه، وبشيءٍ من الهدوء والتفاهم نستطيع أن نعرف الدوافع، وهذا أهم شيء، فإذا ‏أمكنكم القضاء على هذه الدوافع ومساعدته وفق ظروفكم مع إشعاره بخطورة وقبح فعله، وأن هذا ‏غير مقبول مطلقاً لا شرعاً ولا عرفاً ولا قانون، وأن آثاره وخيمة وعواقبه أليمة، فذلك إنجازٌ عظيم، ‏وذلك كله يتأتى بشيءٍ من الإشعار بالحب والحرص على مصلحته، فإذا أقلع عن هذه المعصية ‏وتركها فهذا رائع، وإذا لم تفلح هذه الجلسات في مساعدته فأرى أن تعرضوه على أخصائي نفساني ‏لإجراء تحليل نفسي له ومساعدته في التخلص من هذه الآفة، وأرجو أن لا تستخفوا بالعلاج النفسي؛ ‏لأنه من أعظم وسائل الشفاء ومن الأخذ بالأسباب، وعليكم بربطه بالله والصحبة الصالحة، وحفظ ‏القرآن، وحضور مجالس العلم، والإكثار من الدعاء، وسوف يصلحه الله تعالى.

والله ولي الهداية والتوفيق.‏

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً