الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

لدي العديد من أعراض التوحد، فهل أنا مصابة به؟

السؤال

قرأت عن المتوحدين، وقمت باختبار في موقع طبي، وقالوا أني أمتلك عديد من صفات طيف التوحد فمثلا عندي ضعف في التركيز، سرعة النسيان الخيال الواسع، الانزعاج من أصوات عالية أو أصوات معينة - خاصة عندما أكون أحاول التركيز في شيء مثل الرسم - القلق من الاجتماع مع الناس والعمل الجماعي.

لا أحب الالتزام بجدول بل أفعل ما يحلوا لي، ولكن لا يلزم التكرار، وكذلك الحساسية الزائدة، وفي نفس الوقت أحيانا أفتقر للحساسية أشعر بالقلق في المواقف الاجتماعية، ولا أحبذ أن يشاركني أحد في شيء، وأحيانا لا أفهم شعور الآخرين، ولا أريد فهمه، وأهتم بموضوعات معينة مثلاً عندي اهتمام بالفساتين الأوروبية القديمة، والأشياء القديمة التي من جيل أمي، أو جدتي، وغالبا لا أفهم لغة الجسد، وكثير من الأحيان آخذ الكلام بشكل حرفي، وهذا يسبب لي مشاكل.

كذلك كنت أدرس في فصول تسمى الفصول الخاصة بسبب أني بطيئة التعلم والفهم، لم أفلح مع الفصول العادية، ولم أكن مرتاحة مع زميلاتي، ولكن كنت مرتاحة في الفصول العادية، وكنت مرتاحة إلى حد ما أكثر للبنات هناك، ولا أرتاح فقط لمن لديهم بطء تعلم، ولكن أرتاح للمتوحدين بسبب مشاركتهم لي في بعض السمات، وأشعر أنهم يتفهمونني أكثر من الناس العاديين الذي قد يعاملونني على أني غريبة الأطوار، وبعضهم يفترض اني متوحدة بغير علم.

أخشى أن هنالك أعراض، ولكن ربما نسيتها …
لن أحزن لو قلتم أني متوحدة، أو عندي مجرد طيف للتوحد، ولكن الشيء الوحيد الذي يحزنني أنهم يقولون عقل المتوحد متوقف على سن أطفال معين، وأنا عمري ٢٣ ، لا أريد أن يكون عقلي أصغر من عمري مع أني أرى متوحدين ناضجين في التفكير.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ مريم حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أرحب بك في إسلام ويب، وأسأل الله لك العافية والتوفيق والسداد.

أعتقد أنه ربما يكون هنالك اختلاط أو عدم وضوح في المفاهيم النفسية، فأنت متخوفة أنك قد تكوني مُصابة بمتلازمة التوحُّد والتي تُعرف بـ (الذواتية)، وقطعًا ليس لديك أبدًا عرض من أعراض هذه المتلازمة، لكن لديك شيء ممَّا نُسمّيه بـ (قلق حب الوحدة) بمعنى أنك تحبّين الانطوائية والعزلة، وليست لديك تفاعلات اجتماعية إيجابية كثيرة، لأنه لديك شيء من (الرهبة الاجتماعية).

فأنا لا أرى لديك أي أعراض من أعراض متلازمة التوحُّد، ومَن قال لك أنك تعانين منها، أو أن عقلك عقل متوحِّد، هذا ليس أمرًا صحيحًا أبدًا. فأرجو – أيتها الفاضلة الكريمة – أن تُصححي المفاهيم.

وقلق المخاوف البسيط الذي لديك يمكن احتوائه تمامًا، ويمكن أن يُعالَج بصورة إيجابية جدًّا. عليك أن تضعي برامج يوميّة لإدارة وقتك، بشرط أن تُخصصي أوقاتًا للتفاعل الاجتماعي، وأوقات للعمل، وأوقات للجلوس مع الأسرة، وأوقات للعبادة، وتكون لك آمال وتطلُّعات مستقبلية، ولا تخافي من المستقبل، فالمستقبل بيد الله، ولا تعيشي في ضعف الماضي، إنما تعيشي في قوة الحاضر، واجعلي أهدافك في الحياة واضحة، واسعي لتحقيقها، وذلك من خلال: وضع الآليات التي تُوصلك لغاياتك.

وضعك في الفصول الخاصة بسبب اني بطيئة التعلم والفهم: قد يكون من قبيل الخطأ، ليست هناك دقة في المقاييس في بعض الأحيان، مع احترامي الشديد للقائمين على هذا الأمر.

الطريقة التي كُتبت بها رسالتك، وبما أنك الآن تشغلين وظيفة سكرتيرة: هذه أدلة كافية بالنسبة لي أنه ليس لديك أي نوع من التأخُّر المعرفي.

أرجو أن تثقي في نفسك أكثر، ولا تلتفتي أبدًا لما يُقال حول مقدراتك، بعض الناس بكل أسف يُرسلون رسائل سلبية جدًّا لمن حولهم. عزّزي ما هو إيجابي في ذاتك، واسعي للمزيد من التطور المعرفي والاجتماعي والسلوكي، وأنا أنصحك بالحرص على النوم المبكّر، لأن ذلك يُساعد الإنسان للاستيقاظ مبكِّرًا، ويكون نشطًا ومتفاعلاً بصورة إيجابية، ودائمًا أنا أقول أن النوم المبكّر هو بداية ممتازة لحسن إدارة الوقت.

ممارسة أي نوع من التمارين الرياضية التي تناسب الفتاة المسلمة أيضًا سوف تساعدك كثيرًا.

سيكون من الجيد أن يكون لك مشروع حياة، مثلاً الدخول في دراسات عُليا، الدخول في مشروع لحفظ القرآن أو على الأقل أجزاء من القرآن الكريم، مهمٌّ جدًّا أن يكون للإنسان مشروع حياتي خاصٌّ به، لأن الإنجاز في محيط مُعيَّنٍ من خلال القيام بهذه المشاريع الحياتية يجعلك أيضًا تُنجزُ أشياء أخرى كثيرة، أهداف كنت لا تتصورها أبدًا، وتجد أنها قد أُنجزتْ بصورة ممتازة جدًّا.

أنا لا أراكِ في حاجة لعلاج دوائي، وأرجو أن تطمئني، وبارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً